كتب : دمصطفى الآغا - دبي
حب الوطن لايحتاج لمساومة ولا لتلقين ولا لتنظير من أي كان فهو مثل الغريزة يولد مع الإنسان ومن يشذ عن القاعدة يلفظه المجتمع ويُسّمى "خائناً" ولكننا بالتأكيد لا نستطيع "تخوين" من شاء ساعة نشاء خاصة إذا كان تاريخ هذا الشخص سيشهد له أكثر من غيره بمحبته لوطنه وخدمته له على مدى سنوات طويلة .... والاختلاف في الرأي يجب أن لايكون "سبباً لاتهام الآخرين بالتخاذل "وهي درجة أقل من "التخوين" خاصة في الأمور الرياضية لأن الأمور الأخرى تكون خاضعة لحسابات مختلفة ....
فأن يرفض مدرب وطني تدريب منتخب بلاده (بدون أن تكون الحاجة ملحة كأن يكون المنتخب في بطولة أو قبلها بأيام) هنا تدخل الأمور في خانة القناعات بأن عدم القبول بالمهمة هو لصالح المنتخب أولا وهذا يعني أنها في مصلحة الوطن أولا وتاليا ...
فعندما يرفض أي مدرب الخوض في تجربة يراها فاشلة سلفا فهو في هذه الحالة يتعامل بشفافية بدل أن يخدع نفسه والآخرين ثم تكون النتيجة هي نفسها التي توقعها قبل أن يبدأ وبالتالي ضياع الوقت والجهد والمال والسمعة والانتصارات ...
بالتأكيد أنا لا أقصد شخصاً بعينه ولكني أتحدث عن مبدأ في الحياة وهو أن أي عمل جماعي لن يُعطي النتيجة المرجوة مالم تكن المجموعة كلها منسجمة متناغمة ولا أقول "منصهرة ومتطابقة" وأن تعمل في ظل الحدود الدنيا من الظروف المؤهلة للنجاح الدائم وليس الظرفي الآني المعتمد على الروح المعنوية لأننا لو بقينا نعتمد على مسألة النفسيات والروح القتالية فنحن في هذه الحالة نحتاج لطبيب نفسي أكثر ما نحتاج لمدرب أو نحتاج لخطيب مفوه ولهذا ينجح بعض المدربين (المفوهين) لفترة ثم سقطوا على المدى الطويل ومنهم مثلا الإنكليزي كيفن كيغن والأرجنتيني مارادونا الذين يملكان رصيدا هائلا من الخبرة التراكمية كلاعبيَن ولكنهما نجحا كمدربيَن مع نيوكاسيل والأرجنتين فترة بسيطة ثم سقطت ورقة التوت التكتيكية أمام فرق يدربها من يملكون الرؤية والخبرة والقراءة الجيدة للمباريات ....
وعندما يأتينا مدرب وطني يقول أنه لا يستطيع تدريب المنتخب في الظروف الحالية فيجب أن نفهم هذه الظروف قبل أن ننعته بالتخاذل ونعزف على وتر "الوطنيات " وكم قرأت وسمعت من يطالب "المنظرين" بالقدوم والعمل الميداني بدلا من الحديث علما أن هؤلاء لهم رصيد كبير من خدمة الوطن ضمن ظروف لم تكن مثالية للعطاء ولكن الروح عوضت الفارق مؤقتاً ولهذا كان عندنا طفرات ولم نحقق حتى اليوم البصمة التي تستحقها رياضتنا وكرتنا وأعتقد أن تجارب هؤلاء علمتهم أن المزيد من الجهد ضمن نفس الظروف سيكون تضييعاً للوقت وهدراً للمال والجهد والأهم أنه سيكون "التفافاً وخديعة للرأي العام" .... لهذا يجب علينا أن نحترمهم أو نحترم رأيهم على الأقل بدل أن نقول أنهم تهربوا من المسؤولية أو أن مستوى الوطنية عندهم "منخفض" ....