للكاتب وليم شيكسبير
في مدينة "فيرونا" بإيطاليا، كانت تعيش أسرتان ثريتان هما: أسرة "مونتاجيو" التي ينتمي إليها "روميو"، وأسرة "كابوليت" التي ينتمي إليها "جولييت"..
وكان بين هاتين العائلتين عداء كبير، وصل إلى حد إراقة الدماء .. وكم شهدت شوارع المدينة من أنواع الشجار والمشاحنات والمعارك التي كانت تنشب باستمرار بين أعضاء العائلتين، بل وبين الخدم الذين كانوا يعملون لدى كل عائلة منهما ..
وفي إحدى الليلي، أقام اللورد عميد عائلة "كابوليت" حفلة صاخبة في قصره، حضرتها مجموعة كبيرة من النبلاء وعلية القوم، وأجمل الفتيات والسيدات .. وكان "روميو" يحب فتاة تسمى "روزالين" .. ولكنه كان حباً من طرف واحد .. إذ كانت الفتاة لا تهتم كثيراً بروميو ولم تبادله حباً بحب .. وكثراً ما حاول صديقٌ مقرّب لروميو اسمه "بنفولو" أن يثنيه عن هذا الغرام بدعوى أن هناك فتيات أجمل من "روزالين" بكثير يتمنين شخصاً نبيلاً مثل روميو ويخلصن إليه .. ولكن روميو - بعد أن عرف أن "روزالين" مدعوة في تلك الحفلة - قرّر أن يذهب ليراها .. ولكن كيف يتم ذلك والحفلة مقامة في قصر اللورد "كابوليت" العدو الأكبر لعائلة "مونتاجيو"؟!
وبعد تفكير اقترح "بنفوليو" أن يذهبا إلى تلك الحفلة متنكرين .. واصطحبا معهما صديقاً ثالثاً هو "ميركاتيو" .. وذهب الجميع وعلى وجوههم أقنعة تخفي شخصياتهم الحقيقية .. وكان "بنفوليو" يأمل في أن يجد "روميو" فتاة جميلة تنسيه غرامه الفاشل "بروزالين".
واستقبلهم اللورد "كابوليت" مرحباً بهم معتقداً أنهم سادة نبلاء من منطقة مجاورة .. ودخل الأصدقاء الثلاثة إلى قاعة الحفلة الحافلة بأجمل الفتيات اللاتي كن يشتركن في الرقص مع من يدعوهن إليه من الشباب.
وتمتع "روميو" كثيراً برؤية كل هذا العدد من الفتيات الجميلات .. ولكن فجأة ازداد خفقان قلبه حتى كاد يحس أن سيقفز من صدره .. وتلاحقت أنفاسه من شدة ما اعتراه من انبهار وإعجاب ..!
لقد شاهد "روميو" فتاة آية في الجمال .. فانطلق لسانه بلا وعي يمدح هذا الجمال الأخاذ بأجمل وأعذب الكلمات: إن نور جمالها أقوى من ضوء المصابيح في ظلام الليل .. إنها تبدو كالجوهرة الثمينة تتلألأ بالنور .. إن مثل هذا الجمال لم يوجد بعد على الأرض .. إنها تبدو كطائر جميل له ريش ناصع البياض يقف بين غربان وطيور سوداء ..!
وبينما كان "روميو" ينطق هذه الكلمات التي تعبر عمّا يجول بقلبه من انبهار وانفعال صادق .. سمعه "تايبالت" - ابن خال جولييت - وكان يعرف صوته وأدرك على الفور أنه "روميو" إبن عائلة "مونتاجيو" .. عائلة الأعداء .. فكيف يجسر على الحضور إلى هذا الحفل بكل هذه الجسارة .. لا بد أن يقتل عقاباً له على تلك الخسارة ..!.
وذهب "تايبالت" أولاً ليخبر اللورد "كابوليت" بتلك الفعلة الشنيعة التي ارتكبها "روميو" ابن عائلة مونتاجيو .. وأنه ذاهب لكي يقتله .. ولكن اللورد منعه من ذلك احتراماً للضيوف الموجودين بالحفل .. وقال اللورد إن "روميو" يتصرف كالسادة المهذبين.
وعندئذ اضطر "تايبالت" أن يلوذ بالصبر، ولكنه أصرَّ في نفسه على أن "روميو" شيطان، ولا بد أن يعاقب على جسارته بحضور الحفل في بيت الأعداء دون أن يدعوه أحد.
في تلك الأثناء كان "روميو" قد تقدم إلى الحسناء التي بهره جمالها وأخذ يبثها هواه .. ويثني على جمالها الملائكي الساحر الفتان .. وبالرغم من أن "روميو" كان ما زال يغطي وجهه بالقناع الذي يخفي شخصيته وشكله، إلا أن "جولييت" انبهرت بتلك الكلمات الرقيقة العذبة التي أحست فيها الصدق .. وبدأ قبلها يدق وينبض في صدرها بلحن الوقوع في الحب !!
وبادلته الحديث الرقيق بحديث أرق .. وتاه الاثنان وهما يحلقان في سماء الحب الصافية .. وأفاقت ""جولييت" إلى من يدعوها لمقابلة أمها، فاستأذنت من "روميو" لتلبي دعوة أمها .. وما هي إلا لحظات قصار حتى أدرك "روميو" أن تلك الفتاة الرائعة الجمال هي "جولييت" إبنة "كابوليت" العدو الأكبر لأسرته .. وأدركت "جولييت" أيضاً أن ذلك الفتى المهذب صاحب الحديث العذب هو إبن "مونتاجيو" العدو الأكبر لأسرتها !!!
يالتصاريف القدر .. الفتى والفتاة من عائلتين تكره كل منهما الأخرى .. ولكن الحب انتصر على الكراهية .. وربط قلبي الفتى والفتاة برباط لا ينفصم .. وأحس كل منهما نحو الآخر بكل العواطف الصادقة النبيلة.
انتهت الحفلة وانصرف المدعوون .. وانصرف "روميو" وصديقاه .. ولكن هذين الصديقين تبينا فجأة أن "روميو" قد اختفى من بينهما وانطلق وحده في ظلام الليل، كأن شيئاً غامضاً يجذبه إلى البيت التي تسكن فيه الحبيبة التي سكنت قبله وملأته حباً وهياماً.
تناسا "روميو" كل خطر، ودفعته جرأة الحب إلى أن يقترب من بيت الحبيبة أكثر وأكثر .. وأن يتسلق سور الحديقة .. ويختفي في الظلام وراء الأشجار .. ويشخص بعينيه إلى شرفة حجرة "جولييت" .. آملاً أن يراها مرة أخرى ولو في لحظة عابرة.
وفجأة، ظهرت "جولييت" وأطلّت من شرفتها .. وأحس "روميو" أنها تشع نوراً كنور الشمس المشرقة .. بل غطى نورها على ضوء القمر وجعله خافتاً هزيلاً لا يكاد يبين ..
وقفت "جولييت" في الشرفة وكأنها تحلق بأحلامها في عالم آخر .. كانت تبدو في غاية السعادة التي تغمر ملامح وجهها وكل حركاتها وسكناتها .. تنهدت وتنهدت .. وملأت صدرها بنسيم الليل، وصاحت صيحة فرحة كأنها صادرة من أعماقها: يا فرحتي .. يا فرحتي!!
وانطلق لسانها بكلمات تبدو كما لو كانت حديثاً موجهاً إلى الكون، تعلن فيه فرحتها بالعثور على الحبيب الذي ملك قلبها، وتنطق اسم "روميو" مرات ومرات.
ولكن لحن الفرح الذي كان يتلون في كلماتها كأنغام الموسيقى، بدأ يتحول إلى لحن حزين مملوء بالأسى .. تساءلت لماذا يكون أول حبيب خفق له قلبها من أسرة "مونتاجيو" بالذات؟ .. ولماذا تنتسب هي إلى أسرة "كابوليت" .. والأسرتان تعادي كل منهما الأخرى وتكن لها كل أسباب الكراهية والبغضاء ..؟
كاد "روميو" يطير من الفرح بعد أن سمع هذا الكلام الجميل .. وأدرك أن الحبيبة التي تربعت على عرش قلبه، قد فتحت له قلبها وأسكنته فيه .. فنادى عليها بصوت حنون ..!
وفوجئت "جولييت" بهذا النداء، فاعتراها الخوف لحظة .. ولكنها أدركت أنها سمعت صوت حبيبها "روميو" .. سمعته بقلبها قبل أن تسمعه بأذنيها .. وفوجئت أكثر حينما رأت "روميو" من مخبئه وراء أشجار الحديقة .. وتصورت أنها تعيش في عالم الأحلام والخيال، ولا تعيش في واقع ملموس ومحسوس ..
ودارت أحاديث الهوى بين العاشق الواقف في الحديقة، والعاشقة التي تطل عليه من شرفتها .. وفي ضوء القمر تعاهد الحبيبان على أن يكون كل منهما للآخر، بالرغم من كل صعاب الدنيا.
وقبل أن ينبلج نور الصباح ويحين وقت الفراق، كان الحبيبان قد اتفقا على أن يتوجا حبهما الشريف بالزواج، ووعدته "جولييت" بأنها ستوفد إليه رسولاً لتحديد الموعد الذي يتم فيه الزواج بعد أن ترتب أمورها.
وافترق الحبيبان على أمل اللقاء ..!
ومع تباشير الصباح اتجه "روميو" نحو الدير لمقابلة الراهب "لورانس" .. وحكى له "روميو" قصة هذا الحب الشريف الذي ربط قلبه بقلب "جولييت" ابنة اللورد "كابوليت" .. وطلب من الراهب أن يساعدهما على تتويج هذا الحب بالزواج.
وبارك الراهب هذه العلاقة الشريفة، وأبدى استعداده للقيام بعقد الزواج بين الحبيبين، آملاً أن يكون في هذا الزواج نهاية سعيدة لسنوات طويلة من العداء المستحكم بين عائلتي "كابوليت" و "مونتاجيو".
وأوفت "جولييت" بوعدها .. وأرسلت رسولاً إلى "روميو" ومعه رسالة تحدد فيها استعدادها للمجيء إليه لإجراء مراسم الزواج .. وأرسل "روميو" مع نفس الرسول رداً يطلب فيه من "جولييت" أن تحضر إليه فوراً في صومعة الراهب "لورانس" بالدير، وأن الراهب قد وافق على أن يكون عقد الزواج بينهما على يديه ..
وعندما وصلت "جولييت" إلى صومعة الراهب قام الراهب على الفور بعقد الزواج بين الحبيبين .. وتوسل إلى السماء أن تمنح هذا الحب الشريف بركاتها، وأن تجعل من هذا الزواج الذي تم بين ابن عائلة "مونتاجيو" وبنت عائلة "كابوليت" سبباً في أن يحل الحب والوئام محل الكراهية والخصام .. وأن تزول العداوة ويسود السلام ..
ولكن الأمور تطورت بسرعة ذلك الصباح .. ووقعت أحداث جسام غيرت كل تدبير .. كان "روميو" يسير مع صديقه "بنفوليو" و "ميركاتيو" حين تقابلوا مع مجموعة من الشبان من عائلة "كابوليت" وكان بينهم الشاب "تايبالت" الذي يضمر الشر ويريد الانتقام من "روميو" .. ووده "تايبالت" بعض الإهانات إلى "روميو" فانبرى له "ميكاتو" وتبارز الاثنان مبارزة انتهت بمقتل "ميركاتيو".
وواصل "تايبالت" إهاناته لـ "روميو" .. ثم اشترك الإثنان في مبارزة أخرى انتهت بمقتل "تايبالت" .. وانتشرت هذه الأخبار في المدينة .. وحضر "كابوليت" وزوجته .. و "مونتاجيو" وزوجته .. كما حضر الأمير حاكم المدينة.
وبعد التحقيق أصدر الأمير حكمه بنفي "روميو" إلى خارج مدينة "فيرونا" .. وأن عليه مغادرة المدينة قبل صباح اليوم التالي، وإلا فسوف يكون جزاؤه الموت !!
حزنت "جولييت" عندما سمعت هذا الخبر حزناً شديداً .. ومع ذلك فقد لاح لها بصيص ضئيل من الأمل لأن زوجها الحبيب قد خرج من المعركة حياً .. أما "روميو" فقد انهار وأوشك أن يجن لأن هذا الحكم سيفرق بينه وبين زوجته حبيبة الفؤاد ..
وذهب "روميو" إلى الدير ليستشير الراهب "لورانس" في هذا الأمر، ونصحه الراهب بأن يرضى بحكم القدر، وأن يذهب لوداع حبيبته هذا المساء، وأن يغادر مدينة "فيرونا" إلى مدينة "مانتوا" قبل أن يحل الصباح.. ووعده الراهب بأنه سيبذل كل ما في وسعه لإصلاح ذات البين بين العائلتين المتخاصمتين .. وسيجد الوقت المناسب لإعلان الزواج المقدس الذي تم بين ابن عائلة "مونتاجيو" وابنة عائلة "كابوليت" .. وإنه واثق أن إعلان هذا الزواج سينهي كل المشاكل، وسيجعل الأمير يصدر عفواً عنه، وسيعود إلى "فيرونا" ليعيش بين أسرته ومع زوجته الحبيبة ..
وبالفعل، عندما حل الليل وانسدلت أستار الظلام، تسلل "روميو" إلى بيت "جولييت" .. وتسلق سور الحديقة .. ومن الحديقة تسلق على حبل حتى وصل إلى شرفة "جولييت" ودخل حجرتها .. واستمتع الحبيبان بليلة اختلطت فيها كل عواطف السعادة والفرح، مع كل أحاسيس اليأس والأسى .. فقد كتب عليهما الفراق .. ومن يدري بما تخبئه لهما الأقدار ؟!
وقبل أن يشرق نور الصباح .. خرج "روميو وجولييت" إلى الشرفة .. وهبط "روميو" إلى الحديقة باستعمال الحبل المسدول .. وودع حبيبته وقلبه يكاد ينفطر من شدة الحزن .. أما جولييت فقد أحست بالموت أهون عليها من هذا الفراق!
ثم توالت المصائب والخطوات الجسام. فقد وافق "كابوليت" والد "جولييت" على تزويجها لشاب ثري من البنلاء يسمى "باريس" .. وأصر على أن يتم هذا الزواج يوم الخميس القادم .. ووقع هذا الخبر على "جولييت" كالصاعقة .. كيف تتزوج وهي متزوجة بالفعل؟! .. وكيف الخروج من هذا المأزق وتلك المصيبة الكبرى ..؟!
ولجأت "جولييت" إلى الراهب "لورانس" لعله يجد لها مخرجاً .. وبعد تفكير طويل اتفق معها الراهب على أن تتناول دواءً معيناً سيعطيه لها .. على أن تشرب هذا الدواء يوم الأربعاء ليلاً . وهذا الدواء سيجعلها تغيب عن الوعي وتبدو كما لو كانت ميتة .. سيعتقد الجميع أنها ماتت .. وسيدفنونها في مقبرة الأسرة .. وسوف يرسل الراهب رسولاً سريعاً إلى "روميو" ليحضر سراً إلى "فيرونا" ليأخذها من المقبرة بعد أن تفيق من غيبوبتها المؤقتة.
ثم يهربا معاً ليعيشا سوياً في منفاه بمدينة "مانتوا" .. كانت هذه الخطة هي الوسيلة الوحيدة للخروج من هذا المأزق .. وسارت الأمور طبقاً لما تم الاتفاق عليه بين "جولييت" والراهب .. ولكن هذه الأمور كانت تسير عند "روميو" على نحو آخر مخالف تماماً ..
لم يصل إليه الرسول الذي أوفده الراهب ليخبره بتفاصيل الخطة .. بل وصلت إليه الأخبار التي شاعت في مدينة "فيرونا" كلها: إن "جولييت" قد ماتت .. وشيعت جنازتها .. ودفنت بمقبرة أسرتها ..!
وعندما استمع "روميو" إلى تلك الأخبار، جن جنونه .. واشترى سماً قوياً يقضي فوراً على أقوى الرِّجال .. وقرَّر الانتحار بأن يموت بجانب حبيبته بعد أن يلقي عليها النظرة الأخيرة .. وإذا كانت الحياة لم تستطع أن تجمعهما، فليجمعهما الموت إلى الأبد ..
وامتطى "روميو" حصانه، وانطلق بأقصى سرعة عائداً إلى "فيرونا" .. إلى القبر الذي دفنت فيه "جولييت" ليموت بجانبها ..
وصل "روميو" إلى المقبرة في منتصف الليل .. وكان قد أحضر معه فانوساً وأدوات لكسر باب المقبرة .. وما أن شرع في الدخول حتى فوجئ بصوت من الخارج يناديه باسمه .. وفوجئ "روميو" بأن المنادي عليه هو "باريس" الذي كان سيتم زواجه "بجولييت" في نفس اليوم .. وكان قد جاء لينثر الزهور فوق قبرها، وليصلي لروحها لكي ترتاح وتهدأ في عالم الأموات ..
ونشب عراك بين الشابين انتهى بمقتل "باريس" .. فنقل "روميو" جثته إلى داخل المقبرة التي ترقد فيها "جولييت".
وعلى ضوء الفانوس .. شاهد "روميو" زوجته وحبيبة قلبه "جولييت" راقدة في سباتها العميق .. وكان وجهها يشع جمالاً ونضارة .. وبكى "روميو" كثيراً وانتحب .. ثم قبل زوجته القبلة الأخيرة .. ورفع زجاجة السم القاتل وشربها عن آخرها .. وخر صريعاً جوار مرقد "جولييت"..!!
كان الراهب "لورانس" قد أدرك أن رسائله التي بعث بها إلى "روميو" لم تصل إليه .. ورأى أن يذهب بنفسه بها إلى المقبرة التي دفنت فيها "جولييت" .. لأن مفعول الدواء الذي أعطاه لها قد أوشك على الانتهاء، وسوف تفيق من غيبوبتها بعد لحظات .. ولا بد من إخراجها من المقبرة ..
وعندما وصل الراهب .. فوجئ بوجود جثتي "روميو" و "باريس" .. وكانت "جولييت" قد أوشكت على الإفاقة والعودة إلى وعيها .. وعندما أفاقت فعلاً، وجدت الراهب أمامها فسألته عن "روميو" .. وأخبرها الراهب بكل شيء .. وأن الخطة قد باءت بالفشل .. وأن عليها أن تخرج من هذه المقبرة فوراً لأنه يسمع ضجة ناس قادمين نحو المقبرة .. وعندما اقتربت تلك الأصوات هرب الراهب وترك "جولييت" وحدها ..
وشاهدت "جولييت" زجاجة السم القاتل في يد حبيبها "روميو" .. وقررت أن تموت هي الأخرى راقدة إلى جواره .. ورفعت الزجاجة إلى شفتيها لعلها تجد فيها قطرات باقية .. وأخذت تقبله في فمه لعلها تمتص بقايا سم عالقة ..
في تلك اللحظات كانت أصوات القادمين قد اقتربت أكثر وأكثر .. وأصبحت قريبة جداً من مدخل المقبرة .. وعندئذ أخذت "جولييت" الخنجر الذي كان معلقاً بحزام "روميو" وأغمدته في صدرها .. وخرت صريعة جوار حبيبها !
كان الخبر قد انتشر .. وجاء كثيرون ليشهدوا تلك المأساة الموجعة .. جاء الأمير حاكم "فيرونا" .. وجاءت عائلة "كابوليت" وعائلة "مونتاجيو" .. وعاد الراهب "لورانس" ليشرح للجميع جوانب المأساة وأسرارها .. وأعلن على الجميع أن "روميو وجولييت" زوجان أمام الله .. وكان يربطهما رباط مقدس .. وأنه كان يأمل أن يكون زواج هذين الحبيبين سبباً في إنهاء العداوة بين العائلتين المتخاصمتين.
وأما الحزن العميق الذي حل بهاتين العائلتين .. واحتراماً وتقديراً للحب الذي ربط بين "روميو وجولييت" فقد تعاهد كل من "كابوليت" و "مونتاجيو" على الصلح والسلام، وإزالة الكراهية والبغضاء من القلوب والنفوس ..
وقررت عائلة "جولييت" أن تقيم تمثالاً "لروميو" .. كما قررت عائلة "روميو" أن تقيم تمثالاً
"لجولييت" .. وكان التمثالان من الذهب الخالص
محمود66