في ظلمة الليل رآها فجأة أمامه.. متعبة، مستلقية على فراش من نور حاول التعرف عليها، اقترب منها وسألها : ما اسمك ياسيدتي ؟ فأجابت : أسماني الغزاة عبر
العصور العصية..
أجدادي أطلقوا علي اسم الفيحاء..
أما أبنائي فينادونني الأبية..
وعشاقي يصفونني بالبهية..
سألها : كم عمرك ياسيدتي ؟
قالت : ولدت قبل التاريخ بتاريخ.. ونطقت أحرفي الاولى..
قبل ان تنطق الأبجدية...
غسلت وجهي بماء الحضارة ..
لملمت شعري.. كحلت عيوني..
فكنت أول و أجمل صبية...
فقال لها بخجل :
لمن تنتسبين يا أجمل صبية ؟
فقالت : نسبي يعود الى الذي
ترك ضناه على كتفي مقتولاً..
نسبي يعود لآدم أبو البشرية..
ذكرني الله في قرآنه مرات..
وسار بولس الرسول على
أرضي حاملاً المسيحية..
محمد النبي ﷺ قال : إني كنانته..
وأنار وجهي عيسى ابن المجدلية..
جامعي أموي وكنيستي مريمية..
أبي قاسيون .. رافع الرأس..
وأمي الغوطة .. وبردى نهري يسير من وريدي الى وريدي..
أبوابي للعز والتاريخ حكاية .. وأزقتي للحضارة مدرسة .. والياسمين لكل عاشق مني هدية..
فارس مغوار أتاني.. تارة اسمه ابن الوليد.. وطوراً يأتي برفقة عقبة أو بلال ابن الحبشية..
وصلاح الدين نام بحضني..
نام نومته الأبدية..
أبنائي كثر منهم من يقيم في الشاغور ومنهم من يقيم في
القنوات أو الصالحية..
منهم من ولد في الميدان ومنهم من نشأ في باب توما ومنهم من وارى الثرى في القيمرية..
حاول ان يسألها أكثر لكنه لاحظ ان بعضها تنزف.. ركع أمامها وبكى وجعها .. ربتت على كتفه بحنان .. وقالت لاتبكي ياولدي.. لاتبكي.. وأمسكت بيدي .... وقالت :
قم لننهض معاً من كبوتنا..
فإنني ... (((دمشق)))
بإذن الله محمية...
بإذن الله تعالى ستعود دمشق عروس الشرق الأوسط بنكهة تاريخها العبق، ومعالمها التي تنفرد بها وتميزها عن كل مدن العالم.
من أجل عيون دمشق