تدخل بطولة كأس العالم لكرة القدم عامها الـ84 بانطلاق نسختها العشرين في يونيو المقبل في البرازيل رغم أن المشاركة العربية بدأت منذ نعومة أظافر البطولة، وتحديداً في نسختها الثانية عام 1934. وينسب لمصر أنها أول دولة عربية شاركت في المونديال، مع الأخذ بعين الاعتبار أن النسخة الأولى التي أقيمت في الأوروجواي عام 1930، كانت تجريبية واقتصرت المشاركة فيها على 13 منتخباً فقط.
في البطولة الثانية في إيطاليا، شارك 16 منتخباً وكانت من بينهم مصر، التي خرجت من الأدوار الأولى بخسارتها 2/4 من المجر. ويحسب لعبد الرحمن فوزي أنه أول لاعب عربي يسجل في المونديال.
رغم الظهور العربي المبكر في المونديال، ظلت المشاركات العربية خجولة، باستثناء فترات قليلة، نجحت بعض المنتخبات العربية خلالها في لفت انتباه العالم وخطف الأنظار، حيث نجحت ثمانية منتخبات عربية فقط منذ البطولة الأولى وحتى نسخة البرازيل 2014، في التأهل لكأس العالم من أصل 22 دولة عربية، وهذه الدول هي مصر وتونس والمغرب والجزائر والسعودية والإمارات والعراق والكويت.
غاب الحضور العربي عن المونديال بعد مشاركة مصر في إيطاليا على مدى 36 عاماً كاملة، أقيمت خلالها ست نهائيات أعوام 1938 و1950 و1954 و1958 و1962 و1966، وكان المغرب أول منتخب يظهر في المونديال بعد تلك السنوات العجاف، وذلك في مونديال 1970 في المكسيك، وخرج أسود الاطلسي من الأدوار الأولى.
عادت تونس لتمثل العرب في مونديال 1978في الأرجنتين، وكانت صاحبة السبق في تحقيق أول فوز عربي في تاريخ نهائيات كأس العالم، عندما فاز نسور قرطاج على المكسيك 3/1، لكنها ودعت هي الأخرى البطولة من أدوارها الأولى.
جاءت نسخة إسبانيا عام 1982، لتخطف الجزائر الأنظار في أول نهائيات يشارك فيها منتخبان عربيان، هما الجزائر والكويت، وكان الخضر على أعتاب التأهل للدور التالي، بفوزهم الصاعق على ألمانيا الغربية 2/1 وعلى تشيلي 3/2 وبالخسارة من النمسا صفر / 2. وم ازال العالم يذكر ما تردد عن مؤامرة بين ألمانيا الغربية والنمسا، أطاحت بالجزائر وصعدت بهما إلى الدور التالي، فيما خرج المنتخب الكويتي من الدور الأول بخسارتين وتعادل.
عاد المغرب للمشاركة الثانية له في تاريخ النهائيات في نسخة 1986 في المكسيك، ليحقق إنجازاً عربياً غير مسبوق، بالتأهل إلى الدور التالي. كما شهدت هذه النسخة أيضاً أول مشاركة لثلاثة منتخبات عربية دفعة واحدة، وهي المغرب والجزائر والعراق.
تصدر المغرب مجموعته السادسة في تلك النهائيات التي ضمت إلى جواره إنجلترا والبرتغال وبولندا، فيما ودعت كل من العراق والجزائر تلك النهائيات من الدور الأول. اصطدمت طموحات المغرب في دوري الـ16 بمنتخب ألمانيا الغربية الذي أخرجه من البطولة.
عادت مصر للنهائيات للمرة الثانية في تاريخها، في نسخة 1990، وكانت عودتها الثانية في إيطاليا أيضاً لتمثل إلى جانب الإمارات الحضور العربي في المونديال الذي ودعه المنتخبان العربيان من الأدوار الأولى للبطولة.
ظهرت قوة كروية عربية جديدة على الساحة الدولية مع انطلاقة مونديال 1994 في أمريكا، بتأهل المنتخب السعودي لأول مرة في تاريخه إلى نهائيات كأس العالم. وفجر الأخضر آنذاك مفاجأة من العيار الثقيل بعبور الدور الأول للمرة الثانية في تاريخ المشاركات العربية، فيما كان المنتخب المغربي يشارك في النسخة نفسها للمرة الثالثة له في النهائيات، حيث أوقعت القرعة المنتخبين العربيين في مجموعة واحدة.
سبق تأهل المنتخب السعودي إلى مونديال 1994 أربع محاولات لم يكتب لها النجاح، حتى حان موعد التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى أمريكا، وكانت خبرة الأخضر قد نضجت هذه المرة، على جمر التجارب السابقة.
دخل الأخضر التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى مونديال أمريكا 1994 على مرحلتين، تحت قيادة المدرب البرازيلي كندينيو، حيث وقع الأخضر في مجموعة ضمت إلى جواره مكاو وماليزيا والكويت، وأقيمت المباريات على شكل بطولتبن مجمعتين بطريقة الذهاب والإياب، حيث استضافت ماليزيا مرحلة الذهاب، وبدأ المنتخب السعودي مبارياته بالفوز على مكاو 6/صفر، ثم تعادل في ثاني مبارياته مع ماليزيا 1/1، قبل أن يتعادل سلباً مع نظيره الكويتي، واحتل المنتخب السعودي المركز الثالث، خلف الكويت وماليزيا بفارق الأهداف.
عاد الأخضر إلى الرياض التي احتضنت مرحلة الإياب لهذه المجموعة، وكان على الأخضر أن يحتل الصدارة حتى يضمن التأهل إلى التصفيات الآسيوية النهائية، حيث بدأ مبارياته بالفوز على مكاو 8/صفر، ثم تبعها بالفوز بثلاثة أهداف نظيفة على ماليزيا، ليدخل مباراته الأخيرة أمام الكويت بتقدم الكويتيين بفارق الأهداف. لكن العويران وماجد عبد الله نجحا في تسجيل ثنائية، خطف بها الأخضر الصدارة والتأهل إلى التصفيات النهائية.
وقع الاختيار على الدوحة لتستضيف التصفيات النهائية بعد ما ضمت أقوى منتخبات القارة، وكان على الفائز ببطاقة المونديال أن يخوض اختباراً صعباً أمام اليابان وإيران وكوريا الجنوبية وكوريا الشمالية والعراق.
بدأ الأخضر مبارياته بالتعادل السلبي مع اليابان، ثم الفوز على كوريا الشمالية 2/1، قبل أن يخطف قلب الدفاع أحمد جميل هدف التعادل في الدقيقة الأخيرة أمام كوريا الجنوبية، وفي مباراته الرابعة يواجه المنتخب السعودي نظيره العراقي الذي تقدم بهدف قبل أن يدرك سعيد العويران التعادل ويهدر خالد مسعد ضربة جزاء، لتنتهي المباراة بالتعادل 1/1. يقرر اتحاد الكرة آنذاك إقالة كندينيو وإسناد المهمة للوطني محمد الخراشي، الذي قاد الفريق في مباراته الأخيرة والهامة أمام إيران، ونجح الأخضر في الفوز 4/2، وتنطلق أفراح غير مسبوقة للجماهير السعودي احتفالاً بأول تأهل إلى المونديال.
خطف الأخضر الأنظار إليه عندما نجح في إنهاء الشوط الأول من مباراته مع هولندا بالتقدم بهدف لنجمه فؤاد أنور، قبل أن تعود هولندا بالتقدم بهدفين في الشوط الثاني. وفي مباراته الثانية أمام المنتخب المغربي الأكثر خبرة في المونديال من الأخضر، سجل الجابر من ضربة جزاء ثم عزز فؤاد أنور التقدم بالهدف الثاني، ليصبح أول لاعب عربي يسجل هدفين في مباراتين متتالين، وانتهت المباراة 2/1 لصالح المنتخب السعودي.
جاءت المباراة الثالثة والحاسمة للأخضر أمام بلجيكا وحارس مرماها العملاق آنذاك برودوم، صاحب الشباك العذراء، لكن تمكن النجم سعيد العويران من تسجيل أفضل وأجمل أهداف البطولة، عندما شق طريقه أمام بلجيكا على الطريقة المارادونية، من منتصف الملعب، فراوغ كل من يقابله قبل أن يسجل هدفاً تاريخياً نقل به الأخضر إلى الدور التالي برفقة هولندا وبلجيكا. في دور الـ16، أنهى المنتخب السويدي أحلام الأخضر بالفوز عليه 3/1، وسجل فهد الغشيان الهدف السعودي الوحيد.
اختتم المنتخب السعودي مشاركته في مونديال 1994 بإنجاز أكسب لاعبيه خبرة وثقة بالنفس، ليعود الأخضر إلى المونديال في النهائيات التالية في فرنسا 1998، بل ظل على هذا الحال على مدار أربعة نهائيات متتالية حتى نسخة 2006، وهو إنجاز لم يسبقه إليه أي منتخب عربي آخر.
وشهدت نهائيات 2002 أسوأ مشاركة للمنتخب السعودي بالخسارة 0/8 أمام ألمانيا، ثم جاءت نتائجه في مونديال 2006، لتؤكد أن مؤشر الأخضر آخذ في الهبوط، فتعادل مع تونس 2/2، وخسر 0/4 أمام أوكرانيا و0/1 أمام إسبانيا، ليبدأ الأخضر الغياب عن المونديال منذ تلك البطولة حتى النسخة العشرين المقرر انطلاقها في البرازيل الشهر القادم، وسيكون فيها المنتخب الجزائري ممثل العرب الوحي