مع التقدم الحضاري الذي نعيشه.. قدمت لنا الصناعة الحديثة منتجات من البلاستيك سهلة الاستعمال مثل الأكياس البلاستيكية التي من المفترض أنها تساعدنا على نقل أو حفظ أو تداول معظم المنتجات الغذائية، ولكن أثبتت الدراسات الحديثة أنه من الممكن أن تنشأ أمراضاً عديدة عن طريق المواد الداخلة في صناعة المنتجات البلاستيكية والتي تذوب في الأطعمة المحفوظة بداخلها.
وقد توصلت دراسة أمريكية جديدة إلى أن التعرض لكميات كبيرة من مادة "بيسفينول أ" الكيميائية، التي غالباً ما تستخدم في صناعة مستوعبات الطعام البلاستيكية غيرها من المنتجات الاستهلاكية التي تستعمل في الحياة اليومية، تؤثر سلباً على خصوبة الرجال.
وأفادت دراسة نشرها موقع "وب مد" الأمريكي أن المادة تتسبّب بمشاكل في الخصوبة لدى الرجال وتخفض عدد الحيوانات المنوية وتؤثر على صحتها عند الرجال الذين يتعرضون بشكل كبير لها.
وأوضح الطبيب دي كون لي المسئول عن الدراسة التي أعدها فريق من قسم الأبحاث في مستشفى "قيصر برماننت" الطبي في كاليفورنيا، أن نتائج الدراسة ليست مفاجئة، فهذه المادة الموجودة أيضاً في عبوات المياه البلاستيكية معروفة بتأثيرها على الغدد الصماء، لكن ما انفردت به هذه الدراسة هو أنها الوحيدة التي ربطت معدلا الـ"بيسفينول أ" بكمية الحيوانات المنوية عند البشر.
وأضاف أن "المزيد من التعرض لـ"بيسفينول أ" يؤثر سلباً على كمية الحيونات المنوية"، ونوعيتها.وقد أجريت الدراسة على 218 عاملاً يتعرضون بشكل كبير لهذه المادة في مصنع بالصين، وتبين أنهم كانوا عرضة أكثر بمرتين أو اربع مرات للإصابة بمشاكل تتعلق بالخصوبة.
البلاستيك مسئول عن سرطان الخصية
ويسعى علماء بريطانيون لإثبات أن كانت المواد الكيميائية الرائجة في البيئة، مثل تلك المستخدمة في صناعة البلاستيك هى المسئولة عن ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الخصية.
ويؤكد الأطباء أن سرطان الخصية يصيب الشباب لكنهم اكتشفوا قبل عدة سنوات أن التغييرات غير الطبيعية التي تؤدي إلى هذا النوع من السرطان تحصل خلال الأشهر الأولى من نمو الجنين. و نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن فريق طبي بريطاني أنه سيستخدم فئران ذات خلايا بشرية لإثبات هذه النظرية.
ولأن هذه التغييرات تحصل خلال فترة الحمل يرجّح الأطباء وجود عامل في البيئة يتسبب برفع معدلات الإصابة بهذا المرض بشكل سريع.
وأشار أحد العلماء الباحثين إلى أن هناك نظرية تشير إلى أن هذه التغييرات يتسبب بها تعرض الحامل إلى مواد كيميائية موجود في البيئة، مثل مادة "الفثالات" التي تستخدم في صنع كثير من الأدوات المنزلية بينها الأواني البلاستيكية.
كما توصلت دراسة بالمركز القومى للبحوث إلى أن استخدام الأكياس البلاستيكية السوداء يصيب بأمراض خطيرة، أهمها السرطان والزهايمر والضعف الجنسى.
وأكد الدكتور جمال نوب الأستاذ بالمركز إن استخدام الأكياس السوداء بصفة دائمة، خاصةً مع المنتجات الغذائية القابلة لامتصاص مواد سامة يتسبب في الإصابة بالعديد من الأمراض، خاصة وأن هذه الأكياس تصنع من إعادة تدوير المخلفات وأكثرها سامة.
واشار الباحثون إلى أن الوقاية من هذه الأكياس الخطيرة ممكنة، وذلك عن طريق تغيير بعض السلوكيات الخاطئة فى التعامل اليومى مع الغذاء سواء مراحل النقل والتغليف.
والأكياس السوداء لها أضرار ليس فقط على المأكولات الطازجة بل أيضاً على المأكولات الجافة لما لها من سرعة امتصاص مثل البقوليات وغيرها لأنها تحتوى على مواد كيماوية صنعت منها تلك الأكياس.
وأوضح جمال إنه ليست كل الأكياس البلاستيكية السوداء تهدد صحة الإنسان.. بل هناك أكياس صنعت معتمدة على الأبحاث العلمية والمعملية والتى لا توجد بها مواد لا تضر بصحة الإنسان، ولكن المشكلة أن إنتاج هذه الأكياس مكلف جداً لذا تلجأ بعض المصانع إلى إعادة تدوير هذه المخلفات لهذه الصناعة وطبع منها أكياس ضارة.
كما أظهرت دراسات أجريت على الحيوانات أن مادة "بيسفينول أ" التي تستخدم في صنع زجاجات البلاستيك وغيرها من المنتجات الاستهلاكية التي تستعمل في الحياة اليومية، تؤثر سلباً على الخصوبة عند النساء.
وأشارت الدراسة إلى أن المادة تتسبّب باعتلال في نبضات القلب كما تؤدي إلى مشاكل في الخصوبة لدى النساء والأطفال الذين يتعرّضون لهذه المادة الكيميائية.
وتستخدم هذه المادة المعروفة أيضاً باسم "بي بي إيه"، في المواد البلاستيكية، كالأقراص المدمجة والنظارات الشمسية وعبوات المياه، وقد أظهرت دراسات وجود علاقة بينها وبين السرطان والسكري وأمراض القلب واضطرابات النمو لدى الاطفال والأجنة.
وأكد الباحث سكوت بيلشر وهو أستاذ في علم الصيدلة في جامعة "سنسيناتي"، أن الـ"بي بي إيه" يتصرّف أحياناً في الجسم لدى النساء كهرمون الاستروجين، مما يزيد مخاطر تعرّضهن لأزمات قلبية ويسبب اضطرابات في نبضات القلب، ويشتبه علماء في أن تكون المادة تعدل الجينات البشرية الخاصة بالحمل، مما يؤثر على الخصوبة عند النساء.
استخدام البلاستيك خطر يهدد حياتك
كما أكدت الباحثة زينب محمد إسماعيل إبراهيم بقسم الأغذية وعلوم الأطعمة بكلية الاقتصاد المنزلى فى دراستها للماجستير، من خطورة تأثير تعبئة الفول المدمس وهو ساخن فى أكياس من البلاستيك خفيف الكثافة، على الصحة العامة للإنسان، وهى الظاهرة التى تنتشر فى كثير من الأحياء والشوارع المصرية.
وأوضحت الدراسة بصورة قاطعة أن تعبئة الفول المدمس وهو ساخن عند درجة 100مئوية فى أكياس من البلاستيك خفيف الكثافة لمدة 30 دقيقة، يؤدى إلى انتقال عديد من المركبات الكيميائية العضوية المعروفة بتأثيراتها السامة من جدران الأكياس إلى داخل عينات الفول المدمس المعبأة داخلها.
وأكد الدكتور يوسف عبد العزيز الحسانين أستاذ التغذية وعلوم الأطعمة ووكيل كلية الاقتصاد المنزلى، أن الدراسة أثبتت أيضاً أن تخزين الفول المدمس المعبأ داخل الأكياس البلاستيكية فى الفريزر عند درجة 20 مئوية، يؤدى إلى انتقال العديد من المركبات الكيميائية السامة إلى داخل عينات الفول المدمس من جدران الأكياس نتيجة للتصدعات والتشققات التى حدثت لها، والتى تم تصويرها بالميكروسكوبات عالية التقنية.
وأضاف يوسف أنه تم من خلال الدراسة أيضاً فصل مستخلصات من المركبات الكيميائية التى انتقلت من جدران أكياس البلاستيك إلى الفول المدمس، ودراسة تأثيراتها السامة باستخدام مزارع خلايا الكبد كنماذج بيولوجية معملية خارج الجسم، وقد تأكد من خلال فحص خلايا الكبد أن لهذه المركبات قدرة كبيرة على إحداث التأثيرات السامة والخطيرة، والتى تؤدى إلى فشل الخلية فى أداء وظائفها، وخاصة فيما يتعلق بالطاقة ومخزن الإنزيمات والجدار الخلوى فى الخلية.
كما أظهرت الدراسة أن استخدام بعض الإضافات الغذائية مثل الشطة والطحينة والليمون والطحينة ومهروس البصل والثوم وإضافتها إلى الفول المدمس المعبأ فى أكياس من البلاستيك، يقلل بدرجة محدودة من المخاطر السامة السابقة.
ومن جانبها، حذرت الدكتورة سحر العقبي رئيس قسم علوم الأطعمة والأغذية بالمركز القومي للبحوث، من استخدام اكياس البلاستيك والنايلون وعلب البلاستيك في نقل أو حفظ الطعام مثل الخبز أو الفول أو الكشري أو حمص الشام خاصة إذا ماكان بداخل الكيس ساخناً.
وأوضحت العقبي أن خطورة البلاستيك ترجع إلى المواد الكيماوية التي تدخل في تركيبة والتي تتعامل مع المادة الغذائية التي بداخلها وهو ما يهدد بحدوث الأورام السرطانية مع تكرار استخدام الأكياس البلاستيكية بصورة يومية.
وتحتوي مادة البلاستيك على مادة "الديوكسين" الكيميائية التي تسبب مرض السرطان، خاصةً سرطان الثدي.
ويحذر العلماء من تغطية الخبز والطعام الساخن بالأكياس والأغطية البلاستيكية، حيث ستذيب السموم الموجودة بالبلاستيك، وبالتالي تختلط هذه السموم مع الطعام المكشوف الحرارة، فمن الأفضل تغطية الطعام بالورق بدلاً من البلاستيك.