بعد 13 جلسة في إعادة المحاكمة..حكم مفاجيء لجميع الأطراف.. في قضية سوزان تميم
السجن 15 سنة لهشام طلعت والمؤبد للسكري و3 سنوات لحيازة السلاح
المحكمة لم تستمع لمرافعة الدفاع.. ولم تستكمل أقوال الشهود
المتهمان طارا فرحاً.. بالنجاة من حبل المشنقة
لا صوت يعلو فوق صوت المفاجأة.. حكم مباغت اصدرته محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة أمس في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم المتهم فيها ضابط الشرطة السابق محسن السكري ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفي. عاقبت المحكمة السكري بالسجن المؤبد في تهمة القتل والمشدد ثلاث سنوات بتهمة حيازة سلاح.. وعاقبت هشام طلعت بالسجن المشدد 15 سنة عن تهمة التحريض علي القتل.. ومصادرة المليوني دولار التي ورد في الاتهامات ان السكري حصل عليها من هشام مقابل تنفيذ الجريمة.. ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة.. وألزمت المحكمة المتهمين بالمصروفات الجنائية.
وتضمن الحكم إحالة الدعوي المدنية المقامة من والد سوزان تميم وشقيقها ووالدتها إلي المحكمة المدنية.. ورفض الدعوي المقامة من كل من رياض العزاوي البريطاني من اصل عراقي واللبناني عادل معتوق والذي يدعي كل منهما ان المجني عليها كانت علي عصمته عند وفاتها للمطالبة بالميراث في ثروتها وأشارت المحكمة إلي ان هذه الدعوي سبق الفصل فيها باحالتها إلي المحكمة المدنية المختصة.. كما تضمن الحكم رفض الدعوي المقامة من احد المحامين ضد وزير العدل حول حضور محامين أجانب في القضية.
صدر الحكم برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة وعضوية المستشارين محمد حماد واسامة جامع وبحضور المستشارين مصطفي سليمان المحامي العام الأول لنيابات استئناف القاهرة ومصطفي خاطر المحامي العام الأول لنيابات شرق القاهرة وامانة سر سعيد عبد الستار ومحمد فريد.
أكد المستشار عادل جمعة رئيس المحكمة أن المحكمة تولد لديها الاطمئنان والقناعة لاصدار هذا الحكم وانها سألت الدفاع عن اي طلبات أخري.. واشار إلي أن الدفاع سبق له وأن تحدث أمام المحكمة.. وردا علي سؤال حول ما يثور من عدم سماع المحكمة لمرافعة الدفاع قال إن المحكمة لديها ما ترد عليه في ذلك وسيكون ذلك مفصلا في حيثيات الحكم.. وقال إن هناك وقائع مماثلة في قضايا مثل ¢نواب القروض¢ اصدرت فيها المحكمة مكتفية بالرجوع إلي مرافعة سابقة للدفاع.
وأشار المستشار عادل جمعة إلي انه سوف تودع المحكمة حيثيات الحكم في القضية ويتم تسليمها للصحفيين والاعلاميين وهيئة الدفاع يوم 27 اكتوبر القادم بمقر المحكمة.
علمت ¢الجمهورية¢ أن المحكمة استندت في هذا الحكم علي وثيقة التنازل عن الدعوي المدنية التي تقدمت بها أسرة سوزان تميم ضد هشام طلعت.. حيث كانت المحكمة تسلمت هذه الوثيقة وجاء فيها أن أسرة المجني عليها تتنازل عن الدعوي المدنية المقامة ضد هشام طلعت مصطفي.. وأشارت أسرة المجني عليها في وثيقة التنازل إلي أن ما سبق وأن اتهمت به هشام طلعت كان اساسه اعتقاد خاطيء تولد لدي الأسرة مما نشرته وسائل الاعلام واشارت الأسرة في تنازلها إلي تقديرها لهشام طلعت.
وكان قد اثير ان اسرة المجني عليها تنازلت مقابل مبلغ مالي كبير إلا أن ذلك نفاه دفاع هشام ووالد سوزان.
فاجأ الحكم الجميع.. الدفاع.. والمتهمين.. والصحفيين والإعلاميين الذين حضروا الجلسة.. ربما فاجأ النيابة نفسها.
الحكم صدر في جلسة كانت مليئة بالمفاجآت من بدايتها.. فقد قدم دفاع هشام طلعت مذكرة للمحكمة تتنازل فيها عن بعض الطلبات التي تقدم بها في الجلسة السابقة.. وعلل ذلك بأنه رغبة منهم لعدم اطالة أمر الدعوي.. واعترض دفاع السكري علي ذلك وتصور البعض ان هذا بداية انشقاق في وحدة الصف بين هيئتي الدفاع عن المتهمين.. في حين تصور آخرون أنها خطة متفق عليها من جانب هيئتي الدفاع واعلن دفاع السكري أمام المحكمة تمسكه بكافة الطلبات وعدم التنازل عن أي طلب.
مفاجأة أخري خلال الجلسة.. ما ذكرته خبيرة الطب الشرعي هبة العراقي في شهادتها أمام المحكمة.. عندما سألها السكري من قفص الاتهام: ¢هل عثرت علي عينات بيولوجية لي في الملابس التي قيلت انها لي¢ فقالت الشاهدة انها لم تحلل بيولوجيا وإنما قامت بأخذ عينة من التلوثات الدموية.. ¢ولم تجد بصمة مختلطة¢.. وقد اختلفت وجهات النظر في الإجابة حيث رأي فريق من المتابعين ان ما ذكرته الشاهدة من عدم وجود بصمة مختلطة تتناقض مع ما ذكرته من قبل من وجود بصمة مختلطة.. في حين ذكري الفريق الآخر أن الشاهدة لم تقصد نفي وجود البصمة المختلطة وتم الاتفاق علي التأكد مما قالته من هيئة المحكمة عقب رفع الجلسة.. إلا أن صدور الحكم أنسي الجميع سؤال المحكمة حول ¢هذه النقطة¢.
حالة من الذهول ملأت قاعة المحكمة مجرد أن نطق رئيس المحكمة: حكمت المحكمة.. لم يصدق أحد أن يكون الحكم بهذه السرعة ومرافعة الدفاع لم تتم بعد وهناك شهود سيتم الاستماع إليهم.. اشرأبت الاعناق والآذان.. لتستمع إلي الحكم.. المتهمان.. الدفاع والحضور أصابتهم المفاجأة.. وبدأ رئيس المحكمة في النطق بالحكم الذي جاء في ستة بنود.
بمجرد ان نطق رئيس المحكمة الفقرة الخاصة بالسجن المؤبد للسكري.. لم ينتظر الكثير من الحاضرين لسماع بقية البنود ¢فلقد نجا السكري من الإعدام¢ وبالتالي فان الفقرة التالية من الحكم عندما نطقت المحكمة بالسجن المشدد خمسة عشر سنة علي هشام طلعت ازداد ثقل المفاجأة.. ¢فرحة مكتومة¢ لدي المتهمين وأقاربهما وهيئة الدفاع.
دخلت هيئة المحكمة إلي غرفة المداولة عقب النطق بالحكم وانقلبت القاعة رأسا علي عقب.. طار السكري فرحا من نجاته من حكم الاعدام السابق صدوره عليه في المحاكمة الأولي وبدت عليه علامات الفرح وهو داخل قفص الاتهام.. وأخذ يردد ¢أنا مظلوم.. ما قتلتش سوزان تميم¢.
أما هشام طلعت ظل صامتا عقب الحكم وسرعان ما قام رجال الأمن باخراجه هو ثم السكري من قفص الاتهام لاعادتهما لمحبسهما.
حاول الصحفيون والاعلاميون الوصول إلي هشام والسكري بكل الطرق إلا أن الأمن سيطروا علي الموقف بهدوء وعلي الحالة التي اصابت الجميع عقب صدور الحكم.
مركز الحدث.. لم يكن فقط داخل غرفة المداولة حيث كان الصحفيون يريدون الدخول لهيئة المحكمة للحصول علي مزيد من التفاصيل حول الحكم.. فبخلاف هشام والسكري.. كانت هناك هيئتا الدفاع عن المتهمين.. وأقاربهما والد السكري وشقيقه.. وسحر طلعت شقيقة هشام وآخرون .
سحر طلعت مصطفي شقيقة هشام كان واضحا عليها تماما مفاجأة الحكم وحزنها علي صدور عقوبة السجن المشدد علي شقيقها لدرجة انها كانت تسأل المحامي كده يعني القضية خلصت؟.. ¢أمال¢ دور المحامين كان ايه. وبدت حزينة لصدور هذا الحكم علي شقيقها.. وعقب ذلك قام رجال الحراسة الخاصة بها باصطحابها خارج المحكمة لتهدئتها بعد أن أخبرها بعض المحامين أن القضية لم تحسم بعد وأن هذا الحكم بمثابة خطوة في طريق براءة هشام وان هيئة الدفاع ستقوم بالطعن علي الحكم أمام النقض استنادا إلي أن المحكمة لم تستمع إلي مرافعة الدفاع عن المتهمين.
عادت الفرحة تملأ وجه سحر طلعت.. وهي تردد ¢الحمدلله الحمدلله¢.. حاول الصحفيون والاعلاميون التحدث إليها خارج المحكمة إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك حيث حال الحرس الخاص لها دون ذلك واستقلت سيارتها وغادرت المكان.
التقت ¢الجمهورية¢ مع والد محسن السكري اللواء السابق منير السكري حيث قال إن الحكم جاء بمثابة صدمة له واضاف ان المحكمة اصدرت حكمها بينما كانت تستمع لاقوال الشهود في نفس الجلسة.. وكنا ننتظر مرافعة الدفاع إلا أننا فوجئنا بصدور هذا الحكم المفاجئ الذي نزل علينا كالصاعقة.. وأضاف ¢أملنا الوحيد الآن¢ ان نطعن علي هذا الحكم أمام محكمة النقض وقال إننا سوف نحصل علي البراءة.. لان محكمة النقض قمة القضاء المصري.. واشار إلي أن نجله وهشام طلعت لم يرتكبا الجريمة.
والتقت ¢الجمهورية¢ بشقيق محسن السكري حيث أكد ان الحكم فاجأ الجميع وانهم لم يكونوا يتوقعون صدوره في هذه الجلسة التي خصصتها المحكمة لسماع شهود الاثبات وفقا لطلبات الدفاع في الجلسة السابقة.. وأشار إلي أن أسرة السكري كانت تأمل في صدور حكم بالبراءة لمحسن مشيرا إلي أن هناك طعنا علي الحكم سيقدمه الدفاع أمام النقض.
تحدث اعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين عقب صدور الحكم.. حيث قال بهاء أبو شقه محامي هشام طلعت إنه لا يجوز التعليق علي أحكام القضاء واشار إلي أنه حزين لعدم الادلاء بمرافعته أمام المحكمة.. وقال إنه كان يأمل في البراءة إلا أن هذا الحكم جاء مفاجأة مشيرا إلي أنه لا توجد طريقة أخري أمام الدفاع الآن إلا الطعن علي هذا الحكم أمام النقض.
وأشار أبو شقة إلي وجود عيب أصاب الحكم وفقا لقانون الاجراءات الجنائية يتمثل في عدم سماع مرافعة الدفاع.
وقال عبد الرءوف مهدي عضو هيئة الدفاع: إن الحكم جاء صدمة لنا في جلسة كنا نستمع فيها لأقوال الشهود واعددنا العدة للمرافعة وقال إن المحكمة لم تعط لنا اي إشارة بالنطق بالحكم في هذه الجلسة.
حافظ فرهود عضو هيئة الدفاع قال: إن المحكمة اصدرت حكمها المفاجئ دون ¢سابق إي إشارة¢ أو سماع لمرافعتنا وقال إن لدينا فرصة كبيرة أمام محكمة النقض عقب الطعن علي هذا الحكم.
محامية عادل معتوق.. قالت: إن هذا الحكم المفاجئ جاء مفيداً جدا للمتهمين ويعتبر بمثابة البراءة واضافت ان القضية شهدت كثيرا من المفاجآت وانها أخذت وقتا طويلا وقالت إنها لم تشهد طوال عملها في مجال المحاماة والحضور أمام المحاكم مثل هذه القضية.
أشار عاطف المناوي رئيس هيئة الدفاع عن السكري إلي أن الحكم الصادر سيتم الطعن عليه أمام النقض لأن المحكمة لم تستمع إلي مرافعة الدفاع وان الحكم منقوص.. وامامنا فرصة أفضل أمام النقض.
النيابة تطعن بالنقض
علمت ¢الجمهورية¢ من مصادر مسئولة أن النيابة العامة تراقب ايداع أسباب الحكم الصادر. وفحص الحيثيات كاملة بيان ما إذا كانت مطابقة للقانون من عدمه والنظر في اتخاذ اجراءات الطعن علي الحكم من عدمه.
جاء اسدال الستار علي هذه القضية أمام هذه المحكمة عقب نقض حكم الاعدام.. وذلك عقب 13 جلسة عقدتها هيئة المحكمة في اعادة المحاكمة.. حيث شهدت الجلسات مفاجآت عديدة من بينها طلب الدفاع إجراء تجربة عملية أمام المحكمة لاثبات ان الصور المسجلة علي جهاز DVR الوارد من دبي يمكن العبث فيها إلا أنه تعذر إجراء التجربة واعترض الدفاع علي ذلك وقال إن المحكمة لم تتح له الفرصة لاجراء التجربة كاملة.
شاهدت المحكمة في عدد من الجلسات الصور الواردة من دبي التي تقول الاتهامات انها للسكري.. كما استمعت المحكمة للمكالمات الهاتفية التي جاء انها من هشام والسكري قبل تنفيذ الجريمة.. وطالبت النيابة في مرافعتها إعدام المتهمين للمرة الثانية.
أنكر هشام والسكري علي مدار الجلسات الاتهامات الموجهة إليهما.
أشارت مصادر إلي أنه في حالة طعن الدفاع عن المتهمين علي هذا الحكم امام محكمة النقض وقبوله فان محكمة النقض هي التي ستتصدي للقضية ويكون حكمها نهائيا أما في حالة رفض الطعن فان الحكم الصادر أمس يصبح باتا.
وقائع الجلسة
في الساعة الحادية عشرة والنصف تقريبا من صباح أمس داخل قاعة المحاكمة محسن السكري وهشام طلعت.. لم يكن ¢شخص¢ يعلم اننا أمام ¢جلسة تاريخية¢.. يصدر فيها حكم مفاجيء في قضية تصدرت ومازالت تتصدر اهتمامات الرأي العام المصري والعربي.
قبل أن تبدأ الجلسة والتي كان محددا لها سماع شهود الاثبات استجابة لطلبات الدفاع عن المتهمين.. تم احضار السكري وهشام طلعت إلي قفص الاتهام وهي المرة الأخيرة التي يدخلون فيها قفص الاتهام بالقاهرة الجديدة.
كان محامو المتهمين قد اخذ كل منهم مكانه واقاربهما وحضرت سحر طلعت مصطفي الجلسة بعد فترة انقطاع.
في الحادية عشرة والنصف بدأت وقائع الجلسة.. بمفاجأة كبيرة لقد قرأ رئيس المحكمة مذكرة قدمها دفاع هشام طلعت جاء فيها انه يتنازل عن سماع جميع الشهود الواردة اسماؤهم في الجلسة السابقة والاكتفاء بما قالوه في جلسة المحاكمة الأولي سواء الشهود في القاهرة أو دبي.. لكن الدفاع استثني من ذلك ستة شهود هم الدكتورة هبة العراقي خبيرة الطب الشرعي والدكتور عادل المسيري اخصائي بحوث الطب الشرعي والبصمة الوراثية وشعيب علي أهلي رئيس نيابة دبي والنقيب احمد ناصر بشرطة دبي ورئيس وحدة الكلاب البوليسية بدبي والمختص بتشغيل كاميرات المراقبة في برج الرمال 1 وفندق الواحة يوم 28 يوليو 2008.
وأكد دفاع هشام طلعت في مذكرته التمسك بالطلبات الأخري التي لم تجب المحكمة الدفاع فيها في قرارها الصادر جلسة الاحد الماضي.. وقال الدفاع إن هذا يأتي حرصا من الدفاع علي عدم اطالة امد الدعوي.
اشار الدفاع إلي أن هذا التنازل جاء بناء علي طلب هشام طلعت استنادا إلي ن الشهود تحدثوا في التحقيقات وادلوا بشهادتهم ايضا امام المحكمة في المحاكمة السابقة التي صدر فيها حكم الاعدام.
وعقب هذه المفاجأة وقف رئيس هيئة الدفاع عن السكري وقال إنه طالما طلب الدفاع طلبا درسته المحكمة في المداولة واتخذت فيه قرارا فان تحقيقه اصبح متعلقا بذمة المحكمة لابد منه الدفاع وقال: انني متمسك بقرار المحكمة السابق لتنفيذه وانني متمسك تمسكا جازما بالطلبات السابقة.