الطريق المسدود
فوق الربا وقفت أرنو إلى مستقبل بلادي.. فإذا بها تجثو على بركان ونار
ثم أرجعت البصر كرتين فانقلب البصر خاسئا وهو حسير , وأعدت النظر فإذا بالبصر والنظر كلاهما حقير.
صبايا بلادي بين غدو ورواح , يبحثن عن وظيفة شريفة كل صباح, والكلاب المسعورة تعوي
في كل مكان , لا هثة وراء ثنايا الجرم والعار.
ويسدل الليل ستاره فتنطلق الخفافيش المخنثة نحو فراش هزيل بدمار
وترقص الجواري الكاسيات العاريات فوق همم الفضيلة نشوة بمزمار
ويخيم الصمت الرهيب, فتحبس الأنفس وتطفأ الأنوار فقد نط الفأر
وتقدم الجمع مختالا مصفر الوجه والمحيا منه يعلوه غبار
وتنافس القوم مناوشة ومنا بزة فإذا بأحس الألقاب الصرصار
والبصمة فوق البصمة وأدنى المناصب بألفي ألفي دينار
فيا شهادتي أنت شقائي وتعاستي , ضعت بين ليل ونهار
وشباب بلادي بين الوظيفة والمضيفة تائه ..تائه محتار
أهكذا ينزل الفارس وتطفوا الطحالب فوق سطوح البحار
أهكذا تغرق سفن الشهامة , وتطمس الكرامة وينهق الحمار
فلا أنت بمنقذي , ولا هي بقادرة على دفع دراهم أو دولار
فملك الفاسقين أقسم بالله أنه مصلح مختار
وتناسى دموع المظلومين, البائسين, وعصى الملك الجبار
فما ذا أنت قائل لربك يوم تطاير الصحف ويزال الستار
غوتك الفانية , وغرك ذاك بربك , فبعت نفسك بقطعة غيار
يا آكل السحت اتق ربك ؟ واحذر يوما لا شموس فيه ولا أقمار
وما فوق التراب زائل وكل بناء غش منهار منهار
ما غرك بربك الكريم ؟ يا خشب..يا حجر .. يا مسمار
وانظر لمن فات قبلك صنعا ؟ مثل الذي فيه أنت خوار
إن عليل الجسم يشكو ألما . ومن ظلمت شكوك للواحد القهار
رويدك لا تتعجل ولا تغتر؟ إن بقيت هكذا فسريرك من نار
ولا تذرف دموع التماسيح فإنها ارحم منك بأبناء الديار
وقفوا أمام بابك , لا منة, بل لحق شرعي رسمه الأحرار
الحرباء تبرأت منك وناءت خوفا يا علقم يا صبار
أفسدت الخلق والخلق. فبنيت من قش هش جحور وأوكار
وظننت أنك في الدنيا خالد. وصنعت حولك كواكب وأقمار
خسئت وخسئ أمثالك , فأنت سرطان البلاد وكل الأمصار
أتغلق بابك لطالب حاجة ؟ وتزأر في وجه الصبايا يا غدار
ما ذنبهن؟ لما طردتهن ؟ لما أبخستهن ؟ يا ذيل الأشرار
تتأبط ذراع من رن الأصفر في جيبه , وتتجاهل الأخيار
ليت شعري أحيا ليوم أرى فيه ما بنيت في انهيار ودمار.
ابراهيم تايحي