اولا شجرة السواك
وبدأ يزرع في المزارع، ونجحت زراعته وهو حسن المظهر ولونه أخضر فاتح وأغصانه كثيفة ومتشعبة ترتفع إلى الأعلى ثم تهبط على الجوانب وأوراقه متقابلة. الأراك من العائلة الزيتونية (Salvadoraceae) وهو من أفضل الأشجار التي تتخذ منها المساويك، ويعتبر من الأشجار المعمرة وهو من الحمض ويعتبر مرعى جيد للإبل إذ تحمض فيه. وعند تذوق ورق الأراك يظهر طعمه ورائحته، وتتخذ المساويك من عروقه وهي تمتد تحت الأرض. ويزهر بزهور صفراء صغيرة ويثمر في الصيف وتظهر له عناقيد كعناقيد العنب، وثمره أحمر يشبه ثمر العوسج والغردق وإذا نضج إسود، ويأكل الناس والطير ثمر الأراك ويسمى الكباث.
الصورة التالية لشجرة الأراك:
ويعتبر الأراك من أفضل الأشجار التي يتخذ منها السواك ويؤخذ السواك كذلك من شجر الإسحل والبشام والضرو.
يقول امرؤ القيس في معلقته:
وكشح لطيف كالجديل مخصر وساق كأنبوبِ السقي المُذلل
وتعطو برخص غير شثن كأنهُ أساريعُ ظبي أو مساويكُ إسحلِويقول جميل بثينة:
بثغرٍ قد سقينَ المسكَ منهُ مساويكُ البشامِ، ومن غروبِ
ومن مجرى غواربِ أقحوانٍ، شتيتِ النّبتِ، في عامٍ خصيبِ
الصورة التالية تبين شكل أوراق الأراك:
وفي شرح صحيح مسلم للنووي:
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ:كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وَنَحْنُ نَجْنِي الْكَبَاثَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ".
قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّكَ رَعَيْتَ الْغَنَمَ.
قَالَ: "نَعَمْ، وَهَلْ مِن نَبِيٍّ إِلاَّ وَقَدْ رَعَاهَا".
أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ.
قال أهل اللُّغة: هو النَّضيج من ثمر الأراك، ومرّ الظَّهران على دون مرحلة من مكَّة، معروف سبق بيانه، وهو بفتح الظَّاء المعجمة، وإسكان الهاء.
وفيه: فضيلة رعاية الغنم، قالوا: والحكمة في رعاية الأنبياء -صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِم- لها ليأخذوا أنفسهم بالتَّواضع، وتصفى قلوبهم بالخلوة، ويترقُّوا من سياستها بالنَّصيحة إلى سياسة أممهم بالهداية والشَّفقة، واللهُ أعلم.
الصورة التالية تبين أوراق الأراك وعناقيد الأراك ويظهر فيها الثمر وهو بلون أحمر:
وورد في لسان العرب:
قال ابن بري: والأُبُلَّة الأَخضر من حَمْل الأَراك، فإِذا احْمَرَّ فكبَاثٌ.
والأُبُلَّة: مكان بالبصرة، وهي بضم الهمزة والباء وتشديد اللام، البلد المعروف قرب البصرة من جانبها البحري.
وورد في اللسان أيضاً:
الأَراكُ: شجر معروف وهو شجر السِّواك يُستاك بفُروعه.
قال أَبو حنيفة: هو أَفضل ما اسْتِيك بفرعه من الشَّجر وأَطيب ما رَعَتْه الماشية رائحةَ لَبَنٍ.
قال أَبو زياد: منه تُتخذ هذه المَساوِيك من الفروع والعروق، وأَجوده عند الناس العُروق وهي تكون واسعة محلالاً، واحدته أَراكة، وفي حديث الزهري عن بني إِسرائيل: "وعِنَبُهم الأَراك".
قال: هو شجر معروف له حَمْل عناقيد العنب واسمه الكَباثُ، بفتح الكاف، وإِذا نَضِج يسمى المَرْدَ.
والأَراك أَيضاً: القطعة من الأَراك كما قيل للقطعة من القصب: أَباءة، وقد جمعوا أَراكةً فقالوا: أُرُك؛ قال كثيِّر عزة:
إِلى أُرُكٍ بالجِذْعِ من بطن بِئْشةٍ عليهن صَيْفِيُّ الحَمام النَّوائحِ
ابن شميل: الأَراكُ شجرة طويلة خضراء ناعمة كثيرة الورق والأَغصان خوَّارة العود تنبت بالغَوْر تتخذ منها المَساويك.
الأَراك: شجر من الحَمْض، الواحدة أَراكة.
قال ابن بري: وقد تجمع أَراكة على أَرائك.
قال كليب الكلابي:
أَلا يا حَمامات الأَرائِك بالضُّحَى تَجاوَبْنَ من لَفَّاءَ دانٍ بَرِيرُها
وإِبل أَراكية: ترعى الأَراك.
وأَراكٌ أَرِكٌ ومؤْتَرِكٌ: كثير ملتف.
وأَرِكت الإِبل تأْرَك أَرَكاً: اشتكت بطونها من أَكل الأَراك، وهي إِبل أَراكَى وأَرِكَةٌ، وكذلك طَلاحَى وطَلِحَةٌ وقَتادَى وقَتِدَة ورَماثى ورَمِثَة.
قال أَبو حنيفة: الأراك الحَمْض نفسه، قال: وقال بعض الرواة: أَرِكَتِ الناقة أَرَكاً، فهي أَرِكةٌ مقصور، من إِبل أُرُكٍ وأَوارِك: أَكلت الأَراك، وجمع فَعِلَةٍ على فُعُل وفواعل شاذ.
وفي الحديث: "أُتي بلَبنِ إِبلٍ أَوارِكَ".
أَي قد أَكلت الأَراك.
ابن السكيت: الإِبل الأَوَارك المقيمات في الحَمْض، قال: وإِذا كان البعير يأْكل الأَراك قيل: آرِك.
ويقال: أَطيب الأَلبان أَلبان الأَوَارك.
والأَرِيكةُ: سرير في حَجَلة، والجمع أَرِيكٌ وأَرَائِك.
وفي التنزيل: "عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ" [يس: 56] قال المفسرون: الأَرائك السُّرُر في الحِجال.
وقال الزجاج: الأَرَائك الفُرُش في الحِجَال، وقيل: هي الأَسرَّة وهي في الحقيقة الفُرُش، كانت في الحِجَال أَو في غير الحِجَال.
وقيل: الأَريكة سرير مُنَجَّد مُزَيَّن في قُبَّة أَو بيت فإِذا لم يكن فيه سرير فهو حَجَلة، وفي الحديث: "أَلا هل عسى رجل يُبَلِّغه الحديث عني وهو مُتَّكٍ على أَرِيكَتِه فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله؟".
الصورة التالية تبين عناقيد الأراك ويظهر فيها الأزهار والثمر وهو بلون أحمر:
وورد في كتاب مجمع الأمثال للميداني:
يَفْنَى الكَبَاثُ وَنَتَعَارَفُ
قَالَ ابن الأَعرَبي: الكبَاثُ النضيج من ثمر الأراك، قَالَ: وأصله أنهم كانوا يَجْتَنُون الكَبَاثَ أيام الربيع، وشغل رجل باجتنائه عن زيارة صديق له حتى كأنه أنكر خُلَّته، فَقَالَ الصديق:
جَاءَ زَمَانُ الكَبَاثَ مُقْتِبلاَ فَلاَ خَلِيلَ لِخِلِّهِ يَقِفُ
فَقُلْ لِعْمرٍو مَقَالَ مٌعْتَبِرٍ: إذَا تَوَّلى الكَبَاثُ نَعْتَرِفُ
كأنما رَبْعُهُ المُلاَصِقُ لي رَبْعُ غَرِيبٍ محله سَرَفُ
يضرب لمن يضرب عن الأحباب مشتغلاَ بما لاَ بأس به من الأسباب
وورد في اللسان:
الأَصمعي: البَريرُ ثمر الأَراك، فالغَضُّ منه المَرْدُ، والنَّضيجُ الكَباثُ.
قال ابن سيده: الكَبَاثُ، بالفتح: نضيجُ ثمر الأَراك.
وقيل: هو ما لم يَنْضَجْ منه.
الجوهري: ما لم يَنْضَجْ من الكَباثِ، فهو بريرٌ.
قال أَبو حنيفة: الكَباثُ فُوَيْقَ حَبِّ الكُسْبَرة في المِقْدار، وهو يَمْلأُ مع ذلك كَفَّي الرجُل، وإِذا الْتَقَمه البعيرُ فَضَل عن لُقْمته.
والمَرْدُ: الغَضُّ من ثَمر الأَراك، وقيل: هو النَّضِيجُ منه، وقيل: المَرْدُ هَنواتٌ منه حُمْر ضَخْمة.
أَنشد أَبو حنيفة:
كِنانِيِّةٌ أَوتادُ أَطنابِ بَيْتِها أَراكٌ إِذا صافَتْ به المَرْدُ شَقَّحا
واحدته مَرْدةٌ.
(التهذيب): البَريرُ ثَمر الأَراك، فالغَضُّ منه المَرْد والنضيجُ الكَباثُ.والبَريرُ: ثمر الأَراك عامَّةً، والمَرْدُ: غَضُّه، والكَباثُ: نَضِيجُه؛ وقيل: البريرُ أَوَّل ما يظهر من ثمر الأَراك وهو حُلْو.
وقال أَبو حنيفة: البَرِيرُ أَعظم حبّاً من الكَبَاث وأَصغر عُنقُوداً منه، وله عَجَمَةٌ مُدَوّرَةٌ صغيرة صُلْبَة أَكبر من الحِمَّص قليلاً، وعُنْقُوده يملأُ الكف، الواحدة من جميع ذلك: بَرِيرَةٌ
والحَثَرُ: ثمر الأَراك، وهو البَرِيرُ.
والنُّعَرُ: أَوَّل ما يُثْمِرُ الأَراكُ، وقد أَنْعَرَ أي: أَثْمر، وذلك إِذا صار ثمره بمقدار النُّعَرَةِ.
والعَقْش: ثمر الأَراك، وهو الحَثَرُ والجَهَاضُ والجَهادُ والعـلة والكَبَاثُقال
(السواك مطهره للفم مرضاة للرب)
شجيرة صغيرة دائمة الخضرة تسمو من متر إلى مترين، ويتجاوز محيطها خمسة أمتار، يميل لون الفروع إلى البياض أولا، ثم تصبح رمادية اللون خشنة الملمس. الأفرع مدلاة أو منتشرة، الأوراق خضر، الأزهار صغيرة مخضرة متجمعة في عثاكيل متفرعة. الثمرة لبية كروية أحادية البذرة، ذات لون أبيض، وعند نضجها يصبح لونها أحمر داكن.
وتكثر أشجار الأراك في المنطقة الجنوبية من المملكة، فنجدها في وادي صبيا أودية المنطقة الجنوبية، على شكل غابات كثيفة تكثر بها طيور الحجل، وسبب شهرة الشجرة يعود إلى استخدامها في صنع السواك لتنظيف الأسنان يطلق عليها شجرة السواك.
قال على بن أبي طالب رضي الله عنه:
ظفرت يا عود الأراك بثغرها
ما خفت مني يا أراك أراك
لو كنت من أهل القتال قتلتك
ما فاز منها يا سواك سواك
وقد أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام باستخدام السواك. ثبت في الصحيحين عنه () أنه قال:
لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة.
وقد أظهرت الأبحاث والتحليلات الكيميائية التي أجريت على الأراك، أن الجذر يحتوي على كمية كبيرة من الكلورين، وكذلك على مادة ثلاثي ميثايل أمين بالإضافة إلى راتنج وسليكا وكبريت وفيتامين ج، لذلك فاستخدام الجذر كمسواك لتنظيف الأسنان يُعتبر طريقة فعالة مفيدة جدا حيث تساعد السليكا على تبييض الأسنان، في حين أن الراتنج يشكل طبقة خارجية فوق المينا الموجودة على الأسنان، تحميها من التسوس، أما مادة ثلاثي الميثايل أمين فتقوم بتنشيط اللثة، ويساعد فيتامين ج على علاج الالتهابات الاسفنجية والنزيف الذي يصيب اللثة.
وثمار الأراك صالحة للأكل عند النضج، ويكون لونها أحمر داكن، ويُعتقد أنها فاتحة للشهية. وإذا نضج ثمر الأراك اشتد سواده، ولذلك يصف الشعراء سواد شعر النساء وجعودتها بثمر الأراك، قال بشير في وصف شعر امرأة:
رأى درة بيضاء يجفل لونها
سخام كغربان البرير مقصف
والبرير هو ثمر الأراك. أما أوراق النبات فتأكلها الإبل والغنم، وإذا رعتها وجدت رائحة الأراك في ألبانها، وهي رائحة طيبة.
والإبل التي ترعى الأراك يصيبها الهزال، ثم لا تلبث أن تعود إلى حالتها الأولى، ويزداد وزنها وتزداد كمية الحليب، وبالتالي ربما يكون الأراك علاجا للإبل بالإضافة إلى قيمته الغذائية، وتستخدم أخشاب الأراك الجافة بعد حرقها ثم غليها في الماء، حتى تصبح كالمعجون، لمعالجة الإبل المجروبة، أو لنزع الشعر من الجلود قبل دبغها