رعاية صحة الطفل بعد الولادة مباشرةً :
تطرأ على الطفل بعض التغيرات الفيزيولوجية الأساسية للتكيف مع المحيط خارج الرحم حيث يبدأ الجهاز التنفسي بوظيفته بالتبادل الغازي ويبدأ جهاز الهضم بالقيام بوظائف الهضم والامتصاص.. وتحدث تبدلات دورانية هامة حيث يُحذف الدوران المشيمي ويُستعاض عنه بالدوران الرئوي وذلك بانغلاق الأوعية السرية وانغلاق القناة الشريانية.. وتتم التغيرات الفيزيولوجية عند الطفل حديث الولادة عادة بشكل يسير وبدون اضطرابات ملحوظة، ولكن تكثر مشاهدة المضاعفات في حالات خاصة كالإصابة بالتشوهات الخلقية والخداج ونقص الوزن عند الولادة وفي حالات تعسر الولادة ولا سيما في حال تعرض المولود لأذيات الولادة الفيزيولوجية التي قد تنجم عن تألم الجنين وتعرضه للشدة أثناء الولادة أو إعطاء الأم المخدرات أو المسكنات القوية أو تعرض الوليد لأذيات الولادة الرضية.
مهام طبيب التوليد و طبيب الأطفال للعناية بالطفل بعد الولادة:
1- قطع الحبل السري والعناية بندبة الصرة.
2- تحري الطرق التنفسية من المفرزات ومساعدة الوليد على تأسيس التنفس الطبيعي.
3- العناية بالعينين.
4- فحص الطفل حديث الولادة.
5- المحافظة على حرارة الجسم الطبيعية.
6- تأسيس الإرضاع الطبيعي.
7- تأسيس العلاقة بين الأم والمولود الجديد.
8- الوقاية من الإنتانات.
9- الوقاية من أية اضطرابات أخرى.
قطع الحبل السري والعناية بندبة السرة:
- يوضع الطفل المولود بمستوى اخفض قليلا من مستوى وضعية الأم
- الانتظار حتى تلاحظ توقف نبض أوعية الصرة
- تمسيد الحبل السري باتجاه الوليد
- يطبق ملقطين في مكان مناسب من الحبل السري ليتم القطع بين الملقطين.. ويوضع عادة الملقط الأول على مسافة ثلاث أصابع من جسم الطفل ويوضع الملقط الثاني بعد الأول بمسافة صغيرة.
- استخدام أداة معدنية حادة معقمة لقطع الحبل السري بين الملقطين وفي حال الشك بتعقيم الأداة القاطعة يجب تلهيبها قبل استخدامها لفترة 15 ثانية على الأقل.
- يجب عدم تغطية ندبة الحبل السري بأي غطاء أو مرهم ويجب عدم استخدام أية مواد أخرى قد تلجأ إليها الأسرة أو الداية كالبن أو الرماد أو الكحل و يكفي غسلها بالكحول الطبي.
- يجف جذمور الصرة ويسقط عادة بعد الولادة بأسبوع.
ينبغي المحافظة على نظافة ندبة الصرة وعدم استعمال أية مواد لتغطيتها فهذا يفيد في الوقاية من إصابة الوليد بالإنتان ولا سيما الكزاز الذي غالبا ما يؤدي إلى الوفاة ويجب الانتباه إلى رباط أو ملقط الصرة لأن انفكاكه قد يؤدي إلى نزف صاعق.
تنظيف أنف و فم الوليد من المفرزات ومساعدة الوليد على تأسيس التنفس الطبيعي:
يكون الفم والطرق التنفسية ممتلئة بالسوائل بعد الولادة والتي يجب تخليص المولود منها.. لذا وبعد تخلص المولود مباشرة يجب الإمساك بالطفل وقلبه رأسا على عقب لمدة تتراوح بين 10 - 15 ثانية حيث تسيل السوائل خارج الطرق التنفسية وتتوسع الرئتان ويبدأ صراخ الطفل الأول أثناء هذه المناورة في اغلب الأحيان.
يوضع المولود بعد ذلك بوضعية الاستلقاء ويتم تجفيف وتنظيف مفرزات الفم باستخدام قطعة من الشاش المعقم ملفوفة على خنصر يد المولود، ثم تستخدم ماصة لشفط المفرزات من فتحتي الأنف ومن الفم.. ويجب أن يتم ذلك بلطف زائد وقاية من عدم إصابة مخاطية الفم والأنف برضوض نتيجة لحركة عنيفة أو مص سلبي قوي.. وللتأكد من عدم السرعة أو البطء بالقيام بإجراءات مص المفرزات يجب الانتباه إلى انه يمكن القيام بتلك الإجراءات خلال فترة 12 ثانية.
إن كثير من المواليد الذين لم يباشروا بالصراخ أثناء قلبهم نحو الأسفل يقومون بذلك أثناء مص مفرزات الفم والأنف.. أما في حال تأخر المولود بالصراخ حتى بعد مص مفرزات الفم والأنف فيجب إنعاش المولود واللجوء إلى الاستشارة الاختصاصية بصورة إسعافية.
إن تأسيس التنفس الطبيعي عند الطفل المولود عامل حيوي وهام في بقائه.. أما في حال عدم بدء التنفس الطبيعي خلال نصف دقيقة بعد الولادة فيجب إنعاش الطفل بصورة إسعافية، ولذا يجب أن تكون قطع الشاش المعقم وماصة المفرزات قريبة في متناول اليد في غرفة الولادة وجاهزة للاستعمال فور تمام ولادة الطفل.
تتراوح نسبة الأطفال الذين يعانون من مشاكل تأسيس التنفس الطبيعي بصورة فيزيولوجية فعالة ما بين 5 - 10 بالمئة.. ويفيد استخدام مقياس أبغار بعد الدقيقة الأولى في تقرير مدى حاجة الطفل المولود للإنعاش وكل طفل ينقص مقياس أبغار لديه عن (5) يحتاج لإنعاش فوري.
العناية بالعينين عند الطفل حديث الولادة :
يجب تنظيف العينين من السوائل والمفرزات باستخدام قطعة شاش معقمة وناعمة.. ويفضل وضع قطرة في كل عين من محلول عيني لأحد الصادات واسعة الطيف .. إن وضع بعض المواد في عيني الطفل الوليد قد يكون ضاراً.. فاستخدام قطارة محلول نترات الفضة قد تؤدي لتعرض العين للتخريش الكيميائي إلا إذا تم تحضيرها حديثا.. كما يجب تنبيه الأسرة على عدم استخدامها الكحل لاحتوائه على الرصاص الذي يؤدي لتسمم الطفل بهذه المادة.
فحص الطفل حديث الولادة من قبل طبيب الأطفال:
بعد أن يتم قطع الحبل السري وتأسيس التنفس الطبيعي عند المولود، يجب تجفيفه جيدا ولفه جيدا بقطعة مناسبة من القماش لتجنب ضياع حرارة الجسم نتيجة لتبخر السوائل التي تغطي المولود.. بعد ذلك يجب قياس الوزن فإذا كان يقل عن 2500 غرام فيجب الانتباه إلى أن وزن الطفل غير طبيعي فان نقص الوزن عند الولادة يزيد من معدل تعرض الوليد لمضاعفات خطرة، وفي حال عدم توفر مقياس الوزن فيمكن تقدير أن الطفل ناقص الوزن إذا كان محيط منتصف ذراعه يقل عن 9 سم
يجب أن يتم فحص الجسم بصورة سريعة للتأكد من عدم إصابة المولود بالتشوهات الخلقية ولا سيما انشقاق الشفة أو شراع الحنك، غياب فتحة الشرج، وجود كتلة أو فتحة على مسار العمود الفقري (شوك مشقوق).
يجب التأكد من عدم تعرض المولود لأية أذيات رضية ناجمة عن الولادة وذلك بفحص شكل الرأس والتأكد من عدم وجود كتلة طرية الملمس ناتجة عن نزف تحت سمحاق عظام الجمجمة، وفحص الأطراف والتأكد من حركتها بصورة طبيعية. بعد التأكد من سلامة جسم الطفل المولود يجب وضعه إلى جانب والدته لتأسيس الإرضاع الطبيعي.. يُعتبر وزن الطفل عامل هام في بقاء الطفل وسلامته..
المحافظة على حرارة الجسم الطبيعية:
يتعرض الطفل حديث الولادة للبرد بسهولة ولا سيما في حال نقص الوزن عند الولادة.. إن تعرض الطفل لأذية البرد لا سيما في الساعات الأولى من الحياة قد يؤدي إلى مضاعفات خطرة على حياته..
• - إن عامل الخطورة الأول للتعرض لأذية البرد هو تبخر السوائل التي تغطي جسم الوليد لذا يجب تجفيفه بسرعة.
• - يجب أن تكون حرارة غرفة الولادة حوالي 23 درجة مئوية وهي أفضل درجة للمحافظة على دفء الوليد.
• - يجب أن يُلف الوليد جيدا بقطعة قماش مناسبة وحافظة للحرارة.
• - يشكل رأس الوليد 25% من مساحة جلده لذا يجب أن يُغطى رأس الوليد بقبعة ناعمة وحافظة للحرارة.
• - إن أفضل مصدر للحرارة بالنسبة للمولود هو جسم الأم لذا يجب وضع الطفل جانب والدته في الفراش وتحت الغطاء نفسه.
• - إذا بدت أطراف المولود زرقاء أو كان ملمسه بارداً بالرغم من اتخاذ كافة الاحتياطات المذكورة أعلاه، يجب زيادة حرارة الغرفة أو استخدام الأكياس المطاطية المعبأة بالماء الحار في الفراش إلى جانب المولود.. ويجب الانتباه إلى أن انخفاض حرارة المولود ناقص الوزن على الرغم من اتخاذ كافة الاحتياطات لتدفئته تستدعي نقله إلى المستشفى.
• إن أفضل طرق المحافظة على حرارة الطفل حديث الولادة هي إرضاعه من ثدي الوالدة بأقرب فرصة ممكنة بعد الولادة واستلقاؤه على جانب والدته في الفراش وبقماش مباشر معها.
تأسيس الإرضاع الطبيعي:
يجب أن يوضع الطفل على ثدي أمه مباشرة ويجب ألا يتأخر عن ذلك ساعة واحدة فلقد أثبتت الدراسات أهمية ذلك في تأسيس الإرضاع الطبيعي وتوطيد العلاقة بين الأم ومولودها الجديد إضافة إلى أهمية ذلك في المحافظة على حرارة الطفل حديث الولادة. ويجب عدم اللجوء لإعطاء الماء أو الشاي أو السوائل السكرية الأخرى للطفل المولود حيث يكفي حليب الأم احتياجات الطفل من السوائل حتى في الطقس الحار.. وتكون درة الحليب في الأيام الأولى قليلة الحجم صمغية القوام لكن يجب التركيز على ضرورة اعطاؤها للطفل (اللبأ او الصمغة) نظرا لارتفاع تركيز البروتينات والمواد المفيدة في زيادة مناعة الطفل من الإصابة بالإنتانات.. ويجب دوما تشجيع الأم على إرضاع طفلها بعد الولادة ولا سيما إذا كان الطفل الأول.. يجب البدء بإرضاع الطفل من ثدي والدته بأقرب فرصة ممكنة بعد الولادة وخلال الساعة الأولى من الحياة حصرا.. ويجب أن تنبه الأم لضرورة إرضاع طفلها اللبأ (الصمغة) وعدم التخلص من هذه المفرزات نظرا لأهميتها في تغذية وحماية صحة الطفل ووقايته من الإنتانات.
تأسيس العلاقة بين الأم والمولود الجديد:
إن التماس المباشر والباكر بين الأم ومولودها الجديد ضروري جدا في تأسيس العلاقة بينهما، وفي حال فصل الطفل عن الأم لسبب ما تتأثر هذه العلاقة بصورة سلبية.. ومن أهم الإجراءات التي توطد العلاقة بين الأم والطفل هي الإرضاع الطبيعي لا سيما إذا كان مبكرا بعد الولادة وغير مشارك بإعطاء الطفل سوائل أخرى.. يؤثر فصل المولود عن الأم على تطور الرابطة العاطفية بينهما بشكل سلبي.
وقاية الطفل من الإنتانات:
يكون الجهاز المناعي عند الطفل حديث الولادة غير مؤهب جيدا للقضاء على الإنتانات التي قد يتعرض لها، لذا يجب وقاية الطفل من كافة المصادر الممكنة للإصابة بالإنتان.. ويمكن تعرض الطفل حديث الولادة للإنتانات بعدة طرق.. فمنطقة الصرة غير الملتئمة بعد قطع الحبل السري تعتبر طريقا سهلا لدخول الجراثيم التي من أخطرها الكزاز الذي كثيرا ما يؤدي للوفاة.. ويُعتبر الطريق الهضمي معبرا آخر للإنتان والذي يمكن أن يؤدي للإسهال، لذا يُعتبر الإرضاع بالزجاجة خطرا على حياة الطفل ولا سيما في المراحل المبكرة من حياته.. كما يمكن أن تنتقل الأمراض الإنتانية إلى الطفل حديث الولادة بواسطة الأيدي والملابس غير المطهرة ومن هنا تأتي أهمية العناية بالنظافة الشخصية من قِبَل الأم والعناصر الصحية من القائمين على رعاية الطفل حديث الولادة، وكذلك أفراد الأسرة الذين يكونون على تماس مباشر مع الطفل.. وكذلك يمكن أن ينتقل الإنتان إلى الطفل عبر الطرق التنفسية لذا يجب على كل المصابين بإنتانات في الطرق التنفسية الابتعاد عن الأطفال حديثي الولادة.. كذلك يمكن أن تكون التجهيزات المستخدمة في قسم التوليد وغرفة الولادة والحضانة ملوثة وناقلة لعدوى الإصابة بكثير من الإنتانات. يسهل تعرض الطفل حديث الولادة للإصابة بالإنتانات لذا من الضروري اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة من الإصابة بها.. ويفيد الإرضاع الطبيعي في حماية الطفل من الإنتانات التنفسية أو إصابته بأمراض الإسهال.
مصادر الإنتان المحتملة في حضانة المستشفى:
طاولة تغيير ملابس الطفل المشتركة - حوض الاستحمام المشترك - عامل التمريض - زجاجات الإرضاع - الأم والأقارب من خلال القطيرات التنفسية والأيدي الملوثة والملابس الملوثة.
وقاية الطفل حديث الولادة من النزف: يسهل تعرض الطفل حديث الولادة للنزف ويتظاهر ذلك في حال حدوثه بنزف دموي في منطقة قطع الحبل السري، أو تحت الجلد، أو في الأنبوب الهضمي الذي يتظاهر بإقياءات مدماة أو براز مدمى أو قاتم اللون ويمكن أن يحدث النزف داخل الجمجمة.. ويعود ذلك إلى عوز مؤقت للفيتامين ك الذي يمكن معالجته بسهولة بإعطاء 1 ملغ من الفيتامين ك1 وفي الأحوال المثالية يجب إعطاء جميع حديثي الولادة 0.5 ملغ من الفيتامين ك1 حقنا عضليا، ولكن في حال تعذر تعميم هذا الإجراء يمكن حصر ذلك بالأطفال الأكثر عرضة لخطر النزف ولا سيما في حالات نقص الوزن عند الولادة (اقل من 2500 غ) والتعرض لولادة عسرة وللأطفال الذين واجهوا صعوبة في تأسيس التنفس الطبيعي بعد الولادة.
إنعاش الطفل بعد الولادة:
يحتاج بعض الأطفال للمساعدة في بدء التنفس الطبيعي و إن فشل الوليد في البدء بالتنفس الطبيعي بعد الولادة مباشرة يؤدي إلى حالات تهدد حياته وينجم عن ذلك نقص الأوكسجين في الدوران الدموي والتي تحدث بصورة طبيعية عند حديثي الولادة عند البدء بالتنفس نتيجة لارتفاع مستوى أوكسجين الدم بصورة مفاجئة، وبالتالي استمرار نمط الدوران الجنيني. إن إصابة الأم أو الجنين ببعض الاضطرابات تزيد من معدل خطورة إصابة الوليد بالاختناق بعد الولادة لذا يجب توقع حدوثه في حال ظهور هذه الاضطرابات.. إضافة إلى ذلك فإن تعرض الوليد للاختناق بعد الولادة يجعله معرضا لخطر عدم انتظام التنفس في الأيام التالية ولذا يجب مراقبته جيدا بعد إنعاشه خشية تعرضه لاختناق ثانوي بعد الولادة. إن هدف إنعاش الطفل بعد الولادة هو مساعدته على تأسيس تنفس ودوران طبيعي لضمان وصول الأوكسجين وبالمستوى الكافي إلى أعضائه الحيوية.