الكنغ
الجنس :
عدد المساهمات : 18239
العمر : 45
| نيجيري في البرازيل ليلعب كاس القارات |
| لا شك أنكم تعلمون أن عدد اللاعبين المولودين في أفريقيا الممارسين في البرازيل قليل بالمقارنة مع مناطق أخرى من العالم، رغم ذلك هنالك قصة ناجحة تؤكد أن أبناء القارة السمراء قادرون على التألق في بلاد السامبا، ونقصد هنا تجربة ريتشارد أووبوكيري.
أضحى هذا النيجيري اليوم وكيل أعمال في سوق انتقالات اللاعبين، وله شركة في مجال العقارات. وقد غادر بلاده الأصلي في مطلع الثمانينات، وكان حينها شابا يافعا، وقرر حط الرحال في بلاد الساحرة المستديرة ودخول عالم الاحتراف عبر بوابته. حيث أقنع مدربان برازيليان المهاجم الأوسط السابق بالهجرة إلى بلدهما، فاختار دخول هذا التحدي رغم شكوك الكثيرين حول قدرته على التأقلم والنجاح.
وكان قرار المهاجم الأوسط صائبا ومصيريا في نهاية المطاف، كما عاد عليه بالخير العميم. إذ يحق له الفخر بكونه قضى 19 موسما في ملاعب كرة القدم، وكان طوال هذه المدة هدافا ناجحا، كما أفلح في أن يكون ثاني أفضل هداف في أوروبا. وقد تنقل ريتشارد بين الكثير من البلدان بعد محطة البرازيل، كالبرتغال وفرنسا وقطر، لكنه قرر العودة في نهاية المطاف إلى هذا البلد، واختار الاستقرار في مدينة سالفادور بولاية باهيا، حيث يسميه الجميع "ريكي".
وصرح أووبوكيري لموقع FIFA.com: "تسير الأمور هنا بسهولة. لم أكن معروفا عندما جئت أول مرة، لكنني اجتهدت لتحقيق أهدافي واستطعت تحقيقها. بينما تعتبر سالفادور مدينتي الثانية، وأشعر بالارتياح فيها".
البدايات وبدأت قصة ريتشارد مع البرازيل سنة 1983 عندما كان عمره 21 سنة، ولم يكن في واقع الأمر قرار هجرته عبثيا. إذ شاءت الأقدار أن يكون قبل ذلك تحت إمرة مدربين برازيليين في نيجيريا، أحدهما لوسيانو دي أبرو، المدير الفني لفريق شاركس النيجيري، والثاني هو الأسطورة أوتو جلوريا، أحد أشهر المدربين في تاريخ بينيفكا وأكثرهم تتويجا معه ومدرب المنتخب البرتغالي خلال كأس العالم إنجلترا FIFA 1966، حيث قاده إلى احتلال المركز الثالث. وقد أقنع المدربان أووبوكيري بقرار الهجرة إلى البرازيل وساعداه في مغامرته.
وحط المهاجم الأوسط الرحال في بداية المطاف بولاية ريو دي جانيرو، حيث تعاقد مع فريق أمريكا، الذي كان قوة كروية ضاربة في النصف الأول من القرن العشرين، لكنه تراجع بعد ذلك بحكم شراسة المنافسة. رغم ذلك كانت التنافسية كبيرة داخل هذا النادي في تلك الفترة، وكان من الصعب على اللاعبين الشباب العثور على موطئ قدم فيه، فما بالك بلاعب أجنبي.
بيد أن ريتشارد لم يخرج من تلك التجربة الأولى خاوي الوفاض. فقد تعلم اللغة البرتغالية بمساعدة بعض الزملاء والمعلمين، وبدل العودة إلى الديار بخفي حنين، قرر سنة 1984 الرحيل إلى الساحل البرازيلي، أي على بعد 1200 كلم تقريبا من ريو دي جانيرو، والتحق بكتيبة فيتوريا في مدينة سالفادور.
"إنه مكان بمناخ مختلف، مناخ فريد من نوعه"، هكذا يتحدث النيجيري اليوم عن مدينته الثانية، وقد استأنس بأجوائها لدرجة صارت فيها لكنته مماثلة لتلك التي يستعملها أبناؤها. وربما سيكون خلال كأس القارات البرازيل FIFA 2013 دليل لاعبي منتخب بلاده الأصلي بين شواطئها وشوارعها. حيث ستواجه كتيبة النسور الخضراء منتخب أوروجواي بملعب فونتي نوفا الجديد يوم 20 يونيو القادم، وكان مدربها ستيفان كيشي رفيق ريتشارد في الكثير من المناسبات: "كنا زملاء في الغرفة أيام المنتخب، وهو صديق عزيز عليَّ، نتواصل في بعض المناسبات، وسأكون سعيدا برؤيته هنا".
مدينة للاكتشاف وكانت سالفادور أول عاصمة في تاريخ البرازيل، وبقيت كذلك حتى سنة 1763، ويناهز عدد سكانها 2,7 مليون نسمة، وهي بذلك ثالث أكثر مدن البلاد. بينما ينحدر معظم سكان سالفادور من أفريقيا (80 في المائة) حسب إحصائيات وأرقام المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاء، ولذلك احتضنت سنة 2011 اللقاء الإيبيرو أمريكي لذوي الأصول الأفريقية في دورته الواحدة والعشرين، وكان ذلك بحضور الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، وأطلق عليها لقب "عاصمة أمريكا الجنوبية السوداء". حيث يعكس هذا اللقب الرمزي علاقات هذه المنطقة الوطيدة مع إفريقيا، ويجسد تأثير القارة السمراء على مختلف جوانب الثقافة المحلية، بما في ذلك المعتقدات الدينية وفن الطبخ والموسيقى والرقص.
وقد صار تأقلم النيجيري مع أجواء المدينة أسهلا بفضل هذه العناصر بطبيعة الحال، رغم ذلك تأتت له الشعبية والشهرة فوق المستطيل الأخضر. حيث أحرز هدف فوز فيتوريا في موقعة كلاسيكو ضد باهيا في أول ظهور له بألوان النادي، وكان عمره حينها لا يتجاوز 24 سنة.
وقد مكث مع فيتوريا موسمين، وسجل 60 هدفا بالتمام والكمال، قبل الرحيل إلى أوروبا واللعب في صفوف كل من لافال وميتز بفرنسا وبينيفيكا وإستريلا أمادورا وبوابيستا وبيلينينسيس في البرتغال. كما دافع في نهاية مشواره على ألوان العربي القطري والهلال السعودي. هذا وأفلح المهاجم الأوسط في تكرار إنجازات البرازيل موسم 1991-1992، عندما كان مع نادي بوابيستا، حيث انتزع لقب هداف الدوري البرتغالي، وكان ثاني أفضل هداف في أوروبا بعد الهولندي فيم كييفت.
وعاد أووبوكيري إلى أحضان فيتوريا سنة 1994، لكنه لم يعمر طويلا، حيث واصل منه موسم هجراته. ثم رجع ثلاث سنوات بعد ذلك إلى مدينة سالفادور، وكان قد اعتزل ملاعب الساحرة المستديرة، وقرر العيش فيها. حيث قال: "سالفادور مدينة رائعة. لو طلب مني أحد بعض النصائح، فسأدعوه دون شك إلى الاستمتاع بالشواطئ، خصوصا بورتو بارا، حيث تعتبر ضمن أجمل الشواطئ على الصعيد العالمي". ثم أضاف بحماسة المرشد السياحي: "لدينا هنا بيلورينيو وملعب فونتي نوفا، وقد صار أجمل من السابق. تمتلك سالفادور الكثير من الأمور، ولن يندم من سيأتي لزيارتها".
ولا يدعو ريكي السائحين فقط إلى زيارة سالفادور، بل يقول باستمرار لأبناء بلاده الأصلية أن "البرازيل أفضل الأمكنة لتعلم كرة القدم". فهل سيشهد العالم سطوع نجم نيجيري جديد من البرازيل؟ ربما، وحدها الأيام ستجيبنا على ذلك. | |
|