أحَقُّ عافٍ بدَمْعِكَ الهِمَمُ أحدَثُ شيءٍ عَهداً بها القِدَمُ
وإنّما النّاسُ بالمُلُوكِ ومَا تُفْلِحُ عُرْبٌ مُلُوكُها عَجَمُ
لا أدَبٌ عِندَهُمْ ولا حَسَبٌ ولا عُهُودٌ لهُمْ ولا ذِمَمُ
بكُلّ أرْضٍ وطِئْتُها أُمَمٌ تُرْعَى بعَبْدٍ كأنّها غَنَمُ
يَسْتَخشِنُ الخَزّ حينَ يَلْمُسُهُ وكانَ يُبْرَى بظُفْرِهِ القَلَمُ
إنّي وإنْ لُمْتُ حاسدِيّ فَمَا أُنْكِرُ أنّي عُقُوبَةٌ لَهُمُ
وكَيفَ لا يُحْسَدُ امْرُؤٌ عَلَمٌ لَهُ على كلّ هامَةٍ قَدَمُ
يَهابُهُ أبْسأُ الرّجالِ بِهِ وتَتّقي حَدّ سَيْفِهِ البُهَمُ
كَفانيَ الذّمَّ أنّني رَجُلٌ أكْرَمُ مالٍ مَلَكْتُهُ الكَرَمُ
يَجْني الغِنى لِلِّئَامِ لَوْ عَقَلُوا ما لَيس يَجني عَلَيهِمِ العُدُمُ
هُمُ لأمْوالهِمْ ولَسْنَ لَهُمْ والعارُ يَبقَى والجُرْحُ يَلْتَئِمُ
مَن طَلَبَ المجدَ فَليَكُنْ كعَلِـ ـيّ يَهَبُ الألْفَ وهوَ يَبْتَسِمُ
ويَطْعَنُ الخَيْلَ كُلَّ نافِذَةٍ لَيسَ لهَا مِنْ وَحائِهَا ألَمُ
ويَعْرِفُ الأمْرَ قَبْلَ مَوْقِعِهِ فَما لَهُ بعدَ فِعْلِهِ نَدَمُ
والأمْرُ والنّهْيُ والسّلاهبُ والـ ـبيضُ لَهُ والعَبيدُ والحَشَمُ
والسّطَواتُ التي سَمِعْتَ بها تكادُ منها الجِبالُ تَنقَصِمُ
يُرْعيكَ سَمعاً فيهِ استِماعٌ إلى الـ ـدّاعي وفيهِ عنِ الخَنى صَمَمُ
يُريكَ مِنْ خَلْقِهِ غَرائِبَهُ في مَجْدِهِ كيفَ تُخلَقُ النّسَمُ
مِلْتُ إلى مَنْ يَكادُ بَيْنَكُما إنْ كُنتُما السّائِلَينِ يَنْقَسِمُ
مِنْ بَعدِ ما صِيغَ من مَواهِبِهِ لمَنْ أُحبُّ الشُّنُوفُ والخَدَمُ
ما بَذَلَتْ ما بهِ يَجُودُ يَدٌ ولا تَهَدّى لِمَا يَقُولُ فَمُ
بَنُو العَفَرْنَى مَحَطّةَ الأسَدِ الـ أُسْدُ ولكِنْ رِماحُها الأجَمُ
قَوْمٌ بُلُوغُ الغُلامِ عِنْدَهُمُ طَعنُ نُحورِ الكُماةِ لا الحُلُمُ
كأنّما يُولَدُ النّدَى مَعَهُمْ لا صِغَرٌ عاذِرٌ ولا هَرَمُ
إذا تَوَلّوا عَداوَةً كَشَفُوا وإنْ تَوَلوا صَنيعَةً كَتَمُوا
تَظُنّ من فَقْدِكَ اعْتِدادَهُمُ أنّهُمُ أنْعَمُوا ومَا عَلِمُوا
إنْ بَرَقُوا فالحُتُوفُ حاضِرَةٌ أو نَطَقُوا فالصّوابُ والحِكَمُ
أو حَلَفُوا بالغَمُوسِ واجتَهَدوا فَقَوْلُهُمْ خابَ سائِلي القَسَمُ
أو رَكِبُوا الخَيْلَ غَيرَ مُسرَجَةٍ فإنّ أفْخاذَهُمْ لهَا حُزُمُ
أوْ شَهِدوا الحَرْبَ لاقِحاً أخَذوا من مُهَجِ الدّارِعينَ ما احتكموا
تُشرِقُ أعْرَاضُهُمْ وأوْجُهُهُمْ كأنّها في نُفوسِهِمْ شِيَمُ
لَوْلاكَ لم أترُكِ البُحَيرَةَ والـ ـغَوْرُ دَفيءٌ وماؤها شَبِمُ
والمَوْجُ مِثْلُ الفُحولِ مُزْبدَةً تَهْدِرُ فيها وما بِها قَطَمُ
والطّيرُ فَوْقَ الحَبابِ تَحسَبُها فُرْسانَ بُلْقٍ تَخُونُهَا اللُّجُمُ
كأنّها والرّياحُ تَضْرِبُهَا جَيْشا وَغًى هازِمٌ ومُنْهَزِمُ
كأنّها في نَهارِهَا قَمَرٌ حَفّ بهِ مِنْ جِنانِها ظُلَمُ
تَغَنّتِ الطّيرُ في جَوانِبِها وجادَتِ الأرْض حَوْلَها الدّيَمُ
فَهْيَ كَمَاوِيّةٍ مُطَوَّقَةٍ جُرّدَ عَنها غِشاؤها الأدَمُ
يَشينُها جَرْيُها عَلى بَلَدٍ تَشينُهُ الأدْعِياءُ والقَزَمُ
أبا الحُسَينِ اسْتَمعْ فمَدْحُكُمُ بالفِعْلِ قَبلَ الكَلامِ مُنْتَظِمُ
وقَد تَوالى العِهادُ مِنْهُ لكُم وجادَتِ المَطْرَةُ التي تَسِمُ
أُعيذُكمْ من صُرُوفِ دَهْرِكُمُ فإنّهُ في الكِرامِ مُتّهَمُ