هل من الأقـــــارب حقا من هم عقارب...؟
.. سوق على خطوات منه تحسبه زهرة الحياة الدنيا , يبدو للرائي أنه رحمة, بيد أن رواده ممتهنون أشد العذاب قذفا ورجما
...وجرني جاري لسوق ما ألفته, ولحسير ما وطأته قدماي من ذي قبل
سوق فيه عُرضت الأشلاء مترنحة, والجوارح مباحة, ما غاب عنه من أحد, إلا من رحم ربي
رحت أراود نفسي وأجادلها , فغلبني النعاس , لا من سهر ولا سمر, لا من تعب ولا نَصَب, لا من مخدر ولا مسكر, إلا أن الأمر أدهى وأمر..
أناس يتصارعون..يتساقطون.. يتهاوون..بلهفة ونهم , أكلا بشهية وشغف لما حُرِّم من اللحم....
أهو لحم خنزير أم نطيحة ومنخنقة؟ أم موقوذة ومتردية؟ أو ما أكل السبع.؟
لا هذا ولا ذاك, إنهم ينهشون حتى العظم من بني آدم...
(( أيرضى أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه)).
لا عجب فأقرب الأقربين لسيد المرسلين كان عدوا لله رب العالمين, ولإبن أخيه محمد رسول الله – صلاة ربي وسلامه عليه- المصطفى الأمين..
(( تبت يدا أبي لهب وتب* ما أغنى عنه ماله وما كسب* سيصلى نارا ذات لهب)).
كان ذلك زمن بدء إنقشاع السحب, سحب الشرك والظلم والطغيان وبما لم ينزل الله به من سلطان.
لكن الآن وقد مرت أحقاب ودهور, وعم ضياء الشمس الكون, وأنار نور القمر الليالي الظلماء , هل بقي شيئ في الصدور , مما عليه المرء ينأى عن الطمأنينة والحبور..؟ هل من الأقارب حقا من هم عقارب..؟
هنا يتوقف الزمن دون حراك , ما بال هذا وهذه وتلك وذاك..؟
لا يغني كسوف شمس, ولا يجدي خسوف قمر .يا الله لطفك و سترك.
أفي أمة الإسلام من لا زال في قلبه جمر يكوي, ونار تشوي ؟ اللهم رضاك...
أجل هو لكذلك وقد نما واشتد سوقه وترعرع ونجمه قبحا لمع وسطع,
وآن للذئاب من الحشرات الآدمية , والكلاب المسعورة, أن تستبيح الحمى وتجوس خلال الديار , قد وجدت ما كان عنها يمنع...
أبين الجار والجار تنبت الفتنة ويثور الغبار...؟
أبين الأب والأم والأخ والأخت تحاك المكائد وتفشى الأسرار...؟
أبين العم والعمة , والخال والخالة توقد النار...؟
بربك من هم ومن نحن؟ ..أضباع البراري أم بشر ينمقون الأخبار..؟
المرء ينشد السكن وقلبه يفيض من الآلام والحزن...
المرء يبحث عن نفس إليها يطمئن ليرتاح قليلا مما يتأجج في صدره من المحن...
وفجأة تكسوها فاجعة يمسي سخرية.. أضحوكة.. مهزلة عند هذا وتلك.
ما دهاك أيها الإنسان ؟ وما دعاك لأكل الجيف ؟ أأنت مزكوم أم لك رغبة لهذا التف...؟
ألآ تذكر ربك..؟ ألا تستعفف..؟ ألآ تستحي وتتوقف..؟
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
إذا كان الصبح تصبح على رجُل , راكبا أو مرتجلا , خفيفا أو حاملا
يشار إليه أنه متخلق فيه ثق..؟ وإن أمسيتَ تراه أرذل أرذل الخلق...
وضحي هي في بيتها امرأة جزلة امينة للسر دفينة , وبين الممرات الكلامَ تبيع وتشتري وأنت لا تدري , وإذا الشفق أطبق تراها شيطانة لعينة للأحاديث تنثر ولا تسر..
مرحبا بضيوف قدموا .. هيا يا امرأة يا حرة هات ما عندك في الصرة؟
هؤلاء أقاربنا أحبابنا قدموا علينا....
طعموا ثم انتشروا فتطاير من قلب البيت السر والخبر ...
يا ليتني لم أفتح بابي ولم أكشف حسابي..؟ يا ليتني لم أعلن جوابي
لما أفشيتَ سري و فضحتَ أمري؟ لما زينتَ لي القبيح وقبحتَ لي الواضح الصريح...؟ أبلغَ فيك الحسد درجة الغليان فتقيأتَ صديد القيح....؟
وأنتِ , يا لك وويلك من أنتِ. بعدما استأمنتك وأَمِنْتُكِ وآمَنْتُك ورحت تتمسكنين حتى صدعتُ لك بمكنوناتي من عظ الدهر, وضيق صدر , فإذا بغسيلك على حبلي تنشرين..
أستحلفك بالله العظيم لِما فعلتِ ذلك وقد فرشتُ لك بيتي , وفتحتُ لك باب داري , وسقيتك مما أسقي منه أبنائي وبعلي ونفسي رحت تتشدقين , وإفكا تأتين..
حسبي الله ونعم الوكيل
إبراهيم تايحي