معــــانـــــاة قلــــــــــب
تعدد دقات قلب المرء منا علامة حياة ..وهذا
القلب المسكين لا يعلم معنى الحياة..
هو في شغل لا ينصب ليلا نهارا وقد شغله
النبض... الخفقان.. الضخ... وبين الثلاثة عمله مستمر
لا يتوقف إلا بإذن خالقه ........
نقول فلان ذو قلب رحيم أو قاس ..نقي أو خبيث..
أبيض أو أسود ... وهكذا دواليك .
تلفظ ألسنتنا ما صوره العقل , وما نقل له من
أخبار وأفعال , سواء عن طريق الأذن أو العين
ولما لا حتى الشم ...؟ كلهم موقوفون ..مسؤولون.. محاسبون... وباقي الجوارح
ما يهم ..لا أحد رحم أو أراح هذا القلب بعد بلايين
الدقات ...؟
لا أحد سأل كيف هو...؟ لا أحد حمد الله على تلك
النعمة , نعمة الحياة ...وحتى العلم اليوم وعلماؤه لم يبدو لهم صول ولا باع في
إعطائه حقه , اللهم من بعض الأدوية , ليس حبا فيه بل لمصالحهم وشهرتهم....
أما أنا لم يسأل أحد من البشر عن قلبي , لأني لم أسألهم عن
قلوبهم , وحجتي في ذلك أنه لا يعلم ما في القلوب إلا علام الغيوب.....
وبهذا خففت الثقل عنهم , ولما حدث ذلك, تكأكأ فوق صدري وجثم أنا وحدي................ شيئ آخر
يسأل عن قلبي : كيف هو بعد هذا العبء والرزء؟ فما عساي أن أجيب...؟
فهذا الطارق السائل وما أخاله إلا كذلك ..أأكذب
عليه ؟..لا أقدر. فهو محترم وسيماه في وجهه
أأقول له : نصف ..ثلث... ربع الحقيقة ؟ . لا.
والله فالحقيقة تعبر عن نفسها إشراقا
ونورا ولطفا
ما ذا أقول ..؟ أقول مرحبا هذا ما أعرف واترك
لقلبي أن يعرف....
ودنا قلبي من قلب الطارق السائل ...تمعنه بعين بصيرته التي لا تخطئ أبدا , حتى في الليلة الظلماء يسهل
عليها إدخال الخيط في سم الخياط ......
قال له: إذا ضاق بك البشر وجودا فبداخلي ما
يسعك ...لك كل ما تطلب وما تشتهي نفسك
غطاء.. فراشا. أما عن الطعام والشراب فأنت لست
في حاجة إليهما , لأنك مثلي , بل أنت أفضل مني بكثير ....
أنت
لازلت طاهرا لم تدنسك مخالب الذئاب البشرية ولا الحشرات الآدمية .....
أنت لا زلت نقيا لم تطأك أقدام الرذيلة من بني
جلدتنا ... أنت شاب لم تعصرك المطاحن
تلك التي داخل الأفواه بين الفكين ....أنت أفضل
وأحسن وأنقى وأطهر مني . أما أنا فقد تعبت ومللت , وإني على وشك الرحيل . إني على
وشك الرحيل, هل يرضيك أن تبقى مكاني بعد رحيلي....؟
بدا لي أنك موافق , ولكن هل يرضى مربضك أن تفعل
هذا إن أنت حللت مكاني ....؟
إن حدث أبصم على بابه بالأحرف الأولى من اسمك وحدد
المكان الذي تنويه....؟
بهذا تكون قد سجلت معلوماتك على صفحة شفافة
ووضعتها في خزانة لا يمكن فتحها إلا من قِبلك
كان قلبي يتكلم ويعمم ونظيره يستمع ويستلهم حتى شعر بأنه كل وتعب ,
حينها قال له : أمرا طلبته ما أنا بمقتدر عليه حتى استأذن من كنت مستوطن صدورهم
واستأنس ..
تململ قلبي وامتص دموع لظى فؤاده وكبده ثم قال:
لك ذلك . أنا في الانتظار ولا يخفى عليك معلم الدار ؟ فجاري قليل الرماد والآخر
ثابت الأوتاد , أما أنا فقد لذت بحمى
الوادي...
على مرمى حجر كنت والأدغال فيها تهت وعلى كؤوس
العلقم أدمنت ..الشقاء به تسربلت...
ولغدر الداني والقاصي تعرضت ...تدحرجت ليس من
أعلى إلى تحت بل من تحت إلى أعلى وما زلت...
هذه خلاصتي ولعلها نهايتي ..فمن يدري ألقاء بعد
أم أنني انتهيت ....؟ صاحبي.. قلبي...... هل لكلامي سمعت ...؟
هكذا أنا وهذا فرسي تراه هناك يعلف.. ولبذور
الربيع يحافظ لأنها ألفت حنانه وهو ما برح لها يألف. أجل يا صاحبي القيود والسدود
أقسى علي من جيوش يقودها النمرود . لا
أطيل عليك , فقط القول أعيد:
فوضت أمري إليك يا ذا الكرم والجود
إبراهيم تايحي