زائر زائر
| الفروج يحلّق فوق السوق السورية بأجنحة غراب.. مستويات غير مسبوقة من الأسعار واسطوانة المبررات تتكرر |
| مازالت فصول أشبه بـ"الفانتازيا" تستحكم بأسواق المستهلك السوري المكتوي بلهيب موجة الغلاء المتصاعدة فهذا الأخير الذي كان قد استغرب انخفاض أسعار الفروج في الأشهر القليلة الفائتة حتى اعتقد في قرارة نفسه أن حكومته باتت قادرة فعلاً على ضبط تقلبات الأسعار وتذبذبها الدائم، إلا أن استغرابه قطعه يقين وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأن هذا الانخفاض ذو أثر سلبي على تربية الدواجن، مبدية قلقها البالغ من خروج المربين من الخدمة جراء خسارة إنتاجهم، وهو أمر لم يدم طويلاً بعد تسجيل الفروج ارتفاعاً مفاجئاً شكل عبئاً على كاهل المواطن دون أن يشكل ذلك مصدر قلق لمسؤولي الوزارة المعنية بالدرجة الأولى عن رعاية شؤون المستهلك وحمايته، فلم لا تبادر الجهات المختصة في معالجة مشاكل قطاع الدواجن المتكررة بدل إظهار تعاطف مبطن ساهم بشكل أو بآخر في زيادة أسعار الفروج والبيض بما يتناسب مع رغبات المربين ومصالحهم؟. فلتان سجلت أسعار الفروج ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأسبوعين الفائتين مع ملاحظة حصول انخفاض نسبي هذا الأسبوع عن سابقه، حيث بلغ سعر كيلو الفروج الحي هذا الأسبوع 170 ليرة علماً أنه يباع من مصدره بـ145 ليرة وكيلو الفروج المذبوح المنظف بين 200-235 ليرة في حين تراوح سعر كيلو الشرحات 425 -475 ليرة بينما وصل كيلو كستا مع دبوس إلى 215-225 ليرة وكيلو الوردة بين 225-250 ليرة وسجل كيلو السودة سعر 350 ليرة وكيلو الشاورما بـ850 ليرة، أما الأسبوع الفائت فكان يباع كيلو الفروج الحي بين 175-180 ليرة وكيلو الفروج المذبوح المنظف بين 240-250 ليرة وكيلو الشرحات بـ450 -500 ليرة وكيلو كستا مع دبوس بين 225-235 ليرة ووصل كيلو الوردة إلى240 -250 ليرة بينما كان يباع كيلو السودة 400 ليرة وكيلو الشاورما بـ950 ليرة، ومن الجدير بالذكر هنا أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد حددت في نشرتها الدورية الرابعة عشرة سعر الفروج الحي بـ160 ليرة مع تسعير الحد الأدنى للفروج المذبوح المنظف المقطوع الرأس بـ210 ليرات وحده الأعلى بـ215 ليرة، وعند سؤال باعة الفروج عن دور النشرة في تحقيق الاستقرار في أسعار السلع خاصة بعد لحظ انخفاض سعر الفروج بعد إصدارها قال أحد الباعة رفض ذكر اسمه أسعار الفروج وهوامش ربحها يحدده العرض والطلب وليس النشرة التأشيرية، التي لا يطلع عليها الباعة إطلاقاً خاصة أن أسعارها لا تنسجم مع واقع السوق الفعلي، لذا لا جدوى اقتصادية من إصدار نشرات كهذه في ضبط السوق والتحكم في أسعاره مهما طبل لها في وسائل الإعلام. من جهته بائع آخر أكد أن غلاء الفروج يضر المستهلك والبائع معاً، إذ يضعف ارتفاع أسعاره حركة البيع والشراء بشكل يؤثر على تخفيض أرباح البائع، فمثلاً عندما ارتفع سعر الفروج المذبوح الأسبوع الفائت إلى 250 ليرة قد تزيد أو تنقص قليلاً بين محل وآخر تقلص عدد الزبائن على نحو لافت، لذا مصلحة الباعة تقتضي تخفيض أسعار الفروج بغية دفع المستهلكين للإقبال على الشراء وتحريك عجلة السوق. حلقة واهية بين تذمر التجار الدائم من انخفاض ربح كان يبلغ في فترات سابقة معدلات عالية ترضي جيوبهم الممتلئة واكتفاء الحكومة بإجراءات تقليدية لا تتلاءم مع واقع الأزمة الراهنة يبقى المستهلك الحلقة الأضعف في معمعة ارتفاع الأسعار المستمرة، حيث قالت أم محمود (ربة منزل) كان يشكل الفروج الطبق الرئيس على موائد الطعام عندما كان يباع الكيلو بين100-110 ليرة كونه أصبح أقل تكلفة من الخضر، التي حلقت إلى مستويات كبيرة لا يتحملها محدودو الدخل، واليوم بعد انضمام اللحوم البيضاء إلى قائمة أكثر السلع غلاء كيف سيتدبر المستهلك أمره في ظل هذا الواقع المعيشي الخانق، الذي تتحمل مسؤوليته الجهات الرقابية العاجزة عن ضبط السوق بينما يمكنها معالجة فلتان الأسعار بالحد الأدنى عبر التهديد برفع العصا الغليظة بوجه المخالفين والمتلاعبين بلقمة عيش المواطن البسيط بدل تنظيم ضوابط استهلاكية لا طائل منها علماً أنها لا ترد أحياناً كثيرة في إلقاء اللوم على المستهلك نتيجة امتناعه عن تقديم الشكوى ضد تجار الأزمات في محاولة مكشوفة لتبرير فشلها الذريع في مراقبة الأسواق. حبة حبة أكدت إحدى المتسوقات أن ثقافة الشراء بالقطعة أو الحبة باتت تنتشر في أواسط الفئات الاجتماعية متوسطة الدخل والفقيرة بغية مواجهة الغلاء الحاصل في الأسواق المحلية، فمثلاً عند ارتفاع أسعار كيلو الفروج المذبوح إلى مابين 250-260 ليرة لجأت إلى هذا الأسلوب الشرائي الجديد بما يضمن حصول أولادها على وجبة غذائية مقبولة، والأمر ذاته ينطبق على الفواكه والخضر، وهو أمر مؤسف فرضته أزمة البلاد الراهنة وتداعياته السلبية على الحياة المعيشية للسوريين، الذين اعتادوا سابقاً شراء احتياجاتهم من السلع الأساسية بكميات كبيرة باعتبار أن الأسعار كانت تتناسب تقريباً مع الأجر الشهري. مناورة من جهته أشار أحد المتسوقين إلى وجود محاباة علنية بين مربي الدواجن والجهات المعنية، التي تتنافس لإطلاق التصريحات المتعاطفة مع تجار هذا القطاع المهم عند انخفاض أسعار إنتاجهم بينما الأجدى العمل على تأمين المستلزمات الضرورية لضمان استمرارية تقديم خدماته بما يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني وليس مصالح شخصية ضيقة، إذ بمقدورها تأمين الأعلاف والأدوية المطلوبة مع المساهمة في تأمين الطرقات عند نقل الفروج والبيض إلى المحافظات الأخرى بدل الانتظار ريثما تتفاقم المشكلة وتتحول إلى ذريعة لحالات الغلاء المتكررة لهاتين المادتين الأساسيتين على حساب المستهلك. اسطوانة حكومية لم تخرج تصريحات الجهات الحكومية عن سياقها المعتاد عند سؤالهم عن أسباب غلاء الفروج المفاجئ ومبرراته في هذه الظروف الصعبة، حيث أرجعه عدنان عثمان (مدير عام المؤسسة العامة للدواجن) إلى عوامل عديدة أهمها قلة العرض والطلب وارتفاع تكاليف الإنتاج كالصويا والذرة والمنتجات العلفية والأدوية وأجور النقل مقارنة في الفترة الماضية من العام الفائت بشكل أدى إلى عزوف العديد من المربين عن الخدمة، مبيناً أن وزارة الاقتصاد عقدت اجتماعاً مؤخراً بغية الوقوف على مطالب المربين وتسهيل عملهم وضمان استمرارية قطاع الدواجن في تقديم خدماته، وقد تقرر بموجبه اتخاذ قرار سيصدر قريباً حول السماح للمربين المرخصين استيراد الأعلاف من الدول المجاورة بناء على طلبهم، مشدداً من جهة ثانية على ضرورة أن تكون أسعار النشرة التأشيرية عادلة ومتوافقة مع أسعار السوق الرائجة مع الأخذ بعين الاعتبار التسعير وفق سعر التكلفة بهدف إجراء التعديلات المطلوبة على النشرة عند حصول تغير مفاجئ في سعر المادة كيلا يكون فارق السعر بين السوق والنشرة متضارباً بما يضعف ثقة المستهلك بحكومته حينما يجد أسعار السوق في وادٍ والنشرة في وادٍ آخر. بدوره (مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق) أكد أن مناطق تربية الدواجن تتركز في محافظات تشهد أوضاعاً أمنية ساخنة أثرت على حركة النقل علماً أن بعض المربين تأقلموا مع الصعوبات القائمة عبر التوجه إلى مناطق أكثر استقراراً بغية متابعة العمل في هذا القطاع المهم، الذي ارتفعت تكاليفه بشكل لافت، فمثلاً وصل سعر كيلو العلف إلى أكثر من 32 ليرة، ما يعني أن الأزمة فرضت ثقلها على قطاع الدواجن خاصة بعد تقلص عدد المربين نتيجة تعرضهم لخسائر متلاحقة. | |
|