في تجربة فريدة من نوعها، استطاع مسلسل "كريمة" أن يغير مفاهيم الدراما المحلية والخليجية، وأثبت أن العمل الجيد يلزمه عنصر التحدي والجرأة ليثبت نفسه، وليجد مكانًا وسط زحام درامي يزداد عامًا بعد عام.
وجسَّد مسلسل "كريمة" نوعًا من المزج الحضاري والفكري بين نوعين من الدراما لم يكن معهودًا من قبل مزجهما، خصوصًا المذاق الخليجي والمغربي، فاعتاد الكثيرون المزج بين المصري والخليجي، والسورى والخليجي، لكن اللون المغربي مثَّل مفاجأة للكثيرين الذين تابعوا أصداء المسلسل قبل عرضه.
ولم تتطرق الدراما الخليجية من قبل لطرح فكرة التزاوج بين الثقافة الخليجية والمغربية، ولعل رواية الدكتور مانع سعيد العتيبة الذي حاول من خلالها أن يخط جسرًا بين ثقافتين حالت بينهما المسافات واللهجات التي إنخدع فيها المشاهد الخليجي لفترة طويلة، ظنَّا منه أن اللهجة المغربية ما هي إلا طلاسم بحاجة إلى فك شفرة، ليأتي المخرج إياد الخروز ويحوِّل تلك الرواية إلى عمل درامي، حطم كل المعتقدات السائدة عن اللهجة المغربية من حيث صعوبتها، وأسس لفكر مختلف عن الثقافة المغربية التي اقتصرت معرفة الكثيرين بها عن طريق الأرشيف التاريخي.
وصرحت الفنانة، ميساء مغربي، بطلة المسلسل بأن "كريمة" يعتبر نافذة الخليج على المغرب في سابقة من نوعها، وأكدت أن التجربة كانت متميزة ومثمرة وانتجت علاقات فنية بين المغرب والخليج، استطاعت أن تُظهر صورة المغرب بشكل مختلف عمَّا أظهره الإعلام فيما سبق من أن البلاد تعمها فساد الأخلاق والإنحلال، وأكدت بأنها انتظرت هذا المشروع الفني منذ سنوات.
وأضافت: "مسلسل "كريمة" أحدث حالة ترابط اجتماعي وإنساني وفني بين الخليج وبلدي الأصلي المغرب، وأعتقد أن هذا الأمر هو وظيفة الفن، بل يمكنني القول أن الفن وجد لهذا السبب".
وكانت "كريمة" بمثابة سفيرة المغرب بكل تقاليدها وعاداتها ومناظرها الطبيعية في دول الخليج، لتثبت أن ذلك الإرتباط بين الحضارات يصب دائمًا في مصلحة المشاهد الذي بدأ يمل من التكرار.
وكانت الأصداء عالية لمسلسل "كريمة" وحقق نجاحًا كبيرًا لم يتوقعه البعض ولا حتى القائمون على العمل، وحصل على المرتبة الأولى في نسبة المشاهدة حسب تقرير لقناة "أبو ظبي" التي عرضت المسلسل في شهر رمضان الماضي، ويذكر أن قنوات "إم بي سي"، و"دبي"، و"المغرب"، تستعد لعرض العمل خلال الفترة المقبلة.
وعن لغة الحوار بالدارجة المغربية التي اعتبرها البعض غريبة عن الواقع الخليجي، أكدت الفنانة ميساء مغربي أن "كريمة" تناول اللهجة المغربية بطريقة مبسطة وغير معقدة، على الرغم من أن نسبة كبيرة من الفنانين المشاركين كانوا مغاربة، وأشارت إلى أن اللغة المغربية أقرب ما تكون للغة الفصحى، وتم اعتماد مصطلحات فرنسية لتكون الصورة مقربة من الواقع الإجتماعي كما يعيشه المغاربة أنفسهم.
ووجه البعض أصابع النقد إلى مسلسل "كريمة" وأكدوا بأن العمل يبتعد كثيرًا عن كونه عمل خليجي أو بالأحرى إماراتي على حد تصنيف البعض له، وبرر الناقدون نقدهم بأن "كريمة" أظهر الشخصية الخليجية بصورة فجًّة من حيث الثراء والبزغ والعشق لفتاة مغنية في ملهى ليلي وإنفاق الملايين عليها، مؤكدين بأن العمل بهذه الصورة أعطى انطاباعًا سيئًا عن المجتمع المغربي قبل الخليجي، لكن القائمون على "كريمة" نفوا تلك الإتهامات، مشيرين إلى من يريد النيل من العمل إنما يريد النيل من ذلك الجسر الذى بدأت تفتحه الدراما الخليجية على العالم الآخر.