القلم بين حنجرة وقدم
دوما هكذا حالك يا قلم تُذكِّر ونحن لا نتذكّر ...
مسكين أنت قلمي , ما بال محبرتك استبدل مدادها بسم...؟
فأنى لي التعبير...؟ وأنى لي بعد أن أُقكر...؟ متى تستقر...؟
ومتى لي ولنا أن نعي ونفهم...؟
معذرة سيدتي الحنجرة الذهبية ....وألف عذر لك أيتها القدم الفضية....
فقط إن أنتما سمحتما لي أن أسحب قلمي من بينكما.. بالحديد أقيده , وفي زنزانة نتنة متعفنة أحبسه ..بكرة وعشية أجلده. ..ألآ تخاف المبراة ..؟ ألآ تخشى الظلمات..؟ ألست أنت الذي جر الكلم ...؟
أراك قد أ صبحت قعيدا كسيحا شأنك شأن الأصم الأبكم. لا تحسن رد الكلام وطاطاة الرأس للأعلام , لا تفرق بين العصا والألف ولا حتى بين شتاء وصيف .. مسكين أنت قلمي تشتهي بذور الربيع , لكنهم اقتلعوا منك
الحبيبتين في أوج العواصف من خريف , لأنهم لم يريدوك أن تفقه فن اللف والتلفيف. أليس من الأفضل لك ولي ولأمثالي الرضا والصبر والقناعة بأكلة من قمح وشعير ؟ أم أنك لا زلت ترنو لذاك الأبيض من الرغيف...؟ مسكين أنت قلمي... هيا أبحث عن رقعة؟كفاك جعجعة ؟, فالطحين لا تناله يداك , وجيبك فارغ , حسبك ..حسبك سراب يغشاه ضباب ........ اصفرت أوراقك وتغير لونها , كفاك تأليف...؟أعقر لسانك وجمّره , زمنك ولى وهذا زمن التسويف...
أصبحت مسمارا علاه الصدأ , علي تَوَجّب اقتلاعتك من قصعتهم لئلا يحل بديارهم عار ويصيب أمعاءهم شديد الألم...
مسكين أنت قلمي.... إني أكاد أجزم, بل تراني على يقين أن استحضر قولا قيل يوما[ نحن نعيش عصر الأقدام لا عصر الأقلام...]
وإني لمستسمح قائل ذلك في إضافة كلمة : لا مكان لك اليوم أيها القلم فأنت جماد جامد , ونهر ماؤه راكد .. رزء على الصدور السابحة وراء البحور
سحقا لي أولا ثم لمن شابهني وإياك , وهو عليّ شاهد حتى تضمنا القبور...
يا أسفي على زمن ولى ولم يعد...؟؟؟؟؟؟
لا مرحبا بي وأمثالي فقد حانت لحظة العد, فيا حسرتي على هم طغى واستبد...
استغفرك رب وأنت القائل وقولك الحق(( ...إقرأ وربك الأكرم* الذي علّم بالقلم * علّم الإنسان ما لم يعلم...)).
مسكين أنت قلمي ... فحنجرتي تردد نغم الحروف التي كتبت...
وقدماي يلفان إقبالا وإدبارا ذاك الذي رسمت وخططت.....
وحتى خلقي الذي أوله نطفة مذرة وآخره , قد جف منك الدم ...
وحين يلتقي الخصمان ويشتد وطيس الكر والفر والشد والمد تراهم بك يستغيثان .. تراهم بك يستنجيدان . .. ثم إذا قضي الأمر عليك ينقلبان..
لا تتعجب قلمي .؟. احمل عني مرة همي ..؟ فإني أرى من أعتلى المنابر وقال : القرآن قرآنان.. والعطر الفواح زينة لبعض النسوان , كفانا تعقيدا
كفانا فتاوى ؟’ أليست تلكم موضة يتباهى بها الكثير من أهل هذا الزمان
من أباح علنا الغنى المثير للأشجان ؟,و أفتى بالمصافحة بين الأجانب ؟ ألآ تذكروا ذلك يا من صمتم شهر رمضان ...؟
مسكين أنت قلمي.. رأيتك منكسا رأسك والصمتَ به لذت , وأظنك لا زلت كذلك... لِما...؟؟؟؟؟؟ أمداهنة منك إليهم ؟ أم خوفا من بتر لسانك...؟
لا قلمي ..؟ بهذا تكون قد أضفت غما على غمي, وهما فوق همي , وألما لا يرجى له شفاء , إلا من كانت عندهم عزائم وعلو همم , عليهم أقدم..عليهم أقدم..؟ .
(( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)).
إبراهيم تايحي