ما أصعب أن تكبر وتجد نفسك أمام «ميزان» يرجح نقصان أيامك وأنت كما أنت!
مازالت تهز برأسها يميناً ويساراً، تبتسم كما الذي يعيش حالة "خدر" غير مفهومة، لتسأل:
"هل أنا حقاً امرأة الأربعين؟، هل حقاً مضى العمر سريعاً من دون أن يلتفت لينظر لهذا القلب الصغير
الذي مازال يحبو بداخل قفصي الصدري ولم يتعلم بعد؟،
تبسط يديها عند مكان القلب، تتحسسه كأم تتفقد رضيعها في سريره المهتز،
تتأكد أن كائنا حيا مازال ينبض بداخلها، تسحب يدها تباغت المرآة بذات السؤال الحائر:
هل كبرت؟، هل مضى العمر بي؟، تستدير نحو كتابها المُلقى على حافة
سريرها تتناوله كمن وقع على كنز، تتأمل عنوانه: "40 في معنى أن أكبر" للكاتبة "ليلى الجهني"،
تقلب صفحاته تتمتم: "إنني أكبر وليس بيدي أن لا أفعل، كل ما بيدي وأنا أكبر هو أن أعي كيف
ينحتني هذا الكبر، ما الذي يأخذه مني؟، وما الذي يضفيه علي؟"، ثم تقرأ: "إنني أكبر،
واغدو أكثر هشاشة من قبل، يؤذيني أحياناً أن أشعر أنها هشاشة من يعي ويعرف أكثر مما يجب،
لا هشاشة من لا يجرؤ، أليست الهشاشة عطباً في الروح؟".
تقفل الكتاب تأخذه هاربة إلى صدرها، تراقصه في غرفتها، تستدير في كل زاوية وهي تغني:
"أليست الهشاشة عطباً في الروح"، ترفع صوتها حتى ينسحب منها إلى صمت ينتهي بها إلى مرآتها
لتنظر بألم إلى وجهها، عينيها التي كم عاشت طويلاً، كم تألمت، كم بكت،
كم عاشت ضياع الفرص، كم سرقت منها أحلامها، كم فارقت حبيبها، كم تعطشت إلى فرح،
كم تطلعت إلى أمل، كم خذلها المقربون، كم طعنها الصديق،
كم تشمت بها أعدائها، كم وكم حتى مضى العمر سريعاً يسرق معه الأحلام من دون أن يلتفت إليها.