يجتنب كثير من الناس بعض المجالس أو أغلبها لحساسيتهم المفرطة تجاه بعض التعليقات أو المواقف او ردود الأفعال أو تباين الحفاوة من شخص لآخر فيعتذرون عن حضورها ليسلموا من إثارة مشاعرهم وهو حل قد يكون ناجعا ومجديا يمنح صاحبه شيئا من السكينة والهدوء ويهبه فرصة للنسيان
ومع تطور وسائل الاتصال أصبحت كل تلك المؤثرات تصل كل شخص وهو على فراشه او في نزهة خلوية مع أسرته أو في سفرة استجمام أو نقاهة
فلم يعد يجدي الاعتذار عن حضور المجالس المرهقة وأصبح الناس رغما عنهم يقرؤون ويشاهدون ويتصفحون ويتناقلون أخبار كل الناس صديقهم وعدوهم قريبهم وثقيلهم
وبات المرء مجبرا على تهنئة حسود بأتفه مناسبة لأن بروتوكولات القروب تفرض عليه ذلك
وأصبح الفرد مرغما على إبداء إعجابه بإنجاز شخصي صغير لايتعدى أثره صاحبه وإلا اتهم بالغيرة والحسد امام مرأى حفنة من الناس ربما لايعرفون إلا اسمه لأن مشرف المجموعة الفاضل ضمه دون استئذان لعلاقة تربطهم بالمشرف لا الأعضاء فلا هو يستطيع المغادرة ولاهو يطيق التحمل
مع وسائل التواصل الاجتماعي صار الشخص يستيقظ على حادث مروع نقلت تفاصيله وأشلاؤه لجهازك دون استئذان أيضا فبات القلب مرهقا باخبار الناس كل الناس وليس للقلب طاقة بكل ذلك
مع تلك الوسائل أصبحت كثير من الأمهات مرغمة على الاستعداد للخروج لنزهة مع أطفالها لاتتعدى السويعات بملابس العيد والحفلات وأباريق وأكواب المناسبات وحلوى من أرقى المحلات لأنها تعلم أن تفاصيل رحلتها الصغيرة ستصل لكل أقاربها بل من لايعرفها إن لم يكن عن طريقها فعبر أجهزة أطفالها العابثة بالواتس والانستقرام
أعرفتم الآن لم نشتكي انعدام الطمأنينة والسكينة
ولم نفتقد الراحة في رحلاتنا وخلواتنا
لأن ثمة أجهزة مراقبة اخترقت خصوصيتنا دون أن نشعر