الحمد
لله رب العالمين الذي جعل الإخلاص سبيلاً للفلاح ونصلي ونسلم على نبينا
الكريم أكمل المؤمنين إيماناً وأفضلهم إخلاصاً وعلى آله وصحبه أجمعين
الذين تربوا على مائدة الدين فتغذوا منها الإخلاص لله رب العالمين .
أمــا بعـد ،،،
يقول الله سبحانه وتعالى
: [ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ]، فيجب على المسلم
أن يكون في سلوكه وقوله وفعله في سره وعلانيته دائماً مخلصاً لله فلا ينظر
لمغنم أو جاه أو لقب أو سمعة أو تقدم أو تأخر أو حب أو كره فلا يقوده الحب
إلى الميل عن الحق أو أن يكون بغضه للشيء سبب في لجوئه إلى الباطل ، فيجب
أن يحب لله ويبغض لله طمعاً في رضاء الله يقول تعالى : [ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ] .
ويقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : من أحب لله وأبغض لله ، وأعطى لله ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ( رواه أبو داوود ) صحيح الجامع .
فالإخلاص
هو الذي توزن به الأعمال ويجب أن تكون غايتنا في كل ما يصدر عنا هي ابتغاء
وجه الله تعالى والنظر لمصلحة الجماعة والمجتمع لا النظر للمصلحة الشخصية .
فانظروا
إلى الصحابة رضوان الله عليهم كان الإخلاص مطبوعاً في نفوسهم ويلتمسون
العزة به حتى أصبحوا سادة الدنيا وغيروا مجرى التاريخ لإيمانهم بأن الله
عز وجل يعز المخلصين فعاشوا سعداء وماتوا كرماء ، يقول تعالى
: [ ولينصرن الله من ينصره أن الله لقوي عزيز ] ، أما حالنا الآن وقد
تكاسلنا عن أوامر ربنا وهدي نبينا وقل إخلاصنا وقلدنا غيرنا بما يغضب ربنا
، فأنى لنا العزة والكرامة ، فعلينا جميعاً أن نتقي الله ونعيد حساباتنا ،
فالموت يطلبنا والميزان موعدنا ، يقول تعالى :
[
فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ] .
قبل أن يأتي يوم نقول فيه : [ ياحسرتي على ما فرطت في جنب الله ] .
واعلموا
أن من مقتضيات الإخلاص أن لا يُعْملُ العمل إلا ويقصد به وجه الله تعالى
حتى يكون العمل مقبولاً ، ولقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم الأعمال
التي لا يقصد بها وجه الله ويقصد بها الرياء والسمعة من الشرك الخفي .
أن
نستشعر مراقبة الله لنا ونعلم أن الإخلاص وتقوى الله هما أساس كل قول أو
عمل نقوم به ، فيجب على كل واحد منا أن يشعر أن عضو من جسم هذه الأمة وله
وظيفة يجب أن يقوم بها بأمانه وإخلاص ونؤثر ما عند الله على مكاسب الدنيا
الفانية ، فبالإخلاص تتولد الفضائل وتنمحي الرذائل في المجتمع .
أحبابنا الكرام اعلموا أن الأعمال التي تتم على غير طريق الإخلاص لا وزن لها عند الله بل تكون حسره على صاحبها يوم القيامة يقول عز وجل : [ وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا ] .
والعكس صحيح فالمرء يثاب على عمل نواه وإن لم يفعله يقول عز وجل : [ ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ] .
يقول
الجنيد : الإخلاص سر بين الله وبين العبد ، لا يعلمه ملك فيكتبه ، ولا
شيطان فيفسده ولا هوى فيميله ، ويقول يعقوب المكفوف : المخلص من كتم
حسناته كما يكتم سيئاته .
ومن
دلائل الإخلاص : (( صدق النية ، مراقبة الله ، التوكل على الله ، الصدق مع
الله ، التحلي بالأخلاق الفاضلة ، الوقوف عند الحلال والحرام ، محاسبة
النفس وذكر الله ))، أما ما يفسد الإخلاص فهو : (( حسن الظن بالنفس ،
الاعتزاز بالعمل ، الرياء ، سوء النية ، التعصب ، الحقد ، الحسد ، سوء
الظن ، إتباع الهوى ، التشبث بالرأي ، خلف الوعد ، قلة الصبر والأنانية ))
،