السجين والحرية
ما أعظم الحرية , وما أطعم مذاقها؟.... يمينا سرت أو شمالا مشيت لا أحد يستوقفك
لا تخشى أن يكمم فوك إذا لزمت حق الآخرين , ولم تدنو قدامك من حمى حفت جوانبه بأشواك سدر وأكل خمط جزاء وفاقا , لا يداك بطشتا بحرمات أنت لست من محارمها , وهي ليست من محارمك.
طيبة هي الحرية , ونعيم لا يشعر به بعد فقدانه إلا من نبذ في غياهب السجون , بعد صول وجول على أديم الأرض التي لم تشكو يوما وطأ أقدامك وإقدامك , وما اقترفته فوق ظهرها
من إثم أو ما قدمته من طاعة , تذهب حيث تشاء, وإلى أي مكان شئت , وحيثما أردت , تتنفس هواءها نقيا , تسبح في ملكوت رب العالمين , وما تهفو إليه نفسك من خير الأكل والشرب واللباس , لا يمنعك مانع ذو بال إلا إذا كنت طريحا لا تقوى عضلاتك على الحركة.
ما أجملك أيتها الحرية وما أهنأك ... لا يضاهيك شيئ في هذا الوجود المترامية أطرافه
اتساعا ورحبة , وما أبغض القيد والقيود والأصفاد والأغلال والسلاسل ..
ويبقى السؤال لا يبارح مخيلة ذاك الحر الطليق , ويبقى جاثما فوق صدر السجين وزر الانشغال
ما أدى به إلى هذا القبو والمآل......
لا أقول أن وجود السجون خطأ , فقد يقتضي الأمر ذلك محافظة على حقوق الناس وأرواحهم وأموالهم وأمنهم, وكذا الحقوق العامة للدولة والمجتمع أينما كان ومهما كانت عقيدته ومفاهيمه وإيديولوجياته .
إن لعزة النفس الأبية وقعا أهون عليها من ضرب السيوف ورشق النبال وطعنات الرماح على قلب السجين البرئ , أقول السجين البرئ لا طعنا في الحكم بل مقارنة بما ارتكب العصاة المردة الجناة من انتهاك للحرمات وقتل وسرقة واختلاس وتزوير وأكل أموال الناس والدولة بالباطل قصدا وعنادا واستهتارا بالقوانين , وتناسوا أن الحق هو حق وأن الباطل هو الباطل
حتى وإن حدث – لا قدر الله- سهو فعين الله ساهرة , لا بد من القصاص ليرتدع كل من سولت وزينت له نفسه والشيطان سوء عمله .
ما دهاك ...؟ ما دعاك....؟ تقول لي: أن هذا قضاء وقدر . نعم لا مرد لقضاء الله , لكنك لو تحصنت.. لو حذرت... لو درست.... لو اتقيت... لو...لو..لهان الأمر وخف ثقله .....
أو ربما تقول أنا مظلوم . ربما كان ذلك .....
على كل فالموج أمواج كلها تتلاطم ببعضها .... كلها بين مد وجزر وتعود ساكنة لمياهها
ابراهيم تايحي