رمـــاد الحـــب
...حتى وإن خدعني قلبي , واستغفلني شعوري وسحرتني عيناي, وأخطأ لساني
حتى وإن غرت بي تجاربي......
لا أرضخ ولا استسلم , لأن الذي زرع قد نما واستغلظ واشتد سوقه قبل الزرع.
قال لي كبدي ذلك وأنا مصدقه لأني لم أجرب عليه كذبا ولا قسوة...
عيبه أنه دامع باك.... اتخذ الأنين سلوكا, والوفاء منهجا , والبسمة نبراسا, ليبدو أمام الناس , وما حوت عقولهم , وما رأت أعينهم , وما تلوك ألسنتهم ....
يبدو أمامهم جبلا ثابتا , لاتعصره الأحداث , ولا تخدشه الرياح , ولا تهزه السفا سف من الأقوال , جبل هو , صامد بإذن الله إلى حين......
كبدي هذا الذي جرح مرتين , وطعن المرات...
كبدي هذا الذي نهشه القريب والغريب من القاصي والداني... المعرفة والنكرة...المبني للمعلوم وللمجهول .. الفاعل والمفعول به ولأجله وفيه ......
كبدي هذا الذي كان ولا زال نعتا وصفة وعطفا .... أفعاله وأقواله.....
عزيزة علي حروف الهجاء , ومن أعز هذه الحروف حرفان مماثلان مساويان ستة واثنان
عليهما عاش وبهما يتقوى ويرنو لسقف زانته وتزينه نجوم وكواكب لا يعلم حقيقتهم الا الله ثم هو.
تراه في حركة لولبية لا يهدأ , ولا يسهى الا قليلا , رغم الرماد الذي كسا مظهره , والنبال التي غرست في سويدائه , والدم الذي جرى ولا زال يسقي أفئدة الآخرين ....
هؤلاء الآخرون لم يعيروه حتى نظرة عطف ولا كلمة .
هجروه بعد ألفة , وأنكروا عليه السبيل , ناهيك عن الجفا الذي قدموه إليه كطعام إفطار بعد
صوم ربع السنة أو زد عليه قليلا.
وأنبأني بأنه كل وتعب بل شاخ وهرم.... حتى تسبيحا ته لم يعد يحسن لها عدا, وأن عينيه
أمست لا تفرقا بين أصابع يده مما أصابهما من رماد .... رماد الحب...
رماد تجسد وامتلك الحب الذي كان بالأمس القريب جوهرة كريستال تشع وتلمع بين راحتيه
ها هي اليوم تفر تاركة جسدا عفوا بل جثة تحيط بها غرابيب سود ذات مناقير من شواظ من نحاس , ومن أعينها الشرر الأحمر يتطاير, متربصة به كل حين , ولم تكتفي بذلك بل راحت تسفه أقواله لدي صبية الحي والمخنثين من صبايا المتقولين ... راحت تنكر أعماله عند الباعة
من رواد سوق النخاسة ..... راحت للنصب والإيقاع به فاعلة .....وإلى الدس به قائلة ومدللة
لئلا يبقى له بين ظهران المجتمع الذي ألفه اسم ولا رسم.
ابراهيم تايحي