رُقيّ الإسلام وتخلف المسلمين
بقلم: جعفر عبد الله الوردي *
ليس العنوان تجنيًا أو رجمًا بالغيب...
هي حقيقةٌ تجرح الفؤاد، وتُضني في وصفها المداد، ولكن لا بد من وضع اليد على الجراح، عسى أن يكون بهذا المقال فهم وانفتاح..
رقيّ الإسلام، ليس من نظرة انحيازيةٍ ولا تطرفيَّة، بل من نظرةِ إنصافٍ، عندما تقرأ عن رقيّ الإسلام في كل شيء،
وعن رقي نبي الإسلام وعظمة سيرته تنتابك حالتان، الأولى أنك تُذهل أمام هذا الرقي وهذه العظمة في شتى المجالات،
سواء منها الاجتماعية أو العسكرية أو الأخلاقية أو غيرها، والحالة الثانية يصيبك الأسف والضجر على واقع المسلمين المتخلف والمتآكل.
عندما نرى أن الناس تناقلوا في أوساط مجتمعاتنا عباراتٍ تهيننا سوف تعجب،
وعندما ترى أن الإنسان يسب نفسه بنفسه سوف تعجب أشد العجب أيضاً.
عندما يفعل أحدهم فعلاً مشيناً يقولون له: لا تكن عربياً!
وعندما يتأخر آخر عن موعد يقولون له:
لا تكن مواعيدك عربية!
وهكذا في شتى أمور حياتنا، لماذا هكذا؟
أحقيقة أن الشَّين والعور منوط بالعرب؟
أحقيقة أن التخلف ونقض المواعيد موصوف به العرب؟
نحن إذا أردنا أن نصف تاريخ العرب وحضارتهم سوف نجد العجب العجاب من الرقي والتقدم،
عندما نقرأ سيرة النبي العربي نجد الشيء الذي يفوق الخيال.
إذًا نحن أصل المشكلة.
عندما تقرأ في سيرة النبي العربي سوف تجد من رقيه وعلو أخلاقه ما لن تجده عند أي شخصية راقية أبدًا – وهذه حقيقة وليس انحياز-.
تقرأ في سيرته أنه كان إذا مشى على القش لا يصدر له صوتاً! من رقيه وعظيم أدبه وهدوئه.
فلماذا نحن همجيون إذاً؟!
تقرأ في سيرته أنه إذا مشى لا يلتفت، وأنه إذا تكلم مع أحد يُقْبِل عليه بجميع جسمه، وأنه لا يوبخ، ولا يسب ولا يشتم ولم يكن فاحشاً ولا بذيئاً.
فلماذا نحن همجيون إذاً؟!
تقرأ في سيرته أنه لم يخلف بموعد قط، وأنه يعامل غيره بأرقى أساليب الأدب والاحترام.
إذا ممن المشكلة؟
ليس المشكلة في الإسلام، وليست المشكلة في حضارتنا، وليست المشكلة في أجدادنا.
المشكلة نحن، وليس أحد غيرنا.
حريٌّ بنا أن نتعلم الرقي من ديننا الذي ننتسب إليه، حريٌّ بنا أن نتعلم الأدب من حضارتنا التي ننتمي إليها، حريٌّ بنا أن نتعلم الحضارة والتقدم من تاريخنا الذي نشأنا منه.
عندها نكون مضرب المثل في الأمور العلية، ونتعلم من أنفسنا دروسا تؤهلنا إلى أن نسود العالم بأسره.
هي كلمات تضع اليد على الجراح، علها تجد جرحاً فتوقف نزيفه...