الطيب و الخبيث
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على محمد بن عبد الله الرسول الأمي المبعوث رحمة للعالمين .أما بعد.
أرى حولي اضطرابا عظيما في المجتمع من ناحية تعاملنا بعضنا البعض.
أصبحت الثقة في الآخر شبه معدومة .وهذا لا يتمثل في الشخص الغريب فقط بل أيضا بين الأخ و أخيه و الأب وابنه.
لا أحد يريد أن ينخرط في علاقة جادة مع آخر لأنه لا يستطيع أن يثق به .ولأن الخيانة أصبحت سائدة بشكل كبير في مجتمعنا المعاصر.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم :
سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين،وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة.رواه ابن ماجه وأحمد.
لا أدري أهذه السنوات هي ما نعيشها الآن ؟
قد يحكم الناس على بعضهم البعض بجاههم و سلطانهم و أصلهم و عائلاتهم وشهاداتهم.ولكن في هذه السنون اختلط الحابل بالنابل.فترى من هو من أسرة نبيلة يفعل أفعال لا يفعلها إلا السفهاء .وترى من هو قائم يصلي , يكذب و يغش ويلعن .ومن أنعم الله عليه بالشهادة العلمية العالية يتعامل كالجاهل تماما فيحتال و ينتهز.
فكيف السبيل إلى معرفة من هو حقا أمين ومن هو حقا طيب .
الطيب و الخبيث :
ما معنى طيبا ؟
أهو الساذج الذي يغرره من حوله و يسفهون رأيه ويتخاطفونه من كل مكان؟
لا بالطبع !
الطيب هو تماما مثل الشبه الذي قاله رب العزة في محكم التنزيل عن الكلمة الطيبة:
ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء . تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون.
الطيب كالشجرة الراسخة الثابتة العالية المثمرة .صفات تتسم بالقوة و الشموخ والنفع .
فليس الطيب هو الذي يتخبط بين جدران الحياة و يتعثر في أحجارها بل هو من خبرها و خبر شرها قبل خيرها و أراد أن يكون هو الخير وليس الشر .
قد افترى المجتمع كذبا عندما يروا الساذج طيبا .
ولكن نرى من يحب الخير للناس ويريد أن يساعدهم و لكنه يتعرض بسلوكه هذا إلى سخرية البعض و تحايل البعض الآخر عليه .فهل هذا طيبا ؟
بالطبع هو كذلك و لكن السؤال الأكبر و الأهم هل سيستمر على نفعه للناس أم سيتمرد على نفسه وينقلب إلى شخص يستغل الآخرين و يقتل الطيبة داخلهم .فهذا هو الابتلاء الطبيعي لكل من فيه خير.
والخبيث:
ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار.
بالطبع هو من لا نفع منه وكل خبيث موعده الهلاك بعد ان أمهله المولى أجله ليغير من نفسه .
إبدأ بنفسك:
إذا أردت أن تحظى بالطيبين في تعاملاتك كن طيبا في البداية .
أأنت مقتنع بأن معظم أمورنا مسيرة من قبل مولاك ؟
سأضرب لك مثلا ...مقابلتك لشخص كنت تعرفه منذ عشر سنوات في مصر مثلا ثم سافرت إلى مكة لتؤدي الحج فتجده هناك دون ملايين من البشر في نفس التوقيت.من قدر هذا اللقاء ؟
أتعلم مقدار فرصة أن تلاقي شخصا بعينه بين ملايين الأشخاص في مكان قد تمكث فيه لدقائق ....سبحان من بيده ملكوت كل شيء.
أقصد بهذا المثال أنك عندما تتعرف على شخص جديد ,تدبيرهذا اللقاء بيد مولاك رب العباد .
يقول المولى عز وجل :
الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات.
ويقول المصطفي عليه أفضل الصلاة والسلام :
الأرواح جنود مجندة ما تعرف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
كونك طيبا فيقدر لك الرحمن ملاقاة الطيبين .
ويجعل قلبك لا يرتاح إلا لهم و لا تتقارب إلا معهم .