العيد
لكل قوم عيد
وللمسلمين عيد يوم الفطر وآخر يوم النحر
ولا ثالث لهما
قد كان لأهل المدينة يومان في الجاهلية يحتفلون فيهما
فأبدلهم الله تعالى بهما عيدا الإسلام:
الفطر والأضحى، فليس للمسلمين عيدان سواهما
عن أنس أنه قال
كان لأهل المدينة في الجاهلية يومان يلعبون فيهما،
فلما قدم النبي قال:
{كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الفطر ويوم النحر}
[رواه أبو داود والحاكم والبيهقي بسند صحيح]
آداب العيد
من السنن التي يفعلها المسلم يوم العيد ما يلي
الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة
فقد صح في الموطأ وغيره
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى .
الموطأ 428
وذكر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد
والمعنى الذي يستحب بسببه الاغتسال للجمعة وغيرها من الاجتماعات العامة موجود في العيد بل لعله في العيد أبرز
الأكل قبل الخروج في الفطر وبعد الصلاة في الأضحى
من الآداب ألا يخرج في عيد الفطر إلى الصلاة حتى يأكل تمرات لما رواه البخاري
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ .. وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا . البخاري 953
وإنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانا بالإفطار وانتهاء الصيام
وعلل ابن حجر رحمه الله بأنّ في ذلك سداً لذريعة الزيادة في الصوم ، وفيه مبادرة لامتثال أمر الله .
فتح 2/446
ومن لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح
وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل حتى يرجع من الصلاة فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية ،
فإن لك يكن له من أضحية فلا حرج أن يأكل قبل الصلاة
التكبير يوم العيد
وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى :
ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون
وعن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين ،
قالا : نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام .
وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال :
( كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى )
قال وكيع يعني التكبير .
انظر إرواء الغليل 3/122
وروى الدارقطني وغيره أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى ،
ثم يكبر حتى يخرج الإمام
وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال :
كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام سكتوا فإذا كبر كبروا .
انظر إرواء الغليل 2/121
ولقد كان التكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول الإمام كان أمراً مشهوراً جداً عند السلف وقد نقله جماعة من المصنفين كابن أبي شيبة و عبدالرزاق والفريابي في كتاب ( أحكام العيدين ) عن جماعة من السلف ومن ذلك أن نافع بن جبير كان يكبر ويتعجب من عدم تكبير الناس فيقول :
ألا تكبرون
وكان ابن شهاب الزهري رحمه الله يقول :
كان الناس يكبرون منذ يخرجون من بيوتهم حتى يدخل الإمام
ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد
وأما في الأضحى فالتكبير يبدأ من أول يوم من ذي الحجة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق
صفة التكبير
ورد في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه :
أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
ورواه ابن أبي شيبة مرة أخرى بالسند نفسه بتثليث التكبير .
وروى المحاملي بسند صحيح أيضاً عن ابن مسعود :
الله أكبر كبيراً الله أكبر كبيراً الله أكبر وأجلّ ، الله أكبر ولله الحمد .
أنظر الإرواء 3/126
التهنئة
ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس
فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض :
تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة .
وعن جبير بن نفير ، قال :
كان أصحاب النبي إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض ،
تُقُبِّل منا ومنك .
قال ابن حجر : إسناده حسن . الفتح 2/446
فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخص فيها أهل العلم كالإمام أحمد وغيره وقد ورد ما يدل عليه من مشروعية التهنئة بالمناسبات وتهنئة الصحابة بعضهم بعضا عند حصول ما يسر مثل أن يتوب الله تعالى على امرئ فيقومون بتهنئته بذلك إلى غير ذلك .
ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق والمظاهر الاجتماعية الحسنة بين المسلمين .
وأقل ما يقال في موضوع التهنئة أن تهنئ من هنأك بالعيد ، وتسكت إن سكت كما قال الإمام أحمد رحمه الله : إن هنأني أحد أجبته وإلا لم أبتدئه .
التجمل للعيدين
عن عبد الله بن عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ
فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ
واه البخاري 948
فأقر النبي صلى الله عليه وسلم عمر على التجمل للعيد لكنه أنكر عليه شراء هذه الجبة لأنها من حرير
وعن جابر رضي الله عنه قال :
كان للنبي جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة .
صحيح ابن خزيمة 1765
وروى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه .
فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عنده من الثياب عند الخروج للعيد .
أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب وكذلك يحرم على من أرادت الخروج أن تمس الطيب أو تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة .
الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من آخر
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
كَانَ النَّبِيُّ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ .
رواه البخاري 986
قيل الحكمة من ذلك ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة ،
والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ .
وقيل لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين .
وقيل لإظهار ذكر الله .
وقيل لإغاظة المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه .
وقيل ليقضى حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء
أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل رحمه .
والله أعلم .