يعرف علم التكاثر بأنه أحد الفروع التطبيقية لعلم النبات والذى يختص بزيادة إعداد النباتات الاقتصادية للمحافظة عليها جيلاً بعد جيل لمواجهة احتياجات ومتطلبات الإنسان من غذاء وكساء ومسكن.
وهناك طريقتان أساسيتان لإكثار النباتات يمكن إكثار النباتات بواحدة منهما أو بكلاهما وهما:
أ) التكاثر الجنسى أو البذرى Sexual reproduction.
ب) التكاثر اللاجنسى أو الخضرى Asexual or vegetative propagation. |
التكاثر الجنسى Sexual reproduction
|
يتم التكاثر الجنسى عن طريق البذور أو إنبات الجنين الجنسى بالبذور والذى نشأ من اتحاد الجاميطة المذكرة ( بحبة اللقاح ) بالجاميطة المؤنثة ( البويضة التى بداخل المبيض ) وحيث أن العوامل الوراثية تختلف فى كل من الجامطتين فالأجنة تنتج أفراداً تخالف الأبوين. لذلك تستخدم البذور فى إكثار أصول أشجار الفاكهة ونباتات الزينة. ونظراً لأن نجاح وانتشار زراعة الفاكهة يتطلب الاعتماد فى إنتاج أصناف وسلالات خاصة معروفة بجودة صفاتها والتى اعتاد المستهلك عليها ولأن النباتات البذرية لأغلب أصناف الفاكهة تنشأ مخالفة للأم نجد أن استعمال التكاثر البذرى لأغلب أصناف الفاكهة لا يتم إلا فى إنتاج الأصول فقط نظراً لأن نباتات الفاكهة خليطة فى عواملها الوراثية. مع استثناء النباتات التى تنشأ من الأجنة النيوسيلية فى البذور العديدة الأجنة. كما يستخدم التكاثر البذرى فى تجارب التربية لإنتاج الأصناف الجديدة.
وتستخدم التكاثر البذرى دون خوف من إنتاج نباتات مخالفة عن الأبوين فى نباتات الخضر حيث أن أغلبها ذاتية التلقيح أصيلة فى عواملها الوراثية ولا يوجد بها مسببات التلقيح الخلطى مثل اختلاف ميعاد نضج أعضاء التأنيث عن التذكير أو اختلاف طول المياسم عن المتوك أو انفصال الجنس أو انفصال المسكن لذلك فنباتات الخضر ذاتية التلقيح الأصلية فى عواملها الوراثية تنتج نباتات مشابهة للآباء لذا لا يخشى من استخدامها فى عملية التكاثر. |
تقسم البذور عادة إلى قسمين من ناحية التركيب التشريحى:
أ- بذور وحيدة الأجنة: وهى التى عندما تنمو تعطى نبات واحد.
ب- بذور عديدة الأجنة: وهى التى تعطى عند إنباتها عدة بادرات إحداها ناتجة من الجنين الجنسى أما النموات الباقية فتنتج خضرياً من نسيج النيوسيلة وتكون متشابه وراثيا تماما لأنسجة الأم لذا يمكن اعتبار هذه النباتات خضرية التكاثر ولو أنها ناتجة من البذور وتعتبر المانجو والموالح والكازمارو من أشهر الأمثلة لهذه البذور عديدة الأجنة. |
|
التكاثر اللاجنسى والخضرى Asexual or Vegetative propagation
|
هو عبارة عن استعمال جزء خضرى من نبات ما لإنتاج نبات جديد كامل مثل التكاثر بالعقلة والتطعيم والترقيد والخلف والفسائل والمدادات والريزومات والأبصال... الخ. وفى هذه الحالة تظل الصفات الوراثية للنباتات الجديدة مشابهة تماما للأم إلا إذا حدث طفور أو تحورات كيميرية وهى نادرة الحدوث. |
مقارنة بين النباتات البذرية والخضرية
(1) النباتات البذرية أقوى نمواً وتصل إلى أحجام كبيرة عن النباتات خضرية التكاثر.
(2) تتأخر النباتات البذرية فى الوصول إلى طور الإثمار عن النباتات الخضرية نظراً لأن النباتات البذرية يجب أن تمر بمرحلة الطفولة Juvenility قبل أن تصل إلى الإثمار بينما النباتات خضرية التكاثر لا تمر بهذه المرحلة حيث تأخذ الأعضاء الخضرية من نباتات ناضجة ولكن تنمو هذه النباتات لفترة قصيرة نسبياً فقط لتكوين مجموع خضرى ملائم يفى بإنتاج كمية من الكربوهيدرات تغطى احتياجات النبات من النمو والتنفس ويبقى كمية ملائمة تفى باحتياجات النبات لتكوين النموات الزهرية.
(3) تقل نسبة التجانس عادة بين الشتلات البذرية ( من حيث قوة النمو والحجم ) عنها فى النباتات الخضرية، ويمكن التغلب على هذه الظاهرة فى النباتات البذرية بالانتخاب وإزالة الشتلات الضعيفة.
(4) يختلف توزيع الجذور بين النباتات البذرية والخضرية وغالباً ما تكون انتشار الجذور فى النباتات البذرية وتدياً اما فى النباتات الخضرية فيكون سطحياً فيما عدا الأصناف التى تطعم على أصول بذرية. |
|
أولا: التكاثر بالبذورPropagation by seeds |
المقصود بالتكاثر البذرى هو إنتاج فرد أو نبات جديد عن طريق جنين البذرة الجنسى والناتج عن عمليتى التلقيح والإخصاب. وتستخدم البذرة كوسيلة إكثار أساسية فى كثير من المحاصيل البستانية مثل معظم محاصيل الخضر والزهور ونباتات الزينة. ولكن بالنسبة لأشجار الفاكهة فإنه لا ينصح بإتباع التكاثر الجنسى، وذلك للعديد من الأسباب والتى منها مايلى:
(1) إنتاج نباتات تختلف وراثيا فيما بينها، حيث أنه عند تكوين حبوب اللقاح والبويضات من خلال الانقسام الاختزالى، فإن هذا يؤدى إلى حدوث الانعزالات الوراثية ومن ثم تختلف الجاميطات الناتجة عن بعضها فى التركيب الوراثى والذى يؤدى إلى إنتاج نسل يختلف كل فرد فيه عن الآخر، أو بمعنى آخر إنتاج نباتات غير ممثلة للصنف.
(2) أن الأشجار الناتجة عن البذرة غالباً ما تثمر متأخرة عن مثيلاتها الناتجة عن التكاثر الخضرى.
غير أنه يمكن استخدام التكاثر الجنسى لإكثار بعض الفواكه فى حالات محددة هى:
· تزرع البذور لإنتاج أصول تطعم بالأصناف التجارية المرغوبة لزراعتها بالبستان المستديم.
· استنباط أصناف جديدة عن طريق برامج التربية حيث يتم التهجين بين الأنواع والأصناف المختلفة من الفاكهة... ولذلك كان لابد من زراعة البذور الناتجة عن التهجين حتى يمكن الحكم على النسل الناتج منها.
· صعوبة إكثار بعض الأنواع بالطرق الخضرية المعروفة، كما هو الحال فى إكثار أشجار البن والكاكاو وجوز الهند والباباظ، حيث تتكاثر جميعها بالبذرة.
· فى بعض الحالات النادرة جداً نجد أن بعض الفواكه تعطى بذوراً نقية، بمعنى أنه لم يحدث خلط عند تكوين الجنين، أى حدث تلقيحاً ذاتياً، ومن ثم فإن زراعة مثل هذه البذور تعطى شتلات متشابهة مع بعضها ومشابهة للنبات الأم إلى حد كبير، وهذه الحالة توجد فى صنف الخوخ نيماجارد Nemaguard الذى يستخدم كأصل مقاوم للنيماتودا. |
أعلى الصفحة
|
يبدأ تكوين البذرة بعد تمام عملية الإخصاب وبعد تكوين الزيجوت يبدأ نمو البذرة وتكوين أجزاؤها المختلفة ثم تبدأ فى تخزين المواد الغذائية حتى اكتمال نموها. وإذا استمر تكوين البذور وتخزين المواد الغذائية بها دون عائق تكونت بذوراً ممتلئة. |
وتتكون البذرة من الأجزاء الآتية:
(1) الجنين: يعتبر الجنين منشأ لنبات جديد ويتكون غالباً نتيجة لاتحاد الجاميطة المؤنثة المذكرة وقد تحتوى البذرة على أكثر من جنين واحد ويتركب الجنين من السويقة الجنينية السفلى، الفلقات، السويقة الجنينية العليا والريشة والجذير .
(2) الأنسجة المختزنة: تخزن البذور الغذاء اما فى الفلقات أو فى الاندروسبرم أو البرسبرم وتسمى البذور الاندوسبرمية Albuminous أما الغير اندوسبرمية فتسمى Exalbumenous وفى هذه الحالة يخزن الغذاء اما داخل الفلقات أو أحيانا فى البرسبرم الذى ينشأ من النيوسيلة.
(3) الأغلفة البذرية: تتكون من أغلفة البذرة أو بقايا النيوسيلة والاندوسبرم ويتكون غلاف البذرة ( القصرة Testa ) من أغلفة البويضة وهى تتكون من غلاف أو اثنين عادة وغالبا ما يتصلب الغلاف الخارجى ويصبح ذو لون غامق فى حين يظل الغلاف الداخلى شفاف رقيق وتبقى النيوسيلة والاندوسبرم داخل الغلاف الداخلى مكونة فى بعض الحالات طبقة واضحة حول الجنين. | |
إنبات البذرة Seed germination
يتطلب إنبات البذرة توافر ثلاثة عوامل رئيسية هامة وهى:
أ- يجب أن تكون البذور حية بمعنى أن يكون الجنين حى وله القدرة على الإنبات.
ب- عدم وجود البذرة فى حالة السكون وأن يكون الجنين قد مر بمجموعة تغيرات ما بعد النضج وليس هناك موانع كيميائية أو فسيولوجية تعيق عملية الإنبات.
جـ- توافر الظروف البيئية الضرورية للإنبات ومنها الماء ودرجة الحرارة والأكسجين وأحياناً الضوء. |
مراحل الإنبات Stages of germination
يمكن تقسيم عملية الإنبات إلى عدة مراحل منفصلة، وذلك بغرض تفهم كل مرحلة منها على حدة، إلا أنها فى حقيقة الأمر مراحل متداخلة مع بعضها، وهذه المراحل هى:
أ- المرحلة الأولى ( مرحلة امتصاص الماء)
فيها تقوم المواد الغروية فى البذور الجافة بامتصاص الماء مما يزيد من المحتوى الرطوبى للبذور، ويعقب ذلك انتفاخ البذور وزيادة أحجامها وقد يصاحب هذا الانتفاخ تمزق أغلفة البذرة. وتجدر الملاحظة هنا أن عملية امتصاص الماء وانتفاخ البذرة يمكن أن تحدث حتى مع البذور الغير حية. وعقب امتصاص الماء وانتفاخ البذور يبدأ نشاط الأنزيمات التى تكونت أثناء تكوين الجنين، وكذلك تخليق بعض الأنزيمات الجديدة. كما تنشط بعض المركبات الكيميائية الخاصة بإنتاج الطاقة اللازمة لعملية الإنبات مثل (ATP) أو الأدينوزين ثلاثى الفوسفات.
وفى نهاية هذه المرحلة يمكن مشاهدة أولى مظاهر الإنبات والتى تتمثل فى ظهور الجذير والذى يظهر كنتيجة لاستطالة الخلايا أكثر من كونه نتيجة للانقسام الخلوى. وعادة ما يظهر الجذير من البذور الغير ساكنة خلال عدة ساعات أو أيام من الزراعة .
ب- المرحلة الثانية (مرحلة هضم المواد الغذائية)
يحدث فى هذه المرحلة تحول المواد الغذائية المعقدة مثل الكربوهيدرات والدهون والبروتينات المخزنة فى الأندوسبيرم أو الفلقات الى مواد بسيطة والتى تنتقل إلى نقط النمو الموجودة بمحور الجنين، والتى يسهل على الجنين تمثيلها . |
جـ- المرحلة الثالثة (مرحلة النمو):
وفى هذه المرحلة يحدث نمو البادرة الصغيرة كنتيجة لاستمرار الانقسام الخلوى الذى يحدث فى نقط النمو المختلفة والموجودة على محور الجنين. وبتقدم مراحل النمو تأخذ البادرة الشكل الخاص بها. ويتكون الجنين من المحور الذى يحمل واحدة أو أكثر من الأوراق الفلقية، والجذير الذى يظهر من قاعدة محور الجنين، بينما تظهر الريشة من الناحية العلوية لمحور الجنين فوق الأوراق الفلقية. ويقسم ساق البادرة إلى السويقة الجنينية العليا والتى توجد أعلى الفلقات، والسويقة الجنينية السفلى التى توجد أسفل الفلقات . | |
| |
| ويأخذ إنبات البذور صورتين مختلفتين هما:
· الإنبات الهوائى: وفيه تنمو السويقة الجنينية السفلى إلى أعلى، حاملة الفلقات لتظهر فوق سطح التربة، كما فى حالة إنبات بذور الكريز.
· الإنبات الأرضى: وفى هذه الحالة تنمو السويقة الجنينية السفلى إلا أنها لا تتمدد بالقدر الذى يسمح برفع الفلقات فوق سطح التربة ولكن الذى يظهر فوق سطح التربة هى السويقة الجنينية العليا، كما هو الحال عند إنبات بذور الخوخ .
|
|
سكون البذرة Seed Dormancy
لقد حبا الله البذرة القدرة على تأخير أو تأجيل إنباتها حتى يتهيأ لها الوقت الملائم والظروف البيئية المثلى وذلك لضمان بقاء الأنواع النباتية جيلاً بعد آخر. هذه الميكانيكية خاصة بالنسبة للأنواع النباتية التى تتواجد بالمناطق الصحراوية أو المناطق الباردة حيث تكون الظروف غير ملائمة لإنبات البذور عقب نضجها أو جمعها مباشرة. وقبل تناول هذا الموضوع يجب أن نفرق بين سكون البذرة الناتج عن عدم توافر الظروف الضرورية للإنبات وهذا ما يطلق عليه Quiescence وبين السكون الحقيقى true dormancy والذى يمكن تعريفه بأنه عدم قدرة البذور الحية على الإنبات حتى مع توافر الظروف المثلى والملائمة لذلك، أى يرجع هذا النوع من السكون إلى عوامل داخلية خاصة بالبذرة نفسها. وهناك نوعان من السكون هما:
أ - السكون الأولى: Primary dormancy
وعادة ما يحدث هذا النوع من السكون بالبذرة أثناء نضجها على النبات.
ب- السكون الثانوى: Secondary dormancy
وهذا النوع من السكون يحدث للبذرة بعد جمعها وفصلها عن النبات الأم. ويحدث هذا السكون نتيجة لتأثير واحد أو أكثر من العوامل البيئية. |
أولاً: السكون الأولى Primary dormancy
وهو أكثر أنواع السكون شيوعاً. ويحدث السكون الأولى نتيجة لعدد من العوامل الطبيعية والفسيولوجية، وهذه العوامل يمكن إجمالها فيما يلى:
1- السكون الراجع إلى أغلقة البذرة Seed coat dormancy
وفى هذه الحالة يقوم غلاف البذرة بالدور الهام فى عدم إنباتها وقد يرجع ذلك إلى :
أ- السكون الطبيعى Physical dormancy
ويتمثل فى وجود غلاف البذرة الصلب والذى لا يسمح بنفاذية الماء، والسكون هنا لا يرجع إلى سكون الجنين، وهذه الظاهرة توجد فى بذور كثير من العائلات النباتية مثل العائلة البقولية والعائلة النجيلية والباذنجانية وغيرها وكثير من النباتات الخشبية.
ب- السكون الميكانيكى Mechanical dormancy
يتمثل فى وجود الأغلفة الصلبة التى تمنع تمدد الجنين خلال عملية الإنبات. ولاشك أن وجود هذا العامل يؤخر من إنبات البذرة. وتوجد هذه الحالة فى كثير من الأنواع النباتية مثل الجوز والفواكه ذات النواة الحجرية (خوخ، مشمش.. الخ). ولقد لوحظ أن الغلاف الصلب (الأندوكارب) المحيط ببذور الخوخ يقلل من معدل امتصاص الماء ومن ثم يؤخر من التخلص من المواد المثبطة للإنبات والموجودة فى أنسجة البذرة.
جـ - السكون الكيميائى (المواد المثبطة للإنبات) Chemical dormancy
ويرجع سكون البذرة فى هذه الحالة إلى وجود مواد كيميائية يطلق عليها مثبطات الإنبات توجد فى أنسجة الثمرة وأغلفة البذرة. ولقد لوحظ أن عصير مثل هذه الثمار يثبط إنبات البذور بشدة. وتوجد هذه الظاهرة فى كثير من الأنواع النباتية مثل الموالح (الحمضيات) والقرعيات والثمار ذات النواة الحجرية والتفاح والكمثرى والعنب والطماطم. ومن أمثلة المواد المثبطة للانبات بعض المركبات الفينولية والكومارين Coumarin وحمض الأبسيسك Abscisic acid .
د- الأغلفة غير المنفذة للغازات Impermeability of seed coats to gases
على الرغم من أن الماء والأكسجين تتكون من جزئيات صغيرة، إلا أن أغلفة البذرة تتميز بوجود ظاهرة الاختيارية بالنسبة لنفاذية هذه الجزئيات من خلالها، فهى تسمح بمرور جزيئات الماء بينما تمنع مرور جزيئات الأكسجين الضرورى لعملية الإنبات. وظاهرة النفاذية الاختيارية توجد فى بذور بعض النباتات مثل الشبيط والتفاح والبسلة. وتجدر ملاحظة أن انخفاض معدل نفاذية الأكسجين أو زيادته من خلال أغلفة البذرة يرتبط ببعض العوامل الأخرى. فقد لوحظ أن أغلفة بذور التفاح لم تسمح بنفاذ الأكسجين فى حين حدث امتصاص البذرة للماء وانتفاخها على درجة حرارة20 درجة مئوية، بينما يزداد معدل نفاذية الأغلفة للأكسجين عندما تكون درجة حرارة الوسط الذى تم فيه امتصاص البذرة للماء 4درجة مئوية.
كما أن هناك بعض البذور تختلف درجة نفاذيتها لغازى الأكسجين وثانى أكسيد الكربون. فقد وجد Brown 1940 أن الغلاف النيوسيلى الداخلى لبذرة الخيار يسمح بنفاذية أكبر لغاز ثانى أكسيد الكربون ( 15.5مل/سم2/ ساعة ) عن غاز الأكسجين ( 4.3مل/سم2/ ساعة ) . |
2- السكون المورفولوجى Morphological dormancy
ويوجد هذا النوع من السكون فى بعض العائلات النباتية التى تتصف بذورها بعدم اكتمال نمو الأجنة وقت جمع البذور، ومن ثم يلزم استكمال نمو هذه الأجنة عقب فصل البذور وجمعها وقبل الإنبات. وقد يرجع السكون فى هذه الحالة إلى وجود الحالات التالية :
أ- الأجنة الأثرية
الأجنة الأثرية عبارة عن أجنة غير متكشفة وقت نضج الثمار. فهناك بعض البذور تحتوى على أجنة غير متكشفة وعادة ما تكون هذه الأجنة صغيرة جداً ومطمورة بين الأنسجة المغذية كالاندوسبيرم كما هو الحال فى بذور المانوليا magnolia وبذور كثير من الزهور وأبصال الزينة مثل الأنيمون وشقائق النعمان والأوركيد. وبالإضافة لوجود الأجنة الأثرية فقد توجد أيضاً مواد مانعة للإنبات فى الأندوسبيرم المحيط بهذه الأجنة. ويمكن إجراء بعض المعاملات التى من شأنها أن تدفع الجنين على النمو مثل تعريض البذور لدرجة حرارة 15درجة مئوية أو أقل، وتعريض البذور لدرجات حرارة مختلفة (مرتفعة أو منخفضة) فى تتابع، أو معاملة البذور ببعض المواد الكيماوية مثل نترات البوتاسيوم أو حمض الجبريليك.
ب- الأجنة غير مكتملة النمو
فى بعض الحالات تحتوى البذور على أجنة غير مكتملة النمو بحيث نجد أن الجنين لا يشغل سوى نصف فراغ البذرة وذلك عند نضج الثمار ومن ثم لابد أن ينمو الجنين ليشغل هذا الفراغ قبل الإنبات. وتوجد هذه الحالة فى بعض نباتات العائلة الخيمية Umbelliferae مثل الجزر وبعض نباتات العائلة Ericaceae مثل الأزاليا Rhodidendron وهناك عدد من الأنواع النباتية وخاصة وحيدة الفلقة منها والتى تنمو فى المناطق الاستوائية توجد ببذورها مثل هذه الظاهرة. أى تحتوى بذورها على أجنة غير مكتملة النمو، ويمكن المساعدة فى اكتمال نمو الجنين وتمدده وذلك بتعريض البذور لدرجات حرارة مرتفعة حتى يحدث الإنبات. فعلى سبيل المثال نجد أن بذور بعض الأنواع المختلفة من النخيل تحتاج إلى فترة طويلة قد تصل إلى عدة سنوات حتى يحدث بها الإنبات، ولكن يمكن اختصار هذه المدة إلى ثلاثة أشهر فقط وذلك بتعريض البذور لدرجة حرارة تتراوح مابين 38- °40م، أو يمكن أن يحدث الإنبات خلال 24 ساعة وذلك بفصل الأجنة وزراعتها على بيئات ملائمة. ويمكن معاملة البذور بحمض الجبريليك بتركيز 1000جزء فى المليون وهذه المعاملة تسرع من إنبات بذور النخيل، غير أن أغلفة البذرة تحتاج إلى معاملات خاصة لضمان دخول وتغلغل حمض الجبريليك. |
|
3- السكون الفسيولوجى Physiological dormancy
وهذا النوع من السكون يتحكم فيه عدة عوامل داخلية خاصة بأنسجة البذرة نفسها. فكثير من بذور النباتات العشبية التى تنمو بالمناطق المعتدلة تتميز بذورها بالسكون الفسيولوجى الذى يكون واضحاً عقب جمع البذور والذى يختفى تدريجياً خلال نقل وتداول البذور وتخزينها تخزيناً جافاً. وقد تمتد فترة السكون فى مثل هذه البذور من 1- 6 أشهر .
وعندما تكون البذور ساكنة فسيولوجياً فإنها تحتاج لكى تنبت إلى عدة عوامل بيئية خاصة تختلف عن تلك العوامل المطلوبة للإنبات فى حالة عدم سكون البذرة. فبذور الأمرنتس الطازجة يمكنها أن تنبت فقط على درجات الحرارة المرتفعة ( °30م ) فى حين أن بذور الخس يثبط إنباتها عند درجات حرارة أعلى من °25م. كما أن بذور بعض الأنواع النباتية تحتاج إلى الضوء حتى تستطيع الإنبات مثل الخس، بينما بذور بعض الأنواع الأخرى تحتاج إلى فترات إظلام حتى يحدث الإنبات.
ويعتقد بأن السكون الفسيولوجى للبذرة وعلى وجه العموم ينظم بمدى التوازن بين كل من مثبطات ومنشطات النمو الداخلية. ويعزى السكون إلى وجود المواد المثبطة أو غياب المواد المنشطة للنمو، أو لمدى العلاقة بين الاثنين. ويتأثر مستوى هذه المواد سواء أكانت مثبطات أو منشطات بعدد من العوامل البيئية الخارجية مثل الضوء والحرارة. ولتوضيح العلاقة بين هذه المواد وكيفية تنظيمها لحدوث السكون من عدمه فقد أقترح Khan 1971 أن هناك ثلاثة أنواع من الهرمونات النباتية تتحكم فى هذه الميكانيكية. النوع الأول وهو الجبريلين وله تأثير تنشيطى على الإنبات. ولكى يحدث الإنبات لابد من وجود الجبريلين، غير أنه فى وجود المواد المثبطة (النوع الثانى) يختفى التأثير التنشيطى للجبريلين أما النوع الثالث من الهرمونات فهو السيتوكينيين ويعمل على كسر السكون عن طريق منع المواد المثبطة من إظهار تأثيراتها، ومن ثم فإنه إذا وجدت المواد المثبطة فى حالة غير منشطة فإن السيتوكينين لا يصبح له أى دور فى كسر سكون البذرة حيث أن هذه هى وظيفة الجبريلين . |
4- سكون الجنين Embryo dormancy
ويرجع سكون البذرة فى هذه الحالة إلى أن الجنين نفسه فى مرحلة سكون، والدليل على ذلك أنه إذا ما فصلت مثل هذه الأجنة لتنميتها على بيئات معقمة لا يمكن أن تنبت بحالة طبيعية. وهذه الظاهرة توجد فى بذور العديد من أنواع نباتات المناطق المعتدلة. ويلزم لكسر هذا النوع من السكون وتحرير الأجنة منه، أن تعرض البذور لدرجة حرارة منخفضة ورطوبة لفترة معينة من الزمن تحدث خلالها عدة تغيرات تؤدى إلى الإنبات وهذه التغيرات يطلق عليها تغيرات بعد النضج.
وتعرض البذور لدرجات حرارة منخفضة ورطوبة مناسبة مع وجود التهوية الجيدة لفترة زمنية تطول أو تقصر حسب الأنواع. كل هذه الاحتياجات يمكن الإبقاء بها عن طريق ما يطلق عليه الكمر البارد Cold stratitication وفيه توضع البذور فى طبقات متبادلة مع طبقات من الرمل أو نشارة الخشب المنداه فى صوان أو صناديق، ثم تخزن فى الثلاجة على درجة حرارة منخفضة (2-7°م) لفترة زمنية تختلف باختلاف الأنواع النباتية، ويحدث خلالها تغيرات ما بعد النضج.
وبذور الأنواع النباتية التى بها هذا النوع من السكون، تحتاج إلى برودة عالية لمدة تتراوح من 1-4 أشهر لكى يحدث الإنبات. علاوة على ذلك فإنه عند فصل أجنة هذه البذور وتنميتها على بيئات مغذية، فهى عادة لا تنبت بحالة طبيعية بل تظهر درجات مختلفة من أعراض السكون. فقد تتمدد الفلقات ويحضر لونها مع خروج جذير قصير وسميك، كما لا يحدث نمو أو استطالة للسويقة الجنينية العليا. ويمكن استخدام هذه المظاهر البسيطة للحكم إلى حد ما على مدى حيوية هذه البذور الساكنة.
ولكسر هذا النوع من السكون يجب توافر الظروف التالية:
1- امتصاص البذرة للماء وانتفاخها.
2- تعريض البذور للبرودة ( ليس من الضرورى أن تكون على درجة التجمد ).
3- التهوية الجيدة.
4- الوقت الكافى. ولحدوث تغيرات ما بعد النضج، لابد للبذور من امتصاص الماء حيث لوحظ أن البذور ذات الأغلفة الصلبة ( مثل الخوخ والمشمش... الخ ) تمتص الماء ببطء شديد مما يؤدى إلى زيادة الفترة اللازمة لحدوث التغيرات المطلوبة. وخلال تعرض البذرة لدرجة الحرارة المنخفضة، نجد أن المحتوى الرطوبى الداخلى بالبذرة يظل ثابتاً تقريباً أو ربما يرتفع هذا المحتوى تدريجياً، ولكن بنهاية السكون ومع بداية الإنبات يبدأ الجنين فى امتصاص الماء بسرعة. ويجب ملاحظة أن نقص المحتوى الرطوبى للبذور خلال عملية الكمر البارد يؤدى إلى حدوث آثار سيئة. فالجفاف قرب نهاية الكمر البارد يمكن أن يؤدى إلى الأضرار بالجنين.
كذلك فإن جفاف البذور خلال عملية الكمر البارد يؤدى إلى إيقاف تغيرات ما بعد النضج، علاوة على أنه يؤدى إلى ما يسمى بالسكون الثانوى ( سيأتى ذكره فيما بعد ).
تعتبر الحرارة من أهم العوامل التى تؤثر على معدل حدوث تغيرات ما بعد النضج خلال فترة كمر البذور. وقد وجد أن أنسب درجات حرارة والتى يمكن عندها كسر السكون وحدوث التغيرات المختلفة تتراوح بين 2- °7م. وقد تحدث درجات الحرارة الأقل أو الأعلى من هذا المدى نقصاً فى معدل تغيرات ما بعد النضج. وقد تؤدى درجات الحرارة المرتفعة إلى فشل الإنبات وحدوث السكون الثانوى. وقد وجد أن تعريض بذور التفاح لدرجة حرارة °17م يحدث عندها توازن بين العمليات المؤدية الى تغيرات بعد النضج وتلك المسئولة عن السكون الثانوى. وتسمى هذه الدرجة من الحرارة بحرارة التعويض Compensation temperature. واستجابة بذور التفاح للإنبات تختلف باختلاف درجات الحرارة التى عرضت لها البذور، فعند درجات الحرارة المنخفضة كان إنبات البذور بطيئاً، ولكن نسبة الإنبات كانت مرتفعة، بينما عند درجات الحرارة المرتفعة زاد معدل الإنبات غير أن نسبة الإنبات انخفضت، وهذا الانخفاض فى نسبة الإنبات يزداد كلما ارتفعت درجة الحرارة.
ولابد من توافر التهوية الجيدة حول البذور أثناء عملية الكمر البارد إذ أن ذلك يؤدى إلى حدوث تغيرات ما بعد النضج بحالة طبيعية. ويختلف طول فترة بعد النضج باختلاف الأنواع أو الأصناف التابعة لنفس النوع. وقد تمتد هذه الفترة من 1-3 أشهر، إلا أنها قد تزداد إلى 5 أو 6 أشهر فى بعض الأنواع النباتية الأخرى . |
5- سكون السويقة الجنينية العليا Epicotyl dormancy
فى بعض الحالات نجد أن البذور تحتاج إلى عمليات كمر بارد منفصلة لكل من الجذير والسويقة الجنينية السفلى والسويقة الجنينية العليا. ويمكن تقسيم الأنواع التى تقع تحت هذا القسم الى مجموعتين هما :
أ- بذور يمكن تنشيط إنباتها وذلك بتعريضها لوسط دافئ لفترة تختلف من 1-3 أشهر، وهذه المعاملة تنشط نمو الجذير والسويقة الجنينية السفلى، وبعد ذلك تحتاج البذور للتعرض للبرودة لمدة تتراوح بين 1-3 أشهر أيضاً حتى يمكن للسويقة الجنينية العليا أن تنمو بحالة طبيعية.
ب- وفى هذه المجموعة تحتاج البذور للكمر البارد لأحداث تغيرات بعد النضج فى الجنين، ثم يعقب ذلك تعريض البذور لفترة دفئ للسماح للجذير بالنمو ثم تعرض مرة ثانية لفترة برودة حتى ينشط النمو الخضرى. وفى الطبيعة نجد أن بذور مثل هذه الأنواع تحتاج إلى موسمى نمو كاملين حتى يكتمل إنباتها. |
6- وجود نوعين من السكون Double dormancy
فى بعض الحالات يوجد بالبذرة أكثر من نوع واحد من السكون، فمثلاً فى بعض الحالات تتميز البذرة بالأغلفة الصلبة الغير منفذة للماء، هذا بالإضافة إلى سكون الجنين نفسه، ولتشجيع البذور على الإنبات لابد من كسر كلا نوعى السكون. فيمكن معاملة أغلفة البذرة ببعض المعاملات التى تسمح للماء بالمرور من خلاله إلى الجنين، ثم تحدث تغيرات بعد النضج التى من شأنها كسر سكون الجنين. وأفضل طريقة للتخلص من سكون هذه البذور هو إجراء كمر دافئ لبضعة أشهر تنشط خلاله الأحياء الدقيقة لتحلل غلاف البذرة ثم يعقب ذلك كمر بارد.
هذا النوع من السكون يوجد فى بذور الأنواع الشجرية والشجيرية والتى تنمو فى المناطق الباردة حيث تتميز بذورها بوجود الأغطية الصلبة. وفى الطبيعة تلعب العوامل البيئية دوراً هاماً فى كسر هذا السكون حيث أنه عند سقوط البذور على سطح الأرض يحدث كسر للسكون الطبيعى (الناشئ عن أغلفة البذرة) حيث تحدث ليونة أو تطرية فى هذه الأغطية، ثم بتعرض البذور لبرد الشتاء تحدث تغيرات بعد النضج.
يتبع |