حين كانت زهرة الحياة تنثر ودها....
ألستَ مخلوقا مثلي أيها البحر؟ بربك احمل عني فإني هرمت...
سألتك بالله يا تراب أرني الحق والصواب, كفاني فقد تعبت...
لما فعلت وتفعل بي هذا؟ أهنت عليك ؟ لا تطمس ما رسمت..؟
حين كانت زهرة الحياة تنثر ودها , تسربت إليها نساء من حرائر الخيم ومن كن على رؤوس القمم...
حين كانت ابنة الشعر والشعر والسيف والقلم تحلقت حولها صاحبات المحابر ..صادقات اللسان والمخابر ..محتشمات المظاهر..آ منات السرائر
[[.. ماتت التي كنا نكرمك من أجلها..]]
بعد صراع مرير وأمًّر, أعياها وأعياني كتم السر
وذات مرة من صبيحة وعلى حين غرة حل الأجل وهلَّ القدر ..
ما بها زهرتي..؟ أأشتد بها الضرر..؟ مررت أصابعي على جبينها.. على وجنتيها.. على شفتيها.. قلبتها ويداي ترتعشان, عيناي الدموع تسكبان, كبد يحترق , قلب ينفطر, ما السر؟ ما السر؟ لا حركة ولا خبر ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أسافرت حليلتي.؟ حبيبتي زوجتي مؤنستي وتركتيني وحيدا في هذا القفر في هذا الدامس من الظلام .. إني أخاف إبر هذا الوكر..
ناديتها.. يا كاتمة أسراري ردي علي لا تفجعي قلبي أكثر...؟
إني شخت قبل الشيوخ , ألآ تقيني حر الجمر...؟
ماتت زهرة حياتي .. سافرت مؤنسة وحشتي.. آآآآآه من اللحد؟ وآهات من ضمة القبر....
كلهم ضدي وأنا وحدي في هذا الموحش من البر,
وهتف هاتف : كفكف دمعك؟ واستغفر ربك؟ عليك التحلي بالصبر ...
دعها ترقد في سلام ؟ دعها تنام؟ دعها لا تنبش تربة رمسها, إنها عند ربها , وابك حالك واستشعر مآلك, فكلكم فان وهالك, إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام.....
للحظات هدأت نفسي حين كنتُ خانسا للهمس, أحدا به لم أشعر وأحس..
وعدت بعد ما ودعتها واللهَ أودعتها لعش كان لي ولها.. ورحت أتفقد مضربها ولباسها.. فساتينها وحزامها ..عصابتها وكحلها..خمارها وحجابها جلبابها ونقابها . أقعقع الأواني فتثور أجشاني , أخلط أبيضا بأبيض لعلها تراني, أوقد نارا فيفور دم أوجاعي وأحزاني , أغني لها أجمل ما كانت تحب من الألحان.... ونفسي تحدثها . يد على مؤخرة رأسها وأخرى تعضدها ..وسألت من كان بالقرب مني :
أين هي زهرتي ألم تروها؟ إني لا أرى لها ظلا ولا هلالا ...
أين هي البكر المبكرة؟ قد بان خيط الفجر أأصلي فذا دونها...؟
أين أنت يا رونق البنفسج ويا بريق الجوهر ويا عذراء الدرر...؟
سكنت اللحود فما جدوى الوجود..؟ بعد رحليك الدارَ ظلامها ساد ويسود
لا ريب أن الأبناء كل منهم إياي مفارق...فمن علي يا زهرتي غيرك يحن ويشفق...؟
الدهر شهور وأيام ..أنتِ هناك وأنا هنا أنتظر أرعى الأوهام ....
أسبح يا زهرتي في واديك ... أتذكر ماضيك.. برجا أبني ما أغناني , وقصر عال ما رعاني... رحمة الله عليك يا زهرة البستان...
إني بك للاحق .. ألست مخلوقا كباقي الأنام ..؟
انتظرني عند الشاطئ الآخر .إني قادم واللهَ سائلا الجمع بك في يقظتي ومنامي....
أغدو وأروح هيكلا بلا روح.. من طيب ثراها المسك يفوح
حقا إني أبكيها بكاء لا مكاء.. سأظل أذكرها حتى تسل مني الروح
أجل ونعم وجيري واكيد إنها كانت أهلا لكل وما ملها الكل ولا أصابها ملل
كانت في صلاتها تبتسم عن ثغرها شفة الفجر في لعس الظلام , ويتلثم بنورها وجه البدر في عرس التمام...
كانت بلإشتهار كبني عذرة في الحب بتحرق الأحشاء في الآفاق..
ولع الكريم بالإنفاق .... بل قل ولع الرقباء بالعشاق..أذهبت حسناتها النادرة سيئاتها البادرة.....
تلك الزهرة الفذة في قفار قبرتها
إبراهيم تايحي