الوصـــــــــــية الأولـــــــــــــــــى .....:
أهلت عصور الحب فودع الكراهية ..
منذ متى والبشرية ترتعد تحت وطأة صقيع الكراهية وزمهرير البغضاء ؟؟
منذ عهد بعيد ممعن في البعد منذ ساق أحد ابني آدم أخاه إلى المجزر لأن الله رفض قربانه وتقبل قربان أخيه .
والبحث عن الحب بحث عن " القانون " الذي ينظم سير الحياة ويضمن بقائها
وعبر الزمان المديد ، كان الرسل والهداة والمصلحون ينطلقون من ضمير البشرية ليرتادوا المجهول وليبحثوا لها عن قانون حياتها وتضرجت الأرض بدماء الكثيرين منهم .
اغتالتهم الكراهية التي شحذت كل قواها لتفتك بهم قبل أن يفتكون بها ..
وكان كلما ارتفع للحب راية خفقت للبعض رايات وتحرك ميراث الغابة في جيشان صاخب ، أحقابا تلو أحقاب زاعما للناس أن
الحب ضعف انساني وزاعمالهم كذلك أن البقاء للأشد ساعدا، الأحد نابا الأكثر استعارا بنيران الحقد والأنانية والاستعلاء
وتعثرت البشرية وخاضت مستنقعات الكراهية التي كادت تبتلعها ..
فحين يرتبط الانسان بالأرض في قديم الزمان يتخذ الحب من ذلك سبيلا لينمي نفسه داخل ضمير الانسان وروحه
وحين يرتبط بالأسرة يبرز الحب كقانون للعلاقة بين الرجل وزوجته وبين الزوجين وبنيهما ..
وينشر الحب وجوده ويفسح رحابه كاسحا أمامه البغضاء التي كانت تتطوح تحت ضرباته في مثل جنون العواصف وعربدتها
وبعد محاولات وجهود ، اكتشف الانسان أن المحبة هي القانون الحقيقي لوجوده بل للوجود كله !!
تبين الانسان أن الحب قوام طبيعته , وجوهر طينته , وأنه خلق ليحب ويحب , ليألف ويؤلف ..
منذ عهد بعيد وملكوت الحب يقترب ولكنه في عصرنا هذا يسرع في اقترابه .
إن الحياة الانسانية تتقدم ولا تتأخر .. تزدهر , ولا تذوى ..
وحين نبلو أمرها . نجد أن جوهر ازرهارها – هو الحب ..
تأمل تلك الظواهر العابرة في حياتك , وفي حياة الناس تجد الحب جوهر كل ازدهار ..
إذا زارك صديق تحبه ؛ تحول بيتك إلى عرس ومهرجان .
إذا أحببت عملك .. تفانيت في أدائه واتقانه ..
إذا أحببت قانونا ، احترمته ..
إذا أحببت الحياة ؛ لم تفكر في الانسحاب منها ..
وكلنا تمر بنا تلك اللحظات التي تتفجر فيها أنفسنا محبة وشوقا ، وصداقة وود فإذا بأفئدتنا تهفو نحو كل خير وتفيض توقيرا
واحتراما للحياة ، وتبدو الدنيا بهيجة والناس طيبين والمستقبل مغردا ..
لحظات الحبور هذه .. لاتكاد تواتينا صافية مشعة إلا حين تحيا نفوسنا في حالة حب ظافر ..
ونحن نظلم الحياة حين نحسبها فقيرة أو بخيله بهذا الحبور فالحق أنها تعطينا منه بغير حساب لمن يهيئ نفسه لتقبله
وذلك بأن يطهر قلبه من البغض ويحيا في وفاق مع نفسه ومع الناس ..
إن الاحساس بالجمال وبالمحبة وبالحياة قريب من كل فؤاد ذكي وكل قلب سليم ..
فمن مزايا عصرنا هذا أنه عرف – وبوسائله هو – كل القيم الصحيحة واللازمة لاستمرار الازدهار البشري ..
أنت واحد من الجيل الذي وضعت على كاهله تبعات الميلاد .
ميلاد الانسانية والتي من أجلها أرسل الرسل المباركين أيد جهاد الرواد والمصلحين ..
الإنسانية التي تختفي الكراهية من حياتها والتي تقود المحبة العظمى في سلوكها وتهدى خطاها ..
إن الحياة تفتح ذراعيها الحانيتين لتضم إلى صدرها الودود كل محب ودود
وإنها لتنادي الطيبين الودعاء :- إلى يابذور الغد المجيد إلى طلائع البشرية المقبلة ..
لم تعد الحياة الانسانية تأبه إلا للبطولات التي تنطلق من الخير وتمل وفق أغراضه .
لم يعد التاريخ يقف عند ذوي البأس والسطوة .. بل مع ذوي المروءة والحق .!
لم تعد تبهره بطولات الفتح العسكري والسياسي ..
بل تبهره بطولات الفتح الانساني الذي يجمع الشتات ويقاوم التمزق والكره ..
فإذا بذلت من قلبك للآخرين حبا وصفاء ؛ فلن يكون قلبك موضع السخرية ولا الجحود .
إن معايير الحياة الانسانية قد استقامت ونجت من قوى الزيف والمناورة
وإن المحبين الطيبين لن يسلموا بعد اليوم للنكران ولا الضياع
إذا أحببت الناس صادقا فلن يكرهوك أبدا ..
صحيح أنهم قد يفعلون ذلك بعض الوقت لكنهم لن يلبثوا إلا قليلا ثم يعودون إليك تسبقهم قلوبهم ..
ذلك أن أولى مزايا الحب قدرته على منح الآخرين الثقة به والطمأنينة إليه ..وهكذا لايذهب حبك للناس سدى .
ولكن ، كيف تبدأ ؛ لكي تكون محبا ..؟؟
طالما قالت لك الوصايا الأخلاقية .. أحبب جارك أحبب إخوانك أحبب والديك .. أحبب عملك ..
بيد أنني أريد أن أسبق كل هذه الوصايا بوصية أخرى هي : " أحبب نفسك "!
الحق أن من أحب نفسه أحب رفاقه وأحبه رفاقه لأن الذي يعطي هو الذي يملك والعاجز عن حب نفسه هو عن حب غيره أشد عجزا !!
وصدق أفلاطون حين قال :" إن أشق أنواع الصداقات كافة صداقة المرء لنفسه "!
فالحب : مالحب ؟؟
نشاط يهيج تعبر به الروح عن نفسها ..
كيف نمنحه غيرنا ونمنعه أنفسنا ؟!
إننا نحب الأشياء التي نرغبها ونجد في التعلق بها معاناه ممتعة
وفي الفوز بها سعادة فائقة
فإذا قيل لنا أحبوا أنفسكم كان هذا الاستهلال الرشيد لكل حب رشيد ..
وحبك لنفسك مختلف عن الأنانية اختلافا كبيرا
فالأنانية .. هي تعصب وانطواء وغرور بينما الحب يتضمن التسامح والايثار والفهم ..
وأول التزاماتك تجاه حبك لنفسك ، أن تعرف قيمتك فأنت انسان طيب ..
مهمــا تكن عثراتك وأخطاؤك فأنت انسان طيب ولو لم يكن فيك إلا رغبتك الملحة في أن تكون أفضل مما أنت لكفاك هذا ..
إن عوامل الشر الكامنة في أنفسنا والمنتشرة حولنا تطارد نوازع الخير وتتحداها في اصرار ومع هذا ففي أعماقنا دائما نزوع
الخير وحنين إلى الى الكمال ، ومحاولات تكبو مرة وتنهض مرات ..
فلا تكن باخعا نفسك على عثراتها ..
ناقش نفسك في أخطائها .. لكــــــن لا تمتهنها ..
إلوي زمامها عن السوء .. لكن لا تضطهدها ..
إن أكثر الذين يضمرون للناس العداوة والحقد ، إنما يصدرون عن خراب داخلي في أنفسهم التي كرهوها واضطهدوها ..!
إن نفسك جديرة بحبك وباحترامك .. لأنها ليست ذرة تائهة في خواء .. بل هي حلقة ثمينة في سلسلة الكيان الانساني ..
هي عضلة عاملة من عضلات القلب البشري ..!
إن الحب العظيم الذي كان يعمر قلب " محمد " و" المسيح " عليهما السلام .. وقلب " بوذا" وغاندي موجود فيك ومعك ..
وإنك لتملك هذا الرصيد بيد أنك تجهل وسائل استثماره ، ولا تبذل إرادتك جهدا كافيا لبعثه ونشوره .
والدليل على أن حبهم لأنفسهم كان كبيرا – أنهم ندبوها للأعمال الجليلة وللجهاد الكبير من أجل خير الإنسانية كلها
واختاروا لها أشق وأعظم رسالات الحياة .. وجندوها تجنيدا كاملا لقضية الحق ، والخير ، والرحمة والحب ..
وهذا يمنحنا المفهوم الصحيح لحب النفس ..
فحبك لنفسك لا يعني الانطواء عليها وتدليلها .
لا يعني تركها ترعى مع الهمل وتختار من الواجبات والتبعات نفاياتها الهزيلة ..
وإنما حب النفس إذا كان صادقا ورشيدا ؛ يدعو صاحبه إلى ايثار الواجبات الثقيلة والتبعات الرفيعة
والتحليق عاليا في آفاق العظمة .
وأنت لابد تعلم أن الاحتفاظ بروح السلام والود بينك وبين الناس مهمة صعبة .. لكن حبك الذي أنضجته داخل نفسك قادر
على أن يجعل الصعب سهلا ، وولاؤك الوثيق للحب ، كضرورة انسانية ، وقيمة عليا سيجعلك في كل نزاع ، خير ابني آدم وأزكاهما نفسا .
وسوف تلتقي في الحياة بناس تعبق منهم كل عطور التفوق الأخلاقي ..
وهؤلاء لن تتكلف حبهم لأن سموهم ينادي إليهم كل نظير .
وستتلقى بآخرين تعرف منهم وتنكر .. لايشجعون على حبهم بل ولا على الاقتراب منهم .. فيهم الكثير من أخلاق المستنقع ,,!
وهؤلاء فرصة لك فاغتنمها .. إنهم هم الذين سيكشفون عن جوهرك ويفتحون عينيك على المستوى الذي بلغته نفسك في حبها وتفوقها ..
إن العظمة الوافية هي أن تمنح نفس الحب الذي منحته لمن يستحق للذين يعجزون عن حبك بل للذين يكافئونك على الحب بالعداوة ..!!
وعلاقاتك بالناس ، لاتكفي أن تقوم على المجاملة .. بل ينبغي أن تضرب جذورها في الأعماق .. وأن تقوم على الحب الكامل الوثيق ..
ولكي تدرك هذا ؛ عليك أن تبذل جهودا دائبة ليزداد ثراؤك الروحي من :
• التسامح .
• التفوق .
• التفاؤل .
• فضع في حسابك دوما أنك تتعامل مع الجزء الأفضل من الناس ، ولا تكن قوى الذاكرة تجاه اساءاته