بماذا يدعو المهموم والمحزون والمكروب عند الهموم والأحزان والكروب ؟!
* عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ :
" لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ، وَرَبُّ الأَرْضِ ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ " (1) .
* وفي حديث أَبِي بَكْرَةَ أن رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قالَ :
"دَعَوَاتَ المَكْرُوُبِ. اللّهُمّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلّهُ، لا إِلَهَ إِلاّ أَنْتَ " (2) .
* وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال : علمني علي بن أبي طالب رضي الله عنه كلمات علّمهن رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه يقولهن عند الكرب والشيء يصيبه :
" لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله ، وتبارك الله ، رب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين (3) .
* وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ألا أعلمك كلمات تقوليهن عند الكرب ـ أو في الكرب ـ الله ربي لا أشرك به شيئا " (4) .
* عن عائشة قالت: قال لي أبي : ألا أعلمك دعاء علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : كان عيسى يعلمه الحواريين لو كان عليك مثل أحد دينا لقضاه الله عنك ؟ .
قلت: بلى .
قال قولي :" اللهم فارج الهم ، وكاشف الغم – ولفظ البزار : وكاشف الكرب - مجيب دعوة المضطرين ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، أنت ترحمني ، فارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك " (5) .
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن سابط قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعلّمهن. اللهم فارج الهم، وكاشف الكرب، ومجيب المضطرين، ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، أنت ترحمني فارحمني رحمة تغنني بها عمن سواك" (6).
* عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال :
" يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث " (7) .
* وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" من دعا بهؤلاء الكلمات الخمس لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه : لا إله إلا الله والله أكبر ، لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله "(8) .
* ويدعو بما صح في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّى عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِى بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِىَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِىَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ في كِتَابِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ؛ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ،وَجَلاَءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي؛إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجاً ».
قالوا : يا رسول الله ألا نتعلم هذه الكلمات ؟ .
قال :
« بَلَى يَنْبَغِى لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ » (9) .
* ويدعو بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها اسم الله الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى وإذا دُعي به أجاب ، وقد ورد في تعيين اسم الله الأعظم أكثر من عشرين قولا ً للعلماء ، لكن الراجح منها خمسة أقوال وردت في الحديث النبوي ، وهي :
* عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله ، لا إله إلا أنت الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .
فقال صلى الله عليه وسلم :
" لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب " (10) .
*وعن أنس أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي ( هو أبو عياش الزرقي ) ثم دعا : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى " (11) .
* عن أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ( وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) [ البقرة : 163 ] ، وفاتحة سورة آل عمران ( الم . اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) (12) .
* الحي القيوم ؛ لحديث أبي أمامة رفعه قال : " اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث سور من القرآن في البقره وآل عمران وطه " .
قال القاسم الراوي عن أبي أمامة : فالتمسته ، فوجدت في البقرة ( اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) [ البقرة : 255].. وفي آل عمران : ( اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) [ آل عمران : 2، وفي طه : ( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ) [ طه : 111] (13) .
* دعوة ذي النون ( يونس عليه السلام ) وهي : ( لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) [ الأنبياء : 88 ]؛ لما في حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت ( لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) ؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له " (14) .
وفي رواية الحاكم : هل أدلكم على اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى ؟، الدعوة التي دعا بها يونس حيث ناداه في الظلمات الثلاث : ( لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (15).
وأخرج ابن جرير في " تهذيب الآثار " عن أيوب أن أبا قلابة كتب إليه بدعاء الكرب وأمره أن يعلمه ابنه : لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرض ورب العرش الكريم ، سبحانك يا رحمن ، ما شئت أن يكون كان ، وما لم تشاء لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، أعوذ بالذي يمسك السماوات السبع ومن فيهن أن يقعن على الأرض من شر ما خلق ومن شر ما برأ، وأعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر السامة والهامة، ومن الشر كله في الدنيا والآخرة .. ثم يقرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة (16) .
* قال الحسن البصري رحمه الله : عجبا لمكروب غفل عن خمس ، وقد عرف ما جعل الله لمن قالهن ؛ قوله تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ . أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) [ البقرة : 155-157 ] ... ، وقوله تعالى : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ) [ آل عمران : 173-174 ] ... ، وقوله : ( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ . فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ) [ غافر : 44-45 ] . .. ، وقوله : ( وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) [ آل عمران : 147-148 ] .
قال الحسن : من لزم قراءة هذه الآيات في الشدائد كشفها الله عنه ، لأنه وعد وحكم فيهن بما جعله لمن قالهن ، وحكمه لا يبطل ، ووعده لا يُخلف (17) .
* من كتاب : « لا تحزن أيها المؤمن .. وعش سعيداً ».. مطبوع بمكتبة الصفا ، بالقاهرة ، مجدي محمد الشهاوي