نتائج ليلة القدر
من كان كلام الله دليله في كل أمر من أموره، فسيره كلُّه في أمان واطمئنان، ومن كان نور الله سراجه وضياءه فحياته كلها سعادة وسلام. وقد بيَّن تعالى ذلك بقوله: {سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. وقد عبر تعالى عن الموت بمطلع الفجر، ذلك لأن الموت ينكشف به الغطاء عن النفوس، فلا يحول بينها وبين رؤية الحق سترٌ ولا حجاب، فيرى الناس جميعاً الحقائق ظاهرة جليَّة بادية للعيان.. ويشهد الناس جميعاً الحق الذي جاءت به الرسل، فهذا المؤمن الذي تدارك أمره من قبل أن يأتيه الموت، وفاز بليلة القدر أشبه برجل يسير ليلاً في المغاور والقفار وبيده سراج ساطع منير، فهو أبداً على بصيرة وهدىً يسير في النور، والنور يكشف له كل شيء، فهو يسير في طمأنينة وسلام مدى العمر وطول الحياة، يتقلب دوماً في الخير، ولا يعمل إلا الخير، فإذا انتهت به مرحلة الحياة وطلع الفجر، جاءه الموت وهو بخير حال.. وهنالك البشرى والفرح والغبطة بما قدَّم من أعمال. فإن شئت العلم والمعرفة، وإذا كنت ممن يطلب الكمال والفضيلة، وإذا أردت أن ينطبع الحقُّ في قلبك، وتصطبغ نفسك بصبغة من الله ومَنْ أحسن من الله صبغة. وإن أحببت أن يتحلَّى قلبك بنور تمشي به في الظلمات، يكون لك به من الله برهان وفرقان، فما عليك إلاَّ أن تسعى لتفوز بليلة القدر، وهنالك تكسب حياتك الثمينة الغالية وتكسب هذا العمر. قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ في هذِهِ أَعْمَى فَهُوَ في الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبيلاً} ( سورة الإسراء: الآية (72)). {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمينَ} (سورة العنكبوت: الآية (6)).