من ليس عنده إطلاع على الأبراج ، قد يحكم على البرج من خلال اسمه ، كأن يهاب من السرطان ، و يهرب من العقرب ، و يقدم كل احترامه للميزان . و من الأشياء الطريفة أن كل الأبراج الاثني عشر له أسطورة خاصة به.
برج الحمل:
برج الحمل هو مجموعة من النجوم الخافتة ، و تقول الأسطورة:
كان لملك تساليا طفلان جميلان جداً و هما فريسكوس و هيلا ، و كانت زوجة أبيهما فظة معهما ، تقسو عليهما و تؤنبهما من دون سبب ، أما هما فكانا صامتين بشكل دائم و في عيونهما نظرة تطلب الشفقة و الرحمة ، لأنهما لا يملكان أي قدرة للتصرف ، هما الصغيران الطريان.
و بالفعل فإن عطارد شقيق الآلهة أشفق عليهما و أرسل لهما أشياء كثيرة مثل حمل وديع ، صوف ذهبي ، ذهب ، شمس تموز . و مهمة الحمل مساعدة الطفلين على الهرب من زوجة أبيهما.
و في ليل ليلكي وصل الحمل و حمل هيلا و فريسكوس على ظهره ، و طار بهما فق الأرض ، حتى إذا كان يجتاز بهما المضيق الذي يفصل آسيا و أوربا ، أرادت هيلا أن تريح قبضتها الممسكة بصوف الحمل ترتب شعرها المتطاير سقطت و غرقت في البحر الواسع . بكى فريسكوس و أطرق الحمل حزناً على هيلا ، لكنه أكمل المشوار لإيصال فريسكوس إلى منطقة كولشيش في البحر الأسود.
و لحظة الوصول قدم فريسكوس الحمل الوفي قرباناً للآلهة و أخذ صوفه الذهبي و قدمه هدية لملك المدينة الذي كرمه و حضنه بكل دفء ، لكي لا يشعر بصقيع الغربة.
و قد وضع جوبيتر الحمل بين النجوم اعترافاً بفضله و تحمل المشقات و إنقاذ فريكس.
برج الثور:
في الإسطورة الإغريقية ، أن الإله جوبيتر المطلق القدرة ، كيف لا؟ و هو كبير الآلهة ، كان شغوفاً بحب يوروب ابنة فينيقيا الفريدة في بهائها بين النساء ، فقد احتلت قلبه ، حتى بات الكون في عينيه خاتماً لإصبعها . أو وردة ارجوانية في شعرها الليلي الساحر ، فإذا الإله القوي القادر ، قد أصبح مغلوباً بالرغبة ، و استحالت عظمته الكونية ضعفاً رقيقاً . إنه العاشق ، و ماذا يبقى له إذا امتلك الكون و أضاع حبيبته؟ عصفت به الأحلام ، توهجت الرغبات ، فلماذا ينتظر؟ لجأ إلى الخيال فلم يجد بداً من أن يتخذ شكل ثور أبيض ناصع ، و نزل متلبساً بالثور ، اختلط بالقطيع في أحد سهول فينيقيا الخصبة الربيعية ، و كانت يوروب تسرح النظر في أرض بلادها ، رأت القطيع ، لفتها الثور الأبيض الناصع النقي ، تقدمت إليه ، مررت يدها على رأسه ، فانحنى خشوعاً ، فركبته و ما كاد يمشي مسافة قصيرة حتى انطلق بها فوق البحار إلى جزيرة كريت ، و لما أنزلها برفق ، استعاد شكله الإلهي العظيم ، و باح لها بحبه ، و كان كما قال : تفتحت نجمة و رنمت الريح في القصب.
برج الجوزاء:
كان لكبير الآلهة جوبيتر ابنان توأمان من ليدا زوجة ملك اسبارطة . التوأمان هما كاستر و بولاكس ، اللذان يملكان حب البحث و التفتيش دون أن يزور عينهما النعاس و لا جسيدهما التعب.
كاستر و بولاكس سافرا للبحث عن جزة الصوف الذهبية ، و كانا مقاتلين لا يُغلبان ، لا يهابان الليل و لا يخافان المجهول ، إضافة إلى كونهما رفيقين لا يفترقان ، يفرح كل منهما لفرح الآخر و يحزن لحزنه ، و بقيا هكذا إلى أن ماتا سوية تاركين ذكرى حلوة في قلب كل من تعرف إليهما و لمس مدى قدرتهما و قوتهما و حبهما للحياة.
و تخليداً لشجاعتهما و إخلاصهما و ضعهما أبوهما جوبيتر في السماء بعد موتهما.
برج السرطان:
إن السرطان هو الذي عض قدم هرقل عندما كان يصارع حية الماء ، و كانت هيرا تحسد هرقل على شجاعته و تأمل في أن توقع به و تنال منه ، فأرسلت إليه السرطان يعض قدمه و يعيقه عن عمل أي شي ، لكن هرقل خذل هيرا و سحق السرطان الذي رفعته هيرا إلى السماء تقديراً منها لمحاولته النيل من عظمة هرقل القادر على البقاء ، برغم كل الأخطار ، و المؤامرات التي استهدفت جبروته .
برج الأسد:
كان الأسد يعيث فساداً في غابة نيميا ، فقتله هرقل مما شكل حدثاً هاماً ، إذ أن قتل الأسد ليس بالأمر السهل ، و تخليدا لهذه الذكرى ، وضع جوبيتر الأسد بين النجوم .
إشارة مهمة و هي أن ترتيب النجوم اللامعة في برج الأسد ، و هذا من الناحية العلمية ، تشبه إلى حد كبير الأسد ، و قد عبده قدماء المصريين ، و قد يكون أبو الهول تمثالاً له.
برج العذراء:
البعض يطلق على هذا البرج اسم السنبلة و له أسطورة.
ففي الأسطورة الإغريقية أن الآلهة في العصر الذهبي كانت تعيش بين الناس على الأرض تنشر الحب ، و توزع السلام ، تغزل الأحلام هدية للناس في الليلة الباردة ، إلا أن ظلم الناس و توقهم للعنف جعل الآلهة تترك الأرض لأهلها ، و تلجأ إلى السماء حيث الصفاء و النقاء ....
و كانت إسترايا الجميلة إلهة العدالة آخر من ترك الأرض ، فانتقلت إلى السماء و هي لبهائها ، أجمل صورة للعذراء و أخذت معها ميزان العدالة ووضعته بجنبها و هو صورة الميزان.
من هنا يأتي برج الميزان في الترتيب بعد برج (العذراء).
و قد انتقلت إيزيس إلى السماء لتحتل مكانها في السماء ، و أخذ القمح المتساقط منها شكل المجرة.
برج الميزان:
ليس للميزان أسطورة خاصة به باعتبار أن أسطورة برج العذراء شملته (راجع العذراء ، الأسطورة الإغريقية).
إشارة إلى أن هذا البرج هو مجموعة من النجوم الخافتة ، كما برج الحمل ، و هذه المجموعة تقع بين العذراء و العقرب ، و من الصعب ملاحظتها ، إنما من السهل رؤية أربعة نجوم منها على شكل طائرة الأطفال الورقية ، و هل أجمل من هذا الشكل؟
برج العقرب:
العقرب هو من أجمل مجموعات السماء ، و في الأسطورة اليونانية إن العقرب اللاذع و الذي لا تفوته شاردة و لا واردة ، أراد أن يعيش في مأمن من كل خطر ، فلم يجد سبيلاً لذلك إلا قتل الصياد الذي يشكل الخطر الأكبر.
و فعلاً لدغ العقرب الصياد فأراده ، و قد وضع في السماء في موضع لا يرى فيه الصياد ، و لا يمكن للصياد أن يراه و ذلك منعاً لالتقاء العدوين اللدودين.
برج القوس:
القوس و له اسم الرامي أيضاً ، و في الأطلس القديم رسم الرامي موجها سهمه إلى قلب العقرب.
في الأسطورة الإغريقية أن هذه المجموعة من النجوم المسماة ببرج القوس ، جاءت لتنير الدرب و تضيء الطرقات و تجعل من الليل ليلأً فضياً ، لتدل الجماعة الذين سافروا في البحر للتفتيش عن الجزة الذهبية.
برج الجدي:
أسطورة صغيرة لكنها قد تكون الأكثر أهمية من ناحية مدلولها.
في السطورة أن مجموعة النجوم الخافتة و المشكلة من برج الجدي ، هي الباب الإلهي الذي منه تدخل أرواح بني الإنسان صاعدة إلى السماء ، و كأن الجدي ناطور السماء و حارسها بل قل مختارها ، لأن في يده دفتراً يسجل أسماء كل الداخلين إلى السماء.
برج الدلو:
الفلكيون العرب صوروا الدلو بصورة رجل يسكب الماء في خرطوم ، ينتهي في النجم اللامع فم الحوت.
و قد سمت العرب بعض نجومه بأسماء تبتدي كلها بكلمة السعد ، ففيه مثلاً سعد الملك ، و سعد السعود ، و سعد بلع ، و سعد الأخيبة .
أما لماذا لكل برج أسطورة و ليش ثمة أسطورة لبرج الدلو؟
بل لماذا لا نتخيل خبرية خرافية عن فتاة أفاقت في ليلة شتائية و فتحت باب بيتها الواقع على تلة ، كأنما ناداها حلم اليقظة ، و راحت إلى العين ، حيث ينتظرها الفارس الآتي من العتمة على صهوة حصان أبيض كثلج دافئ ، و لما وصلت العين ، و كانت الريح تراقص الشجر ، سمعت همساً ، لكنها لم تر من يهمس لها ، نظرت إلى الماء ، رأت القمر يبتسم لها ، مدت يدها لتلمس وجهه ، لكنها شعرت بأن يداً أخرى تردها بهدوء ، حاولت أن تناديه ، لكن صوتها بقي في قلبها ، تذكرت أن لديها في البيت دلواً حلواً ، قالت سآتي به و أعود فأملأ الماء و القمر ، و ما أن انتهت من هذه الفكرة ، حتى طار القمر ، و بدأت الشمس تتلصص عليها من خلف الجبل ، و تدلق من دلوها الذهبي النور.
برج الحوت:
و للحوت أو السمكتان أيضاً ، و قد تكون أسطورته الأطرف بين الأساطير و تقول: إن فينوس و كويبيد كانا يتمشيان في ليلة زهرية على شاطئ الفرات ، و السكون يغمر المكان و كانا كلما يضحكان يرن جرس و يستيقظ الشجر من غفوته ، و بينما هما يتعانقان ، ظهر لهما فجأة ، العملاق تايفون محدقاً بهما بطريقة جعلتهما يرتجفان ، كما و رقتين في الخريف ، الفرات حفظ أسرارهما ، ناداهما فارتميا في الماء و غيرا نفسيهما إلى سمكتين فضيتين بلون القمر تلك الليلة.
و قد وضعت مينرفا إلهة الحكمة هاتين السمكتين في السماء تخليداً لهذه الذكرى و تخليداً لهذا الحب