بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
السادة الاعزاء
الحب و الطبيعة
في هذا الزمن المادّي الجافّ يجري خلطٌ غريب بين الحبّ من جهة و الغرائز و الرغبات و الأطماع من الجهة الأخرى
اكتساحٌ بشري على حساب الإنسانية و نفوسٌ لا تشبع و لا ترتوي و قيّمٌ فاسدة تلعب على كلّ المصطلحات..
ما هو الحب؟!
حبٌ مشروط.. متصل بأنانية الذات البشرية و مبدأ العطاء للأخذ!
منذ أن انعزلنا و انحشرنا داخل العلب الإسمنتية و مساحاتها الباردة و انفصلنا عن الطبيعة والتناغم معها
الأرواح حين تحبّ لا رغبات لديها هي أشبه ما تكون بالشلالات الصافية
متى كانت الينابيع حين تتفجّر تريد في المقابل شيئاً ؟
متى كانت الزهرة تفوح بعطرها و الهواء بنسيمه بمفهوم الرغبات و الأطماع؟
أين بات في مفاهيمنا اليوم الحبّ الذي يشبه الينابيع و الأنهار.. الشجر و المطر؟
الحبّ الذي يغسل النفوس من الأدران و يمسح الأحقاد و الأطماع؟
الحبّ الذي لا يريد شيئاً سوى أن يفيض و يغدق الحب.. لأنّ الحبّ يتفجر ينابيع صافية من أعماق النفس و الروح لأنّه يحسّ الحب ... و يعيش الحب ... و لأنّه مملوءٌ بالحب .
متى ندرك من جديد أنّ الحب فيضٌ روحي نوراني لا يفهم مبدأ المقايضة... أكثر شفافية وسمواً من تقييده برغبات بشرية الذات و أنانيتها و كلّ ما يتصل بها من حاجات و أطماع ودوافع سطحية .
متى نطلقه من عقال بشريتنا و نتركه حراً كما أراده الله يفيض و يغدق بنبله و سمّوه.. بروعته و جماله دون أن يطلب منّا أو نطالبه و نتوقف عن بناء السدود و الحواجز أمام فيضه .
معدن النفس لا تنقيه إلاّ مشاعر الحب الصافية حين يمسّ أروقة القلب بعصاه السحرية الخيّرة
جمالٌ يضفي على الملامح حسناً وبهاء ينبع من الداخل تعجز عن مثل فعله كلّ مستحضرات التجميل
غنى و اكتفاء لا تساويه كلّ أموال العالم.. سعادة تصغر أمامها كلّ مباهج الحياة المادّية .
أروع ما في الحب أن نحِبّ و نُحَب و نتميّز إنسانياً بهذا الحب
معنى أثمن من كلّ الكنوز و أجمل من كلّ الألقاب و أبهى من كلّ العروش هو عرش الحبّ
وملك الزمان هو من يحبّ الآخرين و يحبونه بلا قيدٍ و لا شرط
هذا هو الحب !
افتحوا النوافذ و أشرعة القلوب و تعلّموا النظر في مرايا الأرواح و الإصغاء لألحانها و حلّقوا مع المحبة بلا قيدٍ و لا شرط ففيها وصفة السعادة الأزلية .
عودوا إلى الطبيعة... في الطبيعة طبيعتنا.... إنّه الحب و الحب كلّ في الكون.. هذا هو الحب
دمتم برعاية الله