فاطمة والحياة
في حديثها لبقة , في رؤيتها دقيقة , في وجهها إشراقة . في معاملتها حذقة
تلكم شمائل أربع لبنت الرابع والعشرين,وكأني بها ذات النطاقين , وليس ذلك ببعيد
للعفة قد ملكت خطامها, لولا بعض من جيرانها الذين أساؤا لها , لا لكونها مع تيار انجرفت , ولا لبريق غرب هفت, بل لأن ما بداخلها حصنا منيعا مكتنز بالشمائل والفضائل مما غرسه فيه والدها ووالدتها .
حفظت القرآن الكريم وحفظته لكثير من بنات الحي
تخلقت بخلق السلف الصالح فنثرت عبقه وأريجه على أترابها
صدقت وتصدقت وكلمة الحق بها شفتاها نطقت
أبت نفسها اللوامة أن تجرها الا لما فيه رضا رب العالمين
ناءت بعظمة القانتات عن سفاسف اليوم والليلة
حمت الفضيلة وبها احتمت , وحامت كالصقر تذود وتنافح
أتتها الدنيا مختالة فرمتها وراء ظهرها غير آسفة
حولها المرتجفة قلوبهم تحلقوا , ومنها دنا مرضى القلوب وتملقوا, ولها ذوو الثروة والثراء تسابقوا.
لكنها بعروة ربها تمسكت وأمرها إليه فوضت.
عضتها الحياة فثبتت, لسعتها العقارب من بني البشر فتمنعت , خدشتها المقامع من ألسنة البشر فصبرت , كبلتها المسترجلات الكاسيات العاريات فترفعت
حتى آتاها اليقين قبل الثاني والأربعين.يرحمك الله يا فاطمة ... يا من كنت لله عابدة صائمة , وبشر ما خلق حالمة .
ابراهيم تايحي