قرص الأسبرين
ليس هذا وطني الكبير
لا..
ليس هذا الوطن المربع الخانات كالشطرنج..
والقابع مثل نملةٍ في أسفل الخريطة..
هو الذي قال لنا مدرس التاريخ في شبابنا
بأنه موطننا الكبير.
لا..
ليس هذا الوطن المصنوع من عشرين كانتوناً..
ومن عشرين دكاناً..
ومن عشرين صرافاً..
وحلاقاً..
وشرطياً..
وطبالاً.. وراقصةً..
يسمى وطني الكبير..
لا..
ليس هذا الوطن السادي.. والفاشي
والشحاذ.. والنفطي
والفنان.. والأمي
والثوري.. والرجعي
والصوفي.. والجنسي
والشيطان.. والنبي
والفقيه، والحكيم، والإمام
هو الذي كان لنا في سالف الأيام
حديقة الأحلام..
لا...
ليس هذا الجسد المصلوب
فوق حائط الأحزان كالمسيح
لا...
ليس هذا الوطن الممسوخ كالصرصار،
والضيق كالضريح..
لا..
ليس هذا وطني الكبير
لا...
ليس هذا الأبله المعاق.. والمرقع الثياب،
والمجذوب، والمغلوب..
والمشغول في النحو وفي الصرف..
وفي قراءة الفنجان والتبصير..
لا...
ليس هذا وطني الكبير
لا...
ليس هذا الوطن المنكس الأعلام..
والغارق في مستنقع الكلام،
والحافي على سطحٍ من الكبريت والقصدير
لا...
ليس هذا الرجل المنقول في سيارة الإسعاف،
والمحفوظ في ثلاجة الأموات،
والمعطل الإحساس والضمير
لا...
ليس هذا وطني الكبير
لا..
ليس هذا الرجل المقهور..
والمكسور..
والمذعور كالفأرة..
والباحث في زجاجة الكحول عن مصير
لا...
ليس هذا وطني الكبير..
يا وطني:
يا أيها الضائع في الزمان والمكان،
والباحث في منازل العربان..
عن سقفٍ، وعن سرير
لقد كبرنا.. واكتشفنا لعبة التزوير
فالوطن المن أجله مات صلاح الدين
يأكله الجائع في سهولة
كعلبة السردين..
والوطن المن أجله قد غنت الخيول في حطين
يبلعه الإنسان في سهولةٍ..
كقرص أسبرين!!..