تزوجت وهي في الخامسة والعشرين. وبعد ثلاثة أعوام من الترقب والقلق، وقع الخبر السعيد بحدوث الحمل. تنفست الصعداء وبدأت تشعر بالهدوء النفسي والطمأنينة. وبعد تسعة أشهر وضعت طفلها الأول بسلام. ترعرع الطفل ونما وبلغ السنتين. قررت الأم أن تنجب طفلاً آخر. مضى شهر، شهران، سنة، سنتان، دون أن تستطيع الأم أن تحمل. أخذت العادة الشهرية لديها تأتي في فترات متباعدة، وبدأت تعاني من توهج في الوجه من حين إلى آخر. قرعت باب الطبيب المختص مستفسرة عن سبب عدم قدرتها على الحمل. خضعت لبعض الفحوص الطبية، وأجرت عدداً من التحاليل المخبرية. جاءت النتائج الأولية لتشير إلى وجود فشل في المبيض في إنتاج البويضات اللازمة للإلقاح.
د. منذر عزام أخصائي الجراحة النسائية والتوليد والعقم المعروف أن المرأة تملك مبيضين يحتويان على مخزون محدد من البويضات يقدر بنحو خمسة ملايين بويضة عند الولادة، إلا أن ثلثي هذا العدد يـمـوت في الأشـهر الثلاثة الأولى من العمر، وما إن تصل الأنثى إلى مرحلة البلوغ حتى يفنى قسم كبير من تلك البويضات، بحيث لا يبقى سوى عدد يتراوح بين 400 إلى 500 ألف بويضة، ومن هذا الرقم تحتاج المرأة من 400 إلى 500 بويضة ناضجة طوال الفترة الإنجابية. ويقوم المبيض شهريًّا بإنتاج عدد من البويضات وتطويرها، إلا أن واحدة منها فقط تنضج وتستطيع أن تصل إلى الحجم الكامل المناسب لعملية التلقيح، أما الباقي من البويضات فمصيره التحلل والزوال. ويبدأ نشاط المبيضين منذ سن البلوغ، أي من عمر 11 إلى 13 سنة، ويستمر في الظروف الطبيعية حتى مشارف سن الخمسين، وعندما يتوقف المبيضان عن إنتاج البويضات يقال عندها إن المرأة دخلت مرحلة سن اليأس.
سن اليأس المبكرة غير أن بعض النساء، لسبب أو لآخر، قد يدخلن رحاب سن اليأس في عمر أبكر من الخمسين، أي قبل الأربعين أو حتى في الثلاثينات من العمر، بل هناك فتيات عانين من سن اليأس في العشرين، ما يعتبر مشكلة كبيرة للغاية بل كارثة صحية، لأنها تحرم المرأة من أعز شيء لديها وهي الأمومة، لعدم قدرة المبيض على إنتاج البويضات وهرمون الأستروجين اللازمة للحمل، أي الإصابة بالعقم. وتحدث سن اليأس المبكرة لدى واحد في المئة من النساء اللواتي تنقطع لديهن الدورة قبل سن الأربعين. ولا تحل سن اليأس المبكرة على صاحبتها فجأة بل في شكل تدريجي، إذ يتراجع إنتاج البويضات، وتضطرب الدورة الشهرية التي تأتي على فترات متباعدة إلى أن تتوقف كليًّا.
تغييرات ويصاحب هذه التغيرات خلل على صعيد الهرمونات، وتلوح في الأفق مظاهر سن اليأس المبكرة التي تتمثل في المؤشرات الآتية:
- توقف العادة الشهرية.
- توهج الوجه والهبات الساخنة المفاجئة والمتكررة خصوصاً في الليل.
- عدم القدرة على الإنجاب.
- اضطرابات في النوم والمزاج.
- القلق والكآبة والشعور بالضيق.
بعد سنوات عدة تحدث تغيرات طارئة في الجهاز البولي والتناسلي والعظمي، مثل التبول اللا إرادي، وارتخاء المهبل، وداء هشاشة العظام.