الدروس الخصوصية هذه الأيام على قدم وساق ورغم الاعتراضات الكثيرة من البعض على عدم التطرق لهذه الظاهرة من حيث قطع رزق المدرسين و(خربان) بيوت الطلاب إلا أن هذه المشكلة تدعونا إلى الوقوف عندها مطولا لأسباب كثيرة أهمها حاجة الطلاب لتلك الدروس رغم أن المدارس الحكومية تؤكد أنها أنهت كامل المنهاج للطلاب، والواقع أنه حسب معلوماتنا ليس فقط أصحاب الشهادات الإعدادية (التعليم الأساسي) والشهادة الثانوية بسبب رغبة الطلاب وأولياء أمورهم في الحصول على درجات تؤهلهم لدخول أرقى الجامعات الحكومية والكليات التي عليها العين هم أكثر الطلاب احتياجا لتلك الدروس
إنما أصبحت ظاهرة الدروس الخصوصية تغزو جميع المراحل التعليمية على حد سواء من المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الإعدادية وأصبحت هماً يضاف إلى هموم العوائل والسؤال: لماذا الدروس الخصوصية أصلا؟
وهذا يعني أن هناك مشكلة في المدارس الحكومية مردها حسب تبريرات القائمين على العملية التعليمية نقص الكادر التدريسي المختص وتكليف طلاب الجامعة لسد النقص، إضافة إلى صعوبة تدريس المنهاج الجديد ولذلك يلجأ الأهالي إلى المدرسين الخصوصيين.
واللافت في الموضوع أن أسعار الدروس الخصوصية فاقت الخيال ولذلك الطالب الذي يكون مستواه الدراسي ضعيفاً يضطر إلى الاستعانة بالدروس الخصوصية من أجل الحصول على النجاح أما الطالب المتفوق فيستعين بها من أجل الحصول على التميز وهذا حق مشروع لكل منهم ولكن المشكلة أن الدروس الخصوصية خلال السنوات الأخيرة دخلت عالم البورصة وأصبحت أسعارها خيالية ووصلت إلى نحو 1500 ليرة للساعة الواحدة على الرغم من تحسن رواتب المدرسين والمعلمين مقارنة بالسابق وهنالك أسئلة تطرح نفسها في هذه المشكلة وطبعا ليس كل أولياء الأمور باستطاعتهم توفير الدروس الخصوصية لأبنائهم وهذا يعتمد على دخل المواطن حيث توجد عوائل لا تستطيع حتى توفير نعمة التعليم لأولادها ولقمة العيش بسبب ضعف المستوى المعيشي.
والحقيقة أن هناك بعض المدرسين ممن يوصفون بخمسة نجوم يعطون المواعيد على الهاتف وبعنجهية والأهل يستعطفونه من أجل ساعة واحدة فقط حيث يؤكد أحد أولياء الأمور أنه بعد اتصالات حثيثة مع مدرس لمادة الكيمياء وافق على إعطاء ساعة فقط وبسعر التنزيلات 1000 ليرة، أما آخر فيقول إنه احتاج لمدرس لغة عربية لشرح القواعد لابنتيه ولكن المدرس اشترط عدم إعطاء المجموعة واشترط إعطاء ساعة لكل طالبة (لأن الطالبتين مجموعة) وألف ليرة للساعة، ولعل معاناة الطلاب والأهالي لا تنحصر في المدارس الحكومية بل تعدتها للخاصة فأحد أولياء الأمور يضرب الكف بالكف ويقول إنه دفع لابنته 100 ألف ليرة رسوم مدرسة خاصة.
واليوم يدفع 1500 بالساعة للمدرسين الخصوصيين وكل ذلك لأجل أن تدخل ابنته كلية الصيدلة!!
بالماضي كانت المدارس الحكومية تركض وراء الطلاب من أجل حضور الدورات التعليمية برسوم رمزية جداً وكان الطلاب الفقراء والبعض من الطلاب بالمجان، أما اليوم فأصبحت المسألة بالمقلوب وأصبح الطلاب يركضون وراء المدرسين، وأجمل تعبير يمكن وصفه على هذه الظاهرة قول الشاعر