جامعة الكل
الجنس :
عدد المساهمات : 20616
العمر : 59
| حبايبى الحلوين تعالوا نتعرف على ( الصائم الصغير ) |
| حبايبى الحلوين تعالوا نتعرف على
( الصائم الصغير )
كان عُمْرُ وسامر إحدى عشرة سنةً. بدأ منذ العام الماضي يصومُ شهرَ رمضانَ. كان سعيدا مبتهجا بذلك، لقد أشعره ذلك أنه قد أصبح كبيراً، وهو يصوم مثل الكبارِ، ويجلسُ في المساءِ على مائدةِ الإفطارِ كما يجلسون. وهو في هذا العام أكثرُ سعادةً بالصومِ، لا سيما وأن والدَه الحاجَّ عبدَ الغفارِ يحكي له ولإخوتِه في كلِّ يومٍ من أيام هذا الشهرِ قصةً شائقةً من قصصِ الصحابةِ وعظماءِ الشخصياتِ.
كان والدُهم يتعمّدُ أن يحكيَ لهم القصةَ بعدَ صلاة العصرِ، حيث يكونُ الجوعُ والعطشُ قد بدأ يسري مفعولُهما، فتأتي القصةُ المسليةُ المفيدةُ فتشغلهم فلا يشعرون بمرورِ الوقتِ. ولكنّ سامر شعر اليومَ بالعطشِ منذ وقتٍ مبكرٍ ، وأخذ يحسُّ بطولِ الوقتِ عندما علم أن أباه مدعوٌّ للإفطار عند أحدِ أصدقائِه ، ولن يحكيَ لهم قصة من قصصِه الرائعةِ التي لا تجعلُهم يحسون بمرورِ الوقتِ . أخذ الشيطانُ يوسوسُ إلى سامر أنْ أفطرِ اليومَ فأنت جائعٌ وظمآنُ ، وتستطيعُ أن تعوِّضَ ذلك في يومٍ آخرَ. وازدادت وسوسةُ الشيطانِ: - أنتَ ما تزالُ صغيراً. أنت تشعرُ بالعطشِ والتعبِ، وأبوك قد أذِن لسلمى أختِك وهي في الثالثةَ عشرةَ أن تفطِرَ في الأسبوعِ الماضي لأنها كانتْ متعبةً .. ولكنه ما يلبثُ أن يراجعَ نفسَه قائلاً: - سلمى كانت مريضة، وقد رخَّص لها الطبيبُ المسلمُ بالإفطارِ، وأما أنت فلستَ مريضاً والحمدُ للهِ. إنه مجرّدُ عطشٍ بسيطٍ يشعرُ به كلُّ صائمٍ، ولا بدَّ منه للأجرِ والثوابِ.. والأجرُ على قدْرِ المشقةِ كما يقولُ لنا أبي باستمرارٍ.. ظلَّ سامر متردّداً. اقترب من الماءِ في إحدى المراتِ، فتح حنفيةَ الماءِ، فتدفق عذبا بارداً ، فسال لعابُه من الشهيةِ ، وكاد يغترفُ غُرفةً بيدِه، ولكن في تلك اللحظةِ دخل أخوه " عماد" وهو أصغرُ منه بسنتين. سأله سامر: - أما تزالُ صائماً يا عمادُ؟ فقال عمادٌ بثقةٍ: - طبعا ، لم أفطِرْ إلى الآنَ إلا يوما واحداً ، ولولا أمي لما أفطرتُ . قالتْ لي: إن الصومَ لمَّا يُفرضْ عليَّ بعدُ، وإن صيامي بضعةَ أيامٍ وأنا في هذه السِّنِ هو للتعويدِ والتمرينِ، ولكني سأواصلٌ صيام ما تبقى من رمضانَ، ولن أفطِرَ أبداً.. نظر سامر إلى أخيه الصغيرِ بإعجابٍ ، وقال له: - أحسنتَ يا عمادُ.. أنتَ ولدٌ عظيمٌ.. وخجل سامر من نفسِه، فأغلق حنفيةَ الماءِ، واستغفر اللهَ، وأكمل صيامَ يومِه، ولم يعُدْ يخطرُ في بالِه الإفطارُ أبداً. | |
|