حساب قلبي المصرفي
بحثتُ في حساب قلبي المصرفي،
فوجدتُ ديونا كثيرة تراكمت علي،
بعضها ابتسامةٌ حلوة، وبعضها كلماتٌ عذبة ،
وأغلاها نصحٌ وموعظة حسنة .
قدّمها إلي أناسٌ رائعون في حياتي قرضاً مازال يعلو رصيده داخل القلب .
فقد علموني أن جمال الحياة في عطائها يفوق جمالها في الأخذ ..
وخلال بحثي ..
فاجأتني مشاعرُ كثيرةٌ تلاشت من رصيدي ..
بعضها نقاءٌ سُرقَ في خلافاتٍ عابرة،
وبعضها حبٌّ نُهب ،
حين أودع في غير مصرفه،
أو خير توانيتُ عن تقديمه ..
ووجدتُ آلاماً كثيرة وجراحاً عميقة سببها لي الآخرون
قد تراكمت في داخلي فتجاوزت النطاق المعقول .
في الحقيقة ما كنتُ لأتنبه لهذا الأمر لولا أن تحذيراً هاماً قد وصل
إلى قلبي يخبره أنني في حالة خطرة من الضيق والحزن والنقمة على الآخرين ..
أسرعتُ وفتشتُ عن رصيد النقاء فوجدته يتراجع بسرعة خيالية
فيقترب من حدوده الدنيا ..
عندها انتابتني مشاعرُ خوف عميقة من أن أصبح إنساناً آخر أكرهه،
دون أفهم سبب كرهي له ..
تذكرتُ وصية ذلك الشيخ الذي مر يوماً قرب حديقة منزلي
وقطف بعض زهر الياسمين ،
ولحظني أراقبه مبتسماً فقال لي ..
أي بنيّ فلتحفظ هذا النقاء في داخلك .
عندها فقط أدركتُ أنني أمتلك حساباً لا بأس به من النقاء
في تلك الأيام كنتُ أحملُ قلب طفل وروح طفل بريئة طاهرة .
إنني اليوم في مأزق كبير ..
أقر بأنني سامحتكم من كل قلبي ،
وبأنني لا أنتظر منكم اعتذاراً ولا مكافأة ولا حتى اعترافاً بالخطأ ..
وبأنني سأصرف ما تبقى لي من رصيد في هذه الحياة
لما فيه خيركم أبتغي بذلك وجه الله تعالى ..
لعله يرحمني ويغفر إساءتي ..