ما تفرقه الحروب يوحده الكلاسيكو، هذه المقولة اصبحت واقعا نعيشه ونحياه في عالمنا المعاصر، فوسط زحمة الحياة وما نعانيه نفسياً بسبب الأزمات والاحداث السياسية التي تحيط بعالمنا العربي من كل جانب، يأسرنا كلاسيكو العالم بين البرشا والريال شئنا أم أبينا، لنتابع أحداثه مهما كانت مشاغلنا وأشغالنا.
** إنها الحرب يا سادة.. لكنها حرب من نوع آخر.. تكون فيها الاعصاب مشدودة انتظاراً لما ستسفر عنه بإعلان المنتصر منها.. انها حرب كروية تجمع ولا تفرق.. القتل فيها يكون من النوع اللذيذ.. الخاسر الحقيقي فيها هو ملايين المولعين بالفن الكروي حول العالم.. فهم يريدون ان تمتد الحرب لتدور رحاها لأطول زمن ممكن على عكس الحروب السياسية التي يتمنى الجميع ان تنتهي قبل أن تبدأ ليعيش العالم في سلام.
** الكلاسيكو الاسباني أدخل العالم المجنون لصناعة تجارية مربحة بالمليارات.. وأصبح نجومه الأشهر والأغنى في العالم.. فكلّ الناس يعرفون ميسي لكنهم لا يعرفون رئيس الأرجنتين.. وكل البشر يعرفون كريستيانو رونالدو لكنهم لا يعرفون رئيس البرتغال.
** انها الحرب الكروية التي رفعت فقراء لا يجدون قوت يومهم لأثرياء يتلاعبون بالملايين.. وأوقعت أغنياء في حفرة الفقر بسبب المراهنات.. وأبكت رؤساء دول لم تهزّهم الحروب.. وكانوا عظماء وشرسين انتصروا في حروب عالمية كبرى.. ولكن عندما تخسر منتخبات بلادهم في كرة القدم.. يذرفون الدمع أمام الجميع دونما خجل.
** نعم.. العالم اصبح ينشد فضاء المتعة والسعادة الذي تحيط به النجوم.. ويلهث له عشاق كثر.. ليطل من نافذة القلب.. ويحرسه الملايين من محبيه.. فشلال الفن لا يتوقف.. والمطر الغزير ينبت في الزرع سنابل قمح تصول وتجول في العشب الأخضر.. لم لا.. وهو أهم كلاسيكو في أوروبا والعالم.
** أغلب سكان الكرة الأرضية هاموا في عشق الكلاسيكو.. فقد ألغى مسافات الزمان والمكان.. وطارد عقارب الساعة.. فهز بفنه ونجومه قلوب العالم.. ومضى في أيامه فارسا يرسم في جغرافية اليابسة والمياه بريشة بيضاء.. فراشة تحوم حول الكبير والصغير.. الرجال والنساء.. المشاهير والنكرات.
** بأناقته المعهودة.. وامبراطوريته العالمية.. ونجومه الملكيين.. والكتالونيين.. نسج على المنوال أو الموال.. اسما طرزه التاريخ بأحرف من ذهب.. أخذه الحلم دهرا من العمر.. فأرسى خياله وفنه في جميع جغرافية العالم، واصبح الكلاسيكو الاسباني حارس الفن في نسيم البراري.. وعلى شواطئ الدفء.. وعبر الثلج.
وإن تجرع مرارة حدود حلمه الكبير.. فهو ما زال يكتب ويدون.. وفي أجندته بقايا حلم لم تتحقق بعد.. لذلك فإن الفن مع كرة القدم الاسبانية باق ما بقي للمجد رحلة وجولة.
** الكلاسيكو نهض من شدة حلاوة الحلم يرسم خارطة العالم كل العالم.. حضرت فيها نسائم صحراء العرب.. وجبال أوروبا.. وشواطئ أمريكا الجنوبية.. وغابات إفريقيا.. وسحر السماء الشجي الوديع.. وطاف بفنه كل بقاع الأرض.. وحفظه الجميع بكل لغات العالم.. استدار جدار الشوق في مخيلته ليرسم لوحة جديدة للعالم.. نبتتها في القلوب والعقول.. وعروقها ممتدة في كل القارات.. أنظمة ولوائح.. تكتب بفن كريستيانو رونالدو وكاسياس وبن زيمة في الملكي وميسي وسانشيز ونيمار وانيستا وتشافي في البرشا.. وكل النجوم الذين منحوا العالم متعة النظر للشاشات الفضية بدل صور الحروب والكوارث.
شخصيا أرى لو تتحول الأمم المتحدة ومجلس الأمن لريال مدريد وبرشلونة.. لأصبح العالم أكثر أماناً.. لأن معظم سكان العالم سيساندون الملكي والبرشا في قراراتهما واقتراحاتهما فمن أجله نسي الفقير جوعه ومن أجله ترك الغني أيضا ترَفه.