د. مصطفى مشرفة
كان د. مشرفة ينتمي إلى تلك المجموعة الصغيرة والمميزة التي كانت على علاقة وثيقة بالعالم الكبير أينشتاين. وقد ساهم في إثراء نظرية النسبية الخاصة بأينشتاين. وكان رائداً عربياً في مجال العلوم الطبيعية. وقد كتب 26 ورقة بحث بارزة وشملت التفسيرات النظرية عن الظواهر الطبيعية. كما دافع عن نظرية سهّلت دراسة هيكلية الذرّة الأساسية. وقد صمّم على نشر التوعية العلمية بين الناس وكتب عدداً من المقالات والكتب للعامة عن العلم بأشكاله البسيطة. وساهم في كتابة الموسوعة العلمية العربية بالإضافة إلى الكتب عن الإرث العلمي العربي. كما عارض استخدام الطاقة الذرية في الحروب وحذّر من استغلال العلم كوسيلة من وسائل الدمار. كان الطالب الأصغر سناً في صفّه ولكن الأكثر دراية في الوقت ذاته. فنال الشهادة الابتدائية عام 1910 وحلّ في المرتبة الأولى في البلاد. وفي سن الـ16، نال شهادة البكالوريوس عام 1914 وكان الطالب الأصغر سناً عندما حاز هذه الشهادة في تلك الفترة. وفضّل الالتحاق بدار المعلمين العليا عوضاً عن الانضمام إلى كلية الطب أو الهندسة بسبب معرفته الكبيرة في الرياضيات، وتخرّج في العام 1917. بفضل معرفته الكبيرة في الرياضيات، أرسلته وزارة الثفافة المصرية إلى إنكلترا وحاز فيها شهادة بكالوريوس في العلوم من جامعة توتنهام عام 1920. وبناءً على توصية الجامعة الانكليزية، قررت الجامعة المصرية أن تقدم لمشرفة منحة أخرى لإكمال أطروحة الدكتوراه، بصفته طالباً داخلياً. وفي أثناء إقامته في لندن، تم نشر الكثير من أبحاثه العلمية في المجلات العلمية البارزة. ونال شهادة الدكتوراه عام 1923 من الكلية الملكية في لندن في أقصر مدة ممكنة، وذلك استناداً إلى قوانين تلك الكلية. وعام 1924، حاز شهادة دكتوراه في العلوم (وهي الشهادة العلمية الأبرز في العلوم)، وكان المصري الأول والعالم الـ11 في العالم الذي ينال شهادة مماثلة. وعندما عاد إلى وطنه، شغل منصب أستاذ في دار المعلمين العليا. عندما تم افتتاح
الجمعة المصرية عام 1925، أمسى مساعد الأستاذ في علم الرياضيات في كلية العلوم لأن عمره كان يقلّ عن الـ30 سنة، وهو العمر القانوني الذي يتيح لأي شخص شغل منصب الأستاذ. وتم إثارة موضوع ترقيته في البرلمان الذي ترأسه سعد زغلول في تلك الفترة. وأشاد أعضاء البرلمان بمؤهلاته وجدارته التي تخطت تلك التي تمتع بها عميد الكلية البريطاني. وفي العام 1926، ترقّى إلى منصب أستاذ. وأمسى المصري الأول الذي يشغل منصب أستاذ علم الرياضيات التطبيقية في كلية العلوم. كما أمسى عميد الكلية عام 1936. نشر كتاباً عن نظرية النسبية وتُرجم هذا الكتاب إلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية. ثم أعيد نشره في الولايات المتحدة الأميركية. كما نشر قرابة 15 كتابا علميا عن النسبية والرياضيات. وقد أثبت أن "المادة والطاقة والأشعة هي جميعاً الأمر ذاته". كما كان مهتماً بالعلاقة التي تجمع بين الموسيقى والرياضيات، وساعد في هذا الصدد على إنشاء المجتمع المصري لدراسة الموسيقى.