المسلسلات التركية ثانية
أبوخالد نازك ضمرة- أمريكا
مراقبة النتائج السلبية لتتابع عرض مسلسلات من أي مجتمع خارجي لا يجب أن يقتصر على المسلسلات التركيه، بل يجب أن يتحمل الإعلام مسئولية التوعية والتوجيه ومواجهة الآثار السلبية قبل حدوثها، فمعظم الشعوب العربية اصبحت على درجة كافية من الوعي والثقافة لتفهم النقد والتوعية والتحذير، وقبل عرض كل حلقة يومية أو أسبوعية يجب أن يشاهدها ناقد ملتزم بتراث الوطن والتقاليد، ويحذر المشاهدين في بدايتها بسطر أو سطرين على الأكثر، من النقطة التي تخالف تقاليدنا وتراثنا وديننا وعقليتنا وطبيعة مجتمعنا، ثم يعاد عرض السطر النصيحة قور آخر جملة من المسلسل، وقبل عرض قائمة المنتج والمخرج .. الخثم علينا أن ننبه الناس، إلى أن الحياة في تركيا ليست كما تعرضه مسلسلاتها، وأعرف شخصياً أن حياة معظم الناس في تركيا لا تختلف كثيراً عن أنماط الحياة في البلاد العربية وخاصة في وسطها وجنوبها وشرقها، ومن لم يصدق، فتركيا قريبة من كل الأقاليم العربية، وأقترح أن يقوم أي شخص بزيارة لتركيا كرحلة استجمام للقادرين عليها وليست مكلفة كما هي لبلد أوربي مثلاً، بقي شمالها الملاصق لأوربا وخاصة استانبول وبعض أحياء العاصمة أنقرة، وكما هو حاصل في معظم العواصم العربية، حيث تجد في العاصمة العربية حياً أو منطقة لا تشعر فيها بأنك في نفس البلد، بل كأنك تعيش في أمريكا أو أوربا. ولقد تناول هذه النقطة الكثير من الكتاب، ويمكن العودة للكتابة عنها لاحقاً.فمعظم المسلسلات والممثلين في المسلسلات التركية يمثلون نمط المجتمع الأوربي في استانبول وأنقرة كواجهة وشهادات للمشاهد الأوربي أن التركي حتى لو كان مسلماً فإنه يعيش حياة متحررة من تقاليد التزمت الإسلامي، بل مثل حياة الأوربي حتى مع كون تركيا دولة مسلمة وشعبها مسلم.ولا ننسى أن تركيا حكمها حزب كمال أتاتورك التركي العلماني لما يقارب الثمانين عاماً بفكر هجين عن المجتمع التركي الإسلامي المتأصل، محاولين قلب الفكر الجمعي إلى نمط غربي أوربي بادعاء أن تركيا هي جزء من أوربا، وأن الإسلام يسبب التخلف في الشعوب المطبقة لتفاصيله وأحكامه. فإذا سبق كل مسلسل كلمات بسيطة ناصحة من فرد معروف توضع الكلمات في فمه بدقة وحرص، لينصح الناس، ويعرفهم أننا عرب ومسلمون، وطبائعنا تختلف ويجب أن تختلف عما نشاهد في المسلسلات من أي بلد.وأخيراً لي تساؤل استفهامي، لماذا تتعرض المسلسلات التركية بالذات للهجوم في بعض المجتمعات العربية في هذا الوقت بالذات، وفي الوقت نفسه تتهافت المحطات الفضائية والتلفزيونية على أفلام ومسلسلات أمريكية وأوربية وروسية وغيرها، بل إنها تكاد تكون هي السائدة والمسيطرة على شاشات العرض في دور السينما والتلفزيون، وهل مثل هذه الأفلام والمسلسلات قريبة من تراثنا وتقاليدنا؟ وفيها نجد القتل والحروب والعري والسماجة والعهر بجرأة وبلا مبالاة، وإقبال طفل عى شنق نفسه، لم يكن وليد تقليد مسلسل تركي، وإنما وكما أعتقد هو نقل وتقليد لما يجري في أفلام هوليوود، فتطبيق الخيال الذي يتم عرضه في الأفلام لا يقتصر على المجتمعات العربية، بل هو موجود وبشكل يومي في المجتمعات الأمريكية نفسها، وهي التي أنتحت مثل تلك الأفلام، ولذلك تحرص المدن والولايات والحكومات ومحطات العرض على تحذير الناس والأسر والأطفال بضرورة مراقبة الفيلم من قبل الوالدين أو تحذير المشاهد بوجود مشاهد غير حقيقية ومرعبة، حتى يفهم المشاهد ويستعد لمثل تلك الأفعال غير الواقعية أو الشاذة.