«أنيـــــــــن المذنبيـــــــن»
إنها أنــــة تتلـــوها أنـــة...
وزفــرة تتبعهــا زفــــرة...
ولوعة تعبقها حرقــــة...
آه... لهذا الأنين... كم أقض مضاجع الصالحين..
وأزعج نفوس المحبين.. أنين، وأي أنين..
إن لواعج النفس لتكاد تتحطم... في كياني..
وإن الصدر ليضيق... وإن اللسان لا ينطلق... ولا أملك إلا دمعتي... بين يدي سيدي ومولاي... هذا هو حال العبد عند سيده.. عند ربه جل وعز.
إنها دمعة أسى ولوعة.. صاغها القلب المحزون.
وخطَّها الخاطر المعنى بالأنين... ورسمها فنان الجفون على لوحة العيون، فجاءت معبرة... وللأنين والحرقة واللوعة مصورة..
أمولاي إني عبد ضعيف..
أتيتك أرغب فيما لديك..
أتيتك أشكو مصاب الذنوب
وهل يشتكى الضر إلا إليك..
فمن بعفوك يا سيدي
فليس اعتمادي إلا عليك...
آه....
كم أحرقت هذه اللوعة أجفان أهل الوجل...
فـ ( تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ )[الأعراف: 201].
إن أنين المذنبين له لحن خاص...، وإيقاع عجيب في قلوب التائبين.
ورب ذنب أورث لوعة...
ورب لوعة أورثت فكرة...
ورب فكرة أورثت عبرة...
ورب عبرة أورثت توبة..
ورب توبة أورثت الجنة... بفضل الله وكرمه ومنه...
إن من أحرقت الخطايا قلبه...، وسودته فهو كالكوز المجخي.. لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا... لا يكون من أهل هذا الأنين..
لا يئن إلا خائف...
ولا يحن إلا محب...، ولا يتحرك قلبه إلا محزون من ذنبه...
وقلب العبد في خير ما دام بين الخوف والرجاء...
هؤلاء أسهروا الليالي المقمرة...
وأبكوا الأجفان الفاترة...
بسطوا أقدامهم في ليلهم... يتملقون العظيم.. الكريم.. الحكيم أن يتوب عليهم...، وأن يتجاوز عنهم...
يسجد أحدهم ليله كله.. وكأنه ثوب ملقى على الأرض..
الأجفان منهم تبلل الأردان..، والأثواب تخيل أنها أكفان... والدموع هي الترجمان
( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ )[الرحمن: 13]