امرأتان في حياتي
على الشاطئ الآخر رست مركبتي مرغمة , بعد انكسار مجاذفي , وارتخاء مفاصلي , وشرود فكري , وتياهان عقلي , وما أصابني من كلل وملل , بحثا عن
امرأتين لم أجد بين أحشاء التاريخ لهما مثلا وحكمة .
أما المرأة الأولى قد علمت اسمها , فهي حذام , امرأة ذات لسان صدق ودراية
تربعت على كرسي العرب , يعود إليها القوم – رغم اختلافهم وتفككهم – طلبا
للحقيقة وكذا الرأي السديد وكيف ذاك وهم القائلون:
إذا قالت حذام فصدقوها ** فإن القول ما قالت حذام
أما عن المرأة الثانية فقد عرفت رسمها, هي جهينة, امرأة أوتيت من الحكمة وصدق الخبر .
حكيمة خنع لها الكل إذا ما أختلط حابلهم بنابلهم .
ميزت بين الفجرين وملامح التوأمين , وهم القائلون فيها:
عند جهينة الخبر اليقين.
هاتان المرأتان من نسوان العرب بهما ضرب المثل / مثل عدن/ منذ قرون وأحقاب
ولا زالتا للكلمة الصادقة نبراسا يضيئ سبل العطشى للصدق , فما أحوجنا إليهما اليوم .... في زمن ذل فيه الكريم وسيد فيه النذل اللئيم ... فيه سادت الرداءة , وفيه
قبرت البراءة .
فيه استعبد الدينار والدرهم من لا دينار لهم ولا درهم
زمن أشرقت شمسه من مغربها وذبحت فيه الهمم في مشرقها .
ويا ليت عمري ما تواجدت بين سدين , أحدهما ماءه آسن, والآخر جوفه
للرذيلة حاضن.
ابراهيم تايحي