أعرف كيف تمر الساعة تلو الساعة و عقلي موصول ببرامج الجزيرة الوثائقية..لا قيمة لتلك الساعات بمفهومها الرقمي لأنها تمنحك أكثر من عمر و أكثر من وجود جغرافي و حقبي..و قد يحدث أن أعيد مشاهدة نفس الفيلم الوثائقي..
لكم استنتجت أن ما حصل و يحصل في هذا العالم يفوق قدرة أبرع الأدباء و الكتاب على التخيل.. و أن غرائبية الواقع اكبر من أن يتصوره أكثر الحالمين.
فيصبح الفيلم الوثائقي منافسا لا يستهان به لأعرق و اقدر الدرامات على الأقل على المستوى العربي في ظل مُشاهد مل التكرار و غياب إبداع متجدد.
قيمة الوثيقة في شكلها الجديد بالصوت و الصورة تعطي القناة أكثر من دور بالإضافة للمهمة الأساسية لأي منبر من هذا النوع.
و تكون الجزيرة الوثائقية بذلك مؤسسة للتأريخ فتمسك بأحدث ريشة و صمغ لتكتب على أحدث الرقع.. لتحيي التاريخ كل يوم بكل ما لكلمة حياة من معنى.
و هنا أتساءل هل تملك الجزيرة الوثائقية إمكانية الإمساك بقلم احمر لتصحيح التاريخ؟
بالتأكيد لهذه المؤسسة الإعلامية القدرة و "السلطة" على كتابة التاريخ و تصحيحه
و بهذا ازعم أن الجزيرة الوثائقية مشروع إعلامي إنساني يستحق الثناء. كما أن الإنتاج الخاص للبرامج المعروضة بشكل احترافي و بعيد عن السطحية هو الفيصل في تميز القناة و خدمتها لقضايا تهم الشعوب العربية و الإسلامية.
و تستدرجني كلمة مشروع إلى أقسى ما يغرقني في حزن مهموم أننا افشل فرع في العائلة الإنسانية..
بين رواد الفضاء و علماء الذرة و رجال و نساء المختبرات و الأطباء الباحثين الذين حتما و قطعا لا يوجدون إلا في النصف الشمالي للكرة الأرضية بين كل هؤلاء تتوه أسئلتي و يتضاعف اندهاشي مع أسفي..
ماذا نقدم للحضارة الإنسانية؟ أين بصمتنا ؟ و أين إضافاتنا؟
و لكم تثيرني سلبا و إيجابا على نفس الدرجة فواصل القناة عندما تتوسط فيلما وثائقيا علميا يطلعك على آخر التطورات التكنولوجية و الفلكية و الفيروسية فترى في تلك الفواصل صور أطفال و شيوخ معدمين بثياب رثة لا يملكون في هذه الدنيا إلا ضحكاتهم التي تملأ الآفاق.
لكن صدقا أتساءل لماذا كلهم يضحكون!! و لماذا تكرار الشاي المغربي في عدة فواصل!؟
الجزيرة الوثائقية على الأقل من وجهة نظري إعلام "مشبع" و وحده التقييم المستمر للتجربة يجعلها تواصل باحترافية و تميز أكثر. و لي عودة للتحدث عن برامج القناة و التي من انتاجها الخاص.