الأخ اللدود والجار الودود
صيفا نرتدي الثقيل من الثياب واللباس , ولا نخلعه من على أجسادنا الا بحلول الشتاء , حيث نلجأ مبكرا للنوم والنعاس .
وما بين الصيف والشتاء أخوان متنافران ملأ الحقد قلب أحدهما ونبتت فيه قوية جذور الضغينة صدقت هذا الذي كنت أحسبه أعلى مرتبة بين الناس أخي ابن أمي وأبي , وهجرت من أجله كل قريب .. صونا للعهد وصيانة للود.
ولما قرب تاريخ وأدي بعد ما ذهب عني مالي وصفرت يدي تبرأ مني , تنكر لوجودي
هدم ما بنت أمي , أخذ إرث جدي , فأمسيت خيمة في مهب الرياح بلا وتد ..لاسند.. لا عضد... لا ولد... , وراح في عنجهيته مترنحا , ثملا بكأس عصير طلع النخل , يغدق الأموال , ويجمع حوله أشباه الرجال , ركب غباء ظهور من شاخ من الجمال .....
كنت بجانب أمي .. أرى بعين قلبي , وأبصر بفؤادها .. ها هي تذرف دموع الحسرة والأسى على فلذة كبدها ألذي قسا وجحد أمومتها ....
تبكي آلامها .. شهيقا وزفيرا تلعق أناتها ... تبتلع على مضض وبغصة علقمها ....
تبكي المسكينة ولم أر لها دمعا ..تئن ولم أحس لها وجعا ... تكبت حنانا ما بداخلها
تخبئه ليوم تعتقده آمالها ....
العقوق صدمها ودق مساميره التي علاها الصدأ في السويداء منها وفي بدنها الهزيل والعمر الرذيل ... تناديه في يقظتها ونومها وتدعو له بالهداية , لكن أنى لقلب طبع وجبل على العصيان وشب حبا وفتونا للغواية أن يجري فيه دم الندم ويصيح صوت صلة الرحم لبيك أماه ...رضاك أماه... طاعة عدت إليك بغد غرور وتقصير ورعاية...
وطارق على الباب دق دفته , فهفا قلبها ظنا لتلتحفه , وكان الزائر جارنا الذي كنت أعده عدوا لدودا
حاملا بين يديه هدية على صفيحة نسجت من أوراق شجرة الكروم ... لك يا أمي الحاجة هذا
من بستاني أحضرته , ومن على الأشجار قطفته هو لك حبا وعنبا وأبا ..تفضلي
الا تعتبرينني ابنا ؟.....
أنت أخي لم تلدك آمي , أما ذاك الذي ارتمى في أحضان الغواية وصاحب ذوي الرذائل والوشاية فليس له من اليوم بيننا ذكر وليس لي به علاقة ودراية ..
صاحت العجوز وحشرجة تكبل نبراتها : لا يا أولادي اعدوا معي له بالهداية .
ابراهيم تايحي