عَوَاذِلُ ذاتِ الخَالِ فيّ حَوَاسِدُ وَإنّ ضَجيعَ الخَوْدِ منّي لمَاجِدُ
يَرُدّ يَداً عَنْ ثَوْبِهَا وَهْوَ قَادِرٌ وَيَعصي الهَوَى في طَيفِها وَهوَ راقِدُ
متى يَشتفي من لاعجِ الشّوْقِ في الحشا مُحِبٌّ لها في قُرْبِه مُتَبَاعِدُ
إذا كنتَ تخشَى العارَ في كلّ خَلْوَةٍ فَلِمْ تَتَصَبّاكَ الحِسانُ الخَرائِدُ
ألَحّ عَليّ السّقْمُ حتى ألِفْتُهُ وَمَلّ طَبيبي جانِبي وَالعَوائِدُ
مَرَرْتُ على دارِ الحَبيبِ فحَمْحمتْ جَوادي وهل تُشجي الجيادَ المعاهدُ
وما تُنكِرُ الدّهْمَاءُ مِن رَسْمِ منزِلٍ سَقَتها ضَريبَ الشَّوْلِ فيهِ الوَلائِدُ
أهُمّ بشَيْءٍ واللّيَالي كأنّهَا تُطارِدُني عَنْ كَوْنِهِ وَأُطارِدُ
وَحيدٌ مِنَ الخُلاّنِ في كلّ بَلْدَةٍ إذا عَظُمَ المَطلُوبُ قَلّ المُساعِدُ
وَتُسْعِدُني في غَمرَةٍ بَعدَ غَمْرَةٍ سَبُوحٌ لهَا مِنهَا عَلَيْهَا شَوَاهِدُ
تَثَنّى عَلى قَدْرِ الطّعانِ كَأنّمَا مَفَاصِلُهَا تَحْتَ الرّماحِ مَرَاوِدُ
وَأُورِدُ نَفْسِي والمُهَنّدُ في يَدي مَوَارِدَ لا يُصْدِرْنَ مَن لا يُجالِدُ
وَلَكِنْ إذا لمْ يَحْمِلِ القَلْبُ كفَّهُ على حَالَةٍ لم يَحْمِلِ الكَفَّ ساعِدُ
خَليلَيّ إنّي لا أرَى غيرَ شاعِرٍ فَلِمْ منهُمُ الدّعوَى ومني القَصائِدُ
فَلا تَعْجَبَا إنّ السّيُوفَ كَثيرَةٌ وَلكِنّ سَيفَ الدّوْلَةِ اليَوْمَ واحِدُ
لهُ من كَريمِ الطبعِ في الحرْبِ مُنتضٍ وَمن عادةِ الإحسانِ والصّفحِ غامِدُ
وَلمّا رَأيتُ النّاسَ دونَ مَحَلِّهِ تَيَقّنْتُ أنّ الدّهْرَ للنّاسِ نَاقِدُ
أحَقُّهُمُ بالسّيْفِ مَن ضَرَبَ الطُّلى وَبالأمْنِ مَن هانَتْ عليهِ الشّدائدُ
وَأشقَى بلادِ الله ما الرّومُ أهلُها بهذا وما فيها لمَجدِكَ جَاحِدُ
شَنَنْتَ بها الغاراتِ حتى تَرَكْتَها وَجَفنُ الذي خَلفَ الفَرنْجةِ ساهِدُ
مُخَضَّبَةٌ وَالقَوْمُ صَرْعَى كأنّهَا وَإنْ لم يكونوا ساجِدينَ مَساجِدُ
تُنَكّسُهُمْ والسّابِقاتُ جِبالُهُمْ وَتَطْعَنُ فيهِمْ وَالرّماحُ المَكايدُ
وتَضربهم هبراً وَقد سكنوا الكُدَى كما سكَنَتْ بطنَ الترابِ الأساوِدُ
وتُضحي الحصون المشمخرّاتُ في الذرَى وَخَيْلُكَ في أعْنَاقِهِنَّ قَلائِدُ
عَصَفْنَ بهمْ يَوْمَ اللُّقَانِ وَسُقنَهم بهِنريطَ حتى ابيَضّ بالسبيِ آمِدُ
وَألحَقنَ بالصّفصَافِ سابورَ فانهَوَى وَذاقَ الرّدَى أهلاهُما وَالجَلامِدُ
وَغَلّسَ في الوَادي بهِنّ مُشَيَّعٌ مُبارَكُ ما تحتَ اللّثَامَينِ عابِدُ
فَتًى يَشْتَهي طُولَ البلادِ وَوَقْتُهُ تَضِيقُ بِهِ أوْقاتُهُ وَالمَقَاصِدُ
أخُو غَزَواتٍ مَا تُغِبُّ سُيُوفُهُ رِقابَهُمُ إلاّ وَسَيْحانُ جَامِدُ
فلَم يَبقَ إلاّ مَنْ حَمَاهَا من الظُّبى لمَى شَفَتَيْها وَالثُّدِيُّ النّوَاهِدُ
تُبَكّي علَيهِنّ البَطاريقُ في الدّجَى وَهُنّ لَدَينا مُلقَياتٌ كَوَاسِدُ
بذا قضَتِ الأيّامُ ما بَينَ أهْلِهَا، مَصائِبُ قَوْمٍ عِندَ قَوْمٍ فَوَائِدُ
وَمن شرَفِ الإقدامِ أنّكَ فيهِمِ على القَتلِ مَوْمُوقٌ كأنّكَ شَاكِدُ
وَأنّ دَماً أجرَيْتَهُ بكَ فَاخِرٌ وَأنّ فُؤاداً رُعْتَهُ لكَ حَامِدُ
وَكلٌّ يَرَى طُرْقَ الشّجاعَةِ والنّدى وَلكِنّ طَبْعَ النّفْسِ للنّفسِ قائِدُ
نَهَبْتَ منَ الأعمارِ ما لَوْ حَوَيْتَهُ لَهُنّئَتِ الدّنْيَا بأنّكَ خَالِدُ
فأنْتَ حُسامُ المُلْكِ وَالله ضَارِبٌ وَأنْتَ لِواءُ الدّينِ وَالله عَاقِدُ
وَأنتَ أبو الهَيْجا بنُ حَمدانَ يا ابنهُ تَشَابَهَ مَوْلُودٌ كَرِيمٌ وَوَالِدُ
وحَمدانُ حمدونٌ وَحمدونُ حارثٌ وَحارِثُ لُقْمانٌ وَلُقْمَانٌ رَاشِدُ
أُولَئِكَ أنْيابُ الخِلافَةِ كُلُّهَا وَسَائِرُ أمْلاكِ البِلادِ الزّوائِدُ
أُحِبّكَ يا شَمسَ الزّمانِ وبَدْرَهُ وَإنْ لامَني فيكَ السُّهَى والفَراقِدُ
وَذاكَ لأنّ الفَضْلَ عندَكَ بَاهِرٌ وَلَيسَ لأنّ العَيشَ عندَكَ بارِدُ
فإنّ قَليلَ الحُبّ بالعَقْلِ صالِحٌ وَإنّ كَثيرَ الحُبّ بالجَهْلِ فاسِدُ