كونشرتو البيانو ..
كل شيء ممكن
في ذلك الليل الذي يثقبهُ صوتُ المطرْ
كلُّ شيءٍ ممكنٌ ..
حينَ يكون المرءُ بالكونياكِ مغسولاً
وبالأحزان مغسولاً
وبالمجهول مسكوناً
وحين المرءُ لا يرضى بأن يبقى حجرْ ..
فلماذا ؟
تستشيرينَ الفناجينَ ، لماذا ؟
تطرحينَ الأسئلهْ ..
ولماذا ؟
جئتِ صوبَ البحر ،
إن كنتِ تخافينَ السفرْ ..
٢
كلُّ شيءٍ ممكنٌ ..
ما بينَ تشرينَ ، وتشرينَ ،
وما يحدثُ في داخل نهديكِ طبيعيٌّ
كهذا السُكر الدافق من قلب الثمرْ ..
فاتركي أمركِ للهِ .. ونامي
إن نهديكِ يجيئان إلى الدنيا قضاءً وقدرْ ..
ويموتان قضاءً وقدرْ ..
٣
سوفَ يأتي الحبُّ في موعده ..
فالبسي قُفْطانكِ المصريَّ ..
لا أدري لماذا ..
أذكرُ الآنَ حقولَ القطن في الدلتا ..
وشمسَ القاهرهْ ..
فاجلسي حيثُ تحبينَ ..
فكونشرتو البيانو
سوفَ يُلغي الوقتَ ..
يلغيكِ ..
ويلغيني
ويلغي العُقدَ الأولى التي نحملها منذ الولادهْ
سيجيءُ الحبُّ في موعدهِ ..
ويجيءُ الجنسُ في موعدهِ ..
إن كونشرتو البيانو
يمسحُ الأشياءَ بالكافور والزيتِ ،
يذيبُ الثلجَ عن وجه البحيراتِ ..
ويأتي بالفراشاتِ الغريباتِ ،
ويأتي بالحقولْ ..
فاتركي الأمرَ طبيعياً .. وسهلاً ..
إن كونشرتو البيانو
يتولى هو إيجادَ الحلولْ ..
سيجيءُ الحبُّ في موعده ..
والبيانو ..
سينادينا إلى غرفته المائيةِ الشكل ،
ولا أعلمُ ما سوفَ يقولْ ..
٤
كلُّ شيءٍ ممكنٌ ..
في ذلك الليل الذي يثقبه صوتُ المطرْ
إن تشايكوفسكي ..
يمر الآن كالعصفور من ساحاتِ بطرسبرغ ،
يأتي من ممرات جبال الألبِ ،
ينساب كحُلم أخضر من حيّ مونبارناسَ ،
تشايكوفسكي ..
يمرُّ الورقَ الأصفرَ من غابات أوروبا ..
يُصلي في أياصوفيا ..
ويبكي في رحاب النجفِ الأشرفِ ،
ما بين المرايا .. والقبابِ الذهبيهْ ..
٥
كلُّ شيءٍ ممكنٌ ..
في ذلك الليل الذي يثقبهُ صوتُ المطرْ ..
فالبسي قُفْطانكِ الكرديَّ ..
لا أدري لماذا ..
أذكرُ الموصلَ أيام الربيعْ
وحقولَ القضيبِ المائيَّ في الأهوار ،
لا أدري لماذا ..
تحضر الآن إلى بالي بساتينُ الرصافهْ
و ( الشناشيلُ ) التي تملأ شط الأعظميهْ
والكتاباتُ التي يكتبها اللهُ .. بوردٍ وذهبْ ..
عند لحظاتِ الغروبْ ..
فوق شَعْر النخل في شط العربْ ..
٦
يا صباحَ الفُلِّ .. هل أنتِ بخير ؟
إنَّ كونشرتو البيانو
أشعلّ النارَ لنا .. ثم ذهبْ..
اليامـــي