| إشارات علمية رائعة في قصة نوح من عظمة القصة القرآنية أنها تأتي بإشارات علمية دقيقة وخفية، ومن روائع هذه الإشارات العلمية ما جاء في قصة طوفان نوح عليه السلام ... لنقرأ .... |
حاول الإنسان منذ القدم معرفة أسرار المطر، ومن أين تأتي الغيوم، وفي العصر الحديث وجد العلماء أن هذه الغيوم ما هي إلا ذرات من بخار الماء الذي تبخر من البحار والمحيطات والأنهار وصعدت إلى ارتفاعات كبيرة في الجو حيث درجة الحرارة تنخفض إلى ما دون الصفر فتتكثف وتشكل كتل الغيوم ومن ثم تبدأ الأمطار بالنزول. إذاً الماء صعد من الأرض وعاد إلى الأرض.
هذه الحقيقة لم يكن لأحد علم بها زمن نزول القرآن ولكن الذي يتتبع القرآن يرى بعض الإشارات الرائعة لذلك. ففي قصة سيدنا نوح عليه السلام وبعد أن صبر على كفر قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، أوحى الله له أن يصنع السفينة، ويحمل فيها كل مؤمن مع بعض الحيوانات والطيور والنباتات.
ماء المطر من الأرض
وبعد أن فتح الله أبواب السماء بماء منهمر، وفجَّر الأرض عيوناً، حدث الطوفان وأغرق كل من كفر بالله تعالى، وأنجى الله عبده نوحاً عليه السلام مع المؤمنين، ثم قال تعالى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [هود: 44].
في قوله تعالى (ابْلَعِي مَاءَكِ) إشارة إلى أن الماء يعود للأرض، فمع أن الماء نزل من السماء وقسم منه نبع من الأرض إلا أن الخطاب جاء للأرض أن تبلع ماءها، إذن كل الماء هو للأرض وهذا يشير إلى أن الماء الذي نزل من السماء إنما جاء من الأرض أصلاً.
انفجار الأرض بالينابيع
في علم المياه هناك حقيقة تقول بأن الماء تحت الأرض مضغوط بنسبة أو بأخرى، ولكنه محاط بطبقات من الصخور، فإذا ما زاد ضغط الماء تحت الأرض أدى إلى اندفاعه بشكل مفاجئ باتجاه السطح بما يشبه الانفجار!!
حتى إن العلماء يستخدمون كلمة Explosion أي "انفجار" للتعبير عن الآلية التي تتفجر فيها الينابيع من الأرض، وهذا يعني أن القرآن صحيح في تعابيره علمياً عندما يخبرنا بقوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) [القمر: 9-14].
تأملوا معي هذا التعبير الرائع (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا) فهو تعبير دقيق من الناحية العلمية، والذي يؤكد ذلك أن الله تعالى أعطى لسيدنا نوح مؤشراً على اقتراب حدوث الطوفان أن يرى التنور يفور! والتنور عبارة عن حفرة في الأرض تُصنع من أجل إيقاد النار وتحضير الطعام، وهذه الحفرة –والله أعلم- تسرَّب إليها الماء من جوف الأرض وبدأ بالفوران كما نرى اليوم في الينابيع الحارة التي نرى الماء يغلي فيها.
انفجار الينابيع يشكل البحيرات ويخرج الماء من الأرض مضغوطاً ويرتفع وقد يصل ارتفاعه إلى أكثر من مئة متر.
وفار التنور
إن رؤية بعض الماء الذي يغلي من ينبوع مثلاً بدرجة حرارة عالية فإن هذا يؤشر إلى قرب انفجار ذلك الينبوع، وهذا الانفجار يحدث عادة بشكل مفاجئ، وربما يكون هذا ما حدث مع سيدنا نوح كمؤشر له ليبدأ الركوب في السفينة هو المؤمنين كدليل على اقتراب انفجار الينابيع.
قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) [هود: 40]. في قوله تعالى (وَفَارَ التَّنُّورُ) إشارة علمية لاقتراب حدوث الانفجارات النبعية التي ستشكل الطوفان.
موج كالجبال
قال تعالى: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ) [هود: 42]. في قوله تعالى (مَوْجٍ كَالْجِبَالِ) إشارة إلى ارتفاع هذا الموج، وإلى وجود ريح قوية أو إعصار، والتشبيه القرآني للموج بالجبال يدل على أن ارتفاع الموج كان يبلغ عدة مئات من الأمتار، وهذا ما لا نشاهده في الطبيعة مما يدل على أن طوفان نوح كان حدثاً استثنائياً، وهذا ما لم يكتشفه علماء الآثار حتى الآن.
إن الأمواج التي نراها في المحيطات يمكن أن تبلغ ارتفاعات لا تتجاوز عشرات الأمتار، ولكن الأمواج التي حدثت زمن سيدنا نوح كانت بارتفاع الجبال أي مئات أو آلاف الأمتار، وهذا يدل على أن الطوفان كان حدثاً غير مجرى البشرية، ولم يحدث مثله على مر العصور.
مواعظ من قصة سيدنا نوح عليه السلام
ولا تخلو قصة سيدنا نوح من العبرة والفائدة، وهذا ما يميز القرآن عن غير من كتب البشر، فكل آية تحمل عبرة ما نتعلمها، وقصة سيدنا نوح مليئة بالعبر والمواعظ والفوائد، بل إن مجرد قراءة هذه القصة يعتبر نوعاً من أنواع العلاج. فكما نجى الله سيدنا نوحاً ومن معه من المؤمنين كذلك فإن الله قادر على أن ينجينا من أصعب المواقف.
سيدنا نوح عليه السلام هو نبيّ من أنبياء الله تعالى الذين صبروا طويلاً على قومهم. فقد كان يدعوهم إلى عبادة الله تعالى، ويأمرهم أن ينتهوا عن ضلالهم ويتوجّهوا بعبادتهم إلى الله عز وجل.
ولذلك فقد كان نوح يحذّر قومه من عذاب الله يوم القيامة، ويؤكد لهم أنه لا يوجد إله إلا الله تعالى وأنه يخاف عليهم من العذاب العظيم الذي أعدّه الله لكل من يعصيه. قال الله تعالى عن نوح: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [الأعراف: 59].
لقد كاد نوح أن ييأس من قومه ولكن الله كان يثبته على الحق، فكان يحاول معهم أن يرشدهم إلى الطريق الصحيح، ولكنهم كانوا يصرّون على طغيانهم وكفرهم بالله تعالى. وكان يخبرهم بأنه لا يريد منهم أي أجر. وبعد ذلك توجّه سيدنا نوح عليه السلام إلى ربّه يخاطبه وهو أعلم به: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا) [نوح: 5-7].
لقد استخدم نوح عليه السلام أساليب متنوعة في الدعوة إلى الله، فقد كان يذكرهم بنعم الله عليهم، ويذكّرهم بفضل الله تعالى وأنه أعطاهم القوة والصحّة والعقل ورزقهم الطعام والشراب، ولكنهم لم يستجيبوا له، ولم يشكروا الله تعالى على نعمه.
فوائد الاستغفار
لقد كان نوح يأمرهم بالاستغفار وهو أن يستغفروا الله تعالى، فكان يقول لهم ويكرّر: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10-12]. وهذا يدلّ على أنه من يستغفر الله فإن الله سيعطيه أشياء كثيرة منها:
1- إن الله تعالى سيغفر له ذنوبه.
2- سوف يرزقه الله المطر لكي ينبت الزرع والثمار والنبات.
3- سوف يرزقه الله أموالاً كثيرة.
4- سوف يعطيه الأولاد أيضاً.
5- سوف يرزقه الله تعالى البساتين والأنهار والماء.
وهذه هي نتيجة الاستغفار، فهل نستغفر الله تعالى ونقول كما علّمنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: «أستغفر الله العظيم»؟
السماوات دليل على قدرة الله
لقد استخدم نوح مع قومه أسلوباً علمياً في دعوته إلى الله تبارك وتعالى. فقد كان يأمرهم بالنظر إلى السماوات من فوقهم، ويأمرهم أن يتأمّلوا الشمس كيف تضيء وتبث الحرارة، ويأمرهم أن ينظروا إلى القمر كيف ينير في الليل. وهذا أسلوب علمي في الدعوة إلى الله فكيف استخدمه سيدنا نوح؟ لنقرأ هذه الآيات من سورة نوح، وفيها يخاطب نوح قومه: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) [نوح: 15-16].
إذن السماوات السبع هي طبقات بعضها فوق بعض. والشمس هي كالمصباح المضيء الذي يحرق الوقود ليعطي الدفء والحرارة والنور. إن العلم الحديث قد أثبت أن الشمس هي سراج يحرق الوقود ليبث الضوء والحرارة، وأثبت العلم أيضاً أن القمر نور يعكس نور الشمس علينا، وهذا من معجزات القرآن التي لم يكن أحد يعلمها زمن نزول القرآن، ولكن العلماء حديثاً اكتشفوا هذه الحقائق الكونية. وهذا يدلّ على أن سيدنا نوح عليه السلام قد استخدم أسلوب الحقائق العلمية لدعوة قومه إلى الإيمان بالخالق سبحانه وتعالى.
لقد استخدم سيدنا نوح أسلوب الإعجاز العلمي في دعوته إلى الله، وهكذا جميع الأنبياء عليهم السلام، فهل نقتدي بهم في دعوتنا إلى الله عز وجل؟!
نوح يصنع السفينة
لقد دعا نوح ربه أن ينصره على قومه لأنهم كفروا وكذبوا بالله ولم يؤمنوا به، ولذلك استجاب الله دعاء سيدنا نوح وأوحى الله إلى نوح أن يصنع السفينة، ولكن لماذا؟ إن الله تعالى يريد أن يُغرق هؤلاء الكفار، ويعاقبهم على كفرهم بالله وعدم طاعتهم لنبيّه نوح. ويخاطب الله تعالى سيدنا نوحاً ويأمره أن يصنع السفينة، يقول تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) [هود: 36-37].
قوم نوح يسخرون منه
لقد بدأ سيدنا نوح عليه السلام بجمع قطع الخشب ليصنع السفينة، ولم يكن هناك بحر في القرية التي كان فيها نوح، فقال له قومه وهو يستهزئون به ويضحكون عليه: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ) [هود: 38-39].
ويأتي أمر الله
ويعطي الله لسيدنا نوح علامة مميزة عندها يبدأ بالركوب بالسفينة هو والمؤمنين معه، وهذه العلامة هي أن يفور التنور أي يمتلئ بالماء، وهذا دليل على أن الأرض ستمتلئ بالينابيع. وهذا ما حدثنا عنه القرآن العظيم، حيث أمر الله سيدنا نوحاً أن ينتظر حتى يفور التنور بالماء، والتنور هو حفرة كانت تُصنع ويوضع فيها الخشب الذي يحترق ويستخدمونه لطبخ الطعام والخبز واللحم. (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) [هود: 40].
وقال اركبوا فيها
ويبدأ التنور بالفوران، ويدرك سيدنا نوح أن أمر الله تعالى قد جاء وأن الطوفان قد اقترب. ولذلك أمَر نوح المؤمنين وأمر أهله بالركوب في هذه السفينة، وكذلك جلب من الحيوانات والنباتات ما يستطيع، وعندما ركب في السفينة بدأ باسم الله تعالى. (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [هود: 41]. وهنا يجب علينا أن نبدأ باسم الله في كل شؤوننا، وهكذا كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يبدأ كل شأنه بالبسملة أي يقول: (بسم الله الرحمن الرحيم).
ويأتي الطوفان
لقد أمر الله السماء أن تنزّل الأمطار الغزيرة، وأمر الأرض أن تتشقق فينبع منها الماء، وحدث الطوفان الذي سيُغرق كل كافر بالله تعالى، ولذلك يصف الله لنا هذه الصورة بقوله: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) [القمر: 11-12].
ابن نوح كافر
لقد كان نوح نبيّاً صالحاً ولكن ابنه كان كافراً!!! وهذه مشيئة الله تعالى. فقد كان ابن نوح لا يسمع نداء أبيه وكان يصاحب الكفار ويمشي معهم، ولا يستمع إلى كلام أبيه نوح. ولذلك فقد كان كافراً. وقد دعاه أبوه إلى الركوب في السفينة ولكنه رفض وذهب مع أصدقائه الكفار وترك أباه، وحتى بعدما بدأ الطوفان دعاه نوح إلى الركوب في السفينة ولكنه استمرّ في رفضه. (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) [هود: 42-43].
وينتهي الطوفان
لقد توقف المطر وتوقفت الينابيع، وتوقف الطوفان، وبدأت الأرض ابتلاع الماء وبدأت السفينة ترسو فوق جبل اسمه «جبل الجودي». ويحدثنا الله تعالى عن هذه النهاية: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [هود: 44]. وهذه نهاية كل من يعصي أوامر الله تعالى ويكفر بأنبيائه.
نوح ينادي ربّه
وبعد انتهاء الطوفان يحنّ نوح عليه السلام لابنه الذي غرق في هذا الطوفان، وينادي ربه. ويحدثنا القرآن عن قول سيدنا نوح عليه السلام: (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) [هود: 45].
ولكن الله تبارك وتعالى يحذّر نوحاً من هذا الأمر ويقول له بأن الكافر لا يدخل الجنّة. وهنا يستغفر نوح ربّه ويسأل الله تعالى ألا يجعلَه من الجاهلين. (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [هود: 46]. وهكذا يشعر سيدنا نوح بأنه سأل الله شيئاً لا يحقّ له أن يسأله، فيستغفر ربّه قائلاً: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [هود: 47].
دعاء سيدنا نوح
يدعو نوح ربّه دعاء عظيماً، فيطلب منه المغفرة والرحمة له ولأمّه وأبيه ولكل مؤمن وللمؤمنين الذين دخلوا بيته. يقول تعالى: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا) [نوح: 28]. وكان الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يقول: «ربّ اغفر لي ولوالديَّ ربّ ارحمهما كما ربّياني صغيراً». ويستغفر الله في اليوم سبعين مرة!!! فهل نقتدي بهذا النبي الكريم ونستغفر الله كل يوم؟ يقول تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 111].