الذكاء العاطفي عند الأطفال
تتعدد أنواع الذكاء في الإنسان وتختلف قوتها من شخص إلى آخر ويبقى الذكاء العاطفي أو ذكاء المشاعر كما يقولون هو الأهم لأنه يعلم الإنسان كيفية التعامل والتكيف مع الحياة برمتها بجمالها وقبحها بمميزاتها وبمشكلاتها.
وفي سبيل ذلك، تبرز أهمية غرس ذلك وترسيخه في أطفالنا منذ نعومة أظفارهم لتغدو عادات أصيلة. ولا تظني أن القطار قد فات مهما كان عمر صغيرك، بل مهما كان عمرك أنت.
ما هو الذكاء العاطفي (الانفعالي أو الوجداني أو ذكاء المشاعر)؟
نستطيع أن نعرفه بأنه القدرة على فهم الذات وتفهم الآخرين في المجتمع والخروج من هذا الفهم بالقدرة على إدارة الذات وإدارة العلاقات مع الآخرين في المجتمع.
منذ الضمة الأولى لحظة الولادة تتشكل العلاقة بين الطفل والعالم الخارجي، لذا يُقدم الطبيب الواعي أو الطبيبة المتفهمة على وضع الطفل بعد الولادة مباشرة على بطن أمه كي يلمس جلده جلدها ويشعر بدفئها بعد صدمته الأولى في الولادة وشعوره الأكيد بالرعب من هذا المكان. وبعد أن يأخذه طاقم التمريض لتحميمه يعود به فورًا إلى أمه كي تضمه وترضعه وتلك هي الخطوة الثانية. والرضاعة ليست مجرد إطعام للصغير وإنما هو نهر من الحب والحنان. تعلمي أن تغدقي عليه من حبك ومن نظراتك ولمساتك وضماتك وقبلاتك ولا تكوني مجرد مصدرًا لإطعامه.
تؤكد الدراسات أن الرضاعة الحنونة التي يتخللها حوار صامت بين الأم وصغيرها هي السبيل الأول لمنطقة أساسية في الدماغ مسؤولة عن الذاكرة والقدرة على التعلم تسمى الحصين أو هايبوكامباس hippocampus.
ليلة أمس تحديدًا كنت في زيارة لمعلمتي وكان لديها ابنتها وحفيديها، وكانت الصغيرة ذات الأربعة أعوام تتألم من ضرسها، وشاهدت كم اهتم بها أخوها الأكبر البالغ ست سنوات، فأخذ يحتضنها ويقبلها وركنت هي إلى حنانه وحضنه بشكل عجيب.
لا تظني أن الحنان لا يُعلم وأنه طبيعة بل هو سلوك وقدرة يمكن غرسها وتنميتها. واستكمالًا لمقالي السابق كيف تغرسين قيمة الأبوين وتقدير دورهما في قلب طفلك؟ أؤكد لك أن تنمية الذكاء العاطفي لدى طفلك هو السبيل لذلك.